علي المطاعني- الشبيبة العمانية-
في خضم الاهتمام الذي توليه الحكومة بالمرأة العمانية، وما تحظى به من رعاية كبيرة على مختلف الأصعدة والمستويات، وإيمانا منها بالأهمية التي تمثلها المرأة في المجتمع، والدور الذي تضطلع به، فإن المرأة العمانية بحاجة إلى جهة تتولى شؤونها، لأنها ذات أهمية كبيرة في المرحلة القادمة كإقامة مجلس أعلى للمرأة العمانية يعتني بكل شؤونها من كافة الجوانب الخاصة، وتمكينها من المشاركة السياسية بمختلف أوجهها في السلطنة، والاهتمام بقضايا المرأة المعاصرة وتعزيز دورها في قطاع الأعمال، مما يفرض وجود مؤسسة تعنى بنصف المجتمع تعزز مكانتها ودورها في المجتمع بشكل أفضل مما هو عليه الآن.
فبلا شك إن الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - ورعاه بالمرأة منذ بواكير النهضة المباركة أسهم بشكل كبير جدا في وصول المرأة لما وصلت إليه من اهتمام ورعاية جعلتها تتبوأ أعلى الرتب بالدولة وتشارك بفعالية في المجتمع في كل المجالات، أسوة بأخيها الرجل، فإحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير إلى أن نسبة مشاركة المرأة في مجلس الدولة تبلغ 18 بالمائة وهي نسبة عالية عالميا، ونسبة مساهمة المرأة في أجهزة الدولة تبلغ 47 بالمائة من الموظفين، والدولة مكنتها من كل المناصب الرفيعة كوزيرات ووكيلات وسفيرات ومندوبات للسلطنة في المؤسسات الدولية، وهذا بالطبع مصدر اعتزاز للمرأة، إلا أن القاعدة الرئيسية التي تنطلق منها المرأة بشكل عام تحتاج إلى مؤسسة تسهم في تطوير القيادات النسائية في البلاد، وتعالج التحديات التي تواجهها المرأة العمانية سواء على الصعيد المجتمعي وإشكالياته الكثيرة التي تعيق تقدم المرأة أو قضايا المرأة لدى الجهات الحكومية، فضلا عن تطوير التشريعات التي تسند للمرأة، فبدون جهة متخصصة للمرأة والطفل يظل الاهتمام الرسمي في البلاد بالمرأة دون تنظيم يسنده ويعززه ودون ما نتطلع إليه من دور للمرأة في المجتمع.
إن وجود جهة تعنى بالمرأة العمانية والطفل سوف يسهم في مراجعة الأطر والقوانين التي تحفز المرأة والطفل، وتحسن كل التشريعات التي تسهم في تمكين المرأة ورعايتها في كافة أجهزة الدولة، وفق النظم الدولية الخاصة بالمرأة، مع مراعاة واقع المجتمع وتقاليده، ووجود جهة مختصة بالمرأة سوف تعمل على الاهتمام بها في كل الولايات من خلال جمعيات المرأة وتطويرها وتعزيز دورها، فاليوم هناك جمعيات للمرأة ومبان شيّدت بتوجيهات سامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - لكن بقي دور هذه الجمعيات بسيطا وأعمالها بدائية تفتقر للتوجيه والتطوير، ووجود مجلس أعلى للمرأة العمانية بالطبع سوف يأخذ على عاتقه تطوير العمل في هذه الجمعيات ويمكنها من لعب دورها وفق مرئيات وأفكار جديدة ستعود بالفائدة على الفرد والمجتمع.
فمن محاسن وجود هيئة أو مجلس للمرأة كذلك تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل التي مازالت متدنية، وتحفيزها على ريادة الأعمال من خلال أفكار ومشاريع ورعاية قد تسهم في امتصاص نسب الباحثات عن عمل وتوجيه الفتيات للأعمال الحرة، وبالتالي رفع نسب المرأة العمانية في مجتمع الأعمال والاقتصاد في البلاد، هذه النسب والإحصائيات كلها ملاحظة من المؤسسات الدولية في ممارسة المرأة للعمل الاقتصادي، تعزز المشاركة التي ستعود بالخير للاقتصاد والمرأة على وجه الخصوص.
وعلى الرغم من إتاحة المجال للمرأة العمانية المشاركة السياسية في كل المجالس الانتخاببة، إلا أن المرأة مازالت تعاني سبر أغوار العمل السياسي بشكله الواسع، فنسبة المرأة في مجلس الشورى لا تتجاوز 1.2 بالمائة من مجمل أعضاء المجلس، والمجالس البلدية صفر بالمائة وجمعيات المجتمع المدني قليلة والأندية أقل، وغيرها ، فهذا الجانب يحتاج من المرأة المزيد من التهيئة والمساندة من خلال جهة تعزز مشاركتها وتصقل مهاراتها وتقدم للمجتمع قيادات قادرة على المساهمة من خلال المجالس الانتخابية، فضلا عن المشاركات الخارجية في الهيئات والمؤسسات الدولية التي تتطلب العمل من خلال الانتخاب، فما زالت المرأة العمانية لم تصل إلى سلم هذه المحافل وكل ذلك وغيره يرجع إلى الرعاية المنظمة التي تبلور جهود الاهتمام في مؤسسة معتمدة للمرأة.
ومن الأمور المهمة التي قد تعنى بها هذه المؤسسة للمرأة هو رفع الاضطهاد المجتمعي أو بعض أشكاله عن المرأة، فكثيرا ما نسمع عن حالات كالزواج المبكر والضرب وسلب الحقوق والأحوال الشخصية وغيرها، والمرأة غير واعية بالقنوات التي تتخذها لنيل حقوقها وكيفية التعاطي معها.
الأمر الآخر هناك حقوق كثيرة للمرأة العمانية كغيرها من بنات جنسها في العالم كحق التملك وحقها في الضمان الاجتماعي وتولي المناصب القيادية والأحوال الشخصية، وحقها في الاستثمار، فلا بد من وجود مؤسسة تعنى بها تبلور كل الحقوق الخاصة بها وتعمل على نيلها كأسس للمساواة، لأن بعض الأطر ناقصة وبعضها يتعهارض مع حقوق المرأة.
بالطبع الجهود التي تعنى بالمرأة العمانية كبيرة ومقدرة على كافة الأصعدة والمستويات مشرفة لكن نحتاج إلى بلورة لها في منظمة أوهيئة تعنى بها أكثر، وتعزز منها بشكل أكثر تنظيما وتعمل على حفز مشاركتها في كل أوجه الحياة بالسلطنة والارتقاء بدورها.
نتطلع أن تكلل هذه الجهود الخاصة بالمرأة في السلطنة بهيئة عالية للمرأة أو مجلس أو وزارة بما يسهم في تمكينها أكثر والاهتمام بها بشكل أفضل، فليس ذلك بكثير على نصف المجتمع في بلادنا.