زهير ماجد- الوطن العمانية-
كان الميثاق المصري إبان المرحلة الناصرية ينص على أن “حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية”، هو التعبير الذي يضمن حق الشعوب في أن تفكر ما تريد وأن تحلم في التعبير الذي تراه مناسبا لطموحاتها. كل امريء في هذا العالم يجد حريته في الكلمة التي يقولها او يسعى لأن تكون نطقه.
ومع أهمية أن تكون الكلمة حرة، إلا أنها تخضع وفي أكثر الأنظمة ديمقراطية الى ان يكون كل معبر عنها رقيبا ذاتيا بالدرجة الأولى .. كل نظام يضع حدودا لمشروعه الإعلامي وخاصة في مايخص نطق السياسات من على منصاته الإعلامية. ربما مازلنا نتذكر جوبلز ومدرسته في تكرار الكذب الذي كان يؤدي الى تصديق الكذبة في النهاية. في حين كان الإعلام في الاتحاد السوفييتي وإبان المرحلة الستالينية مقننا يمر من مأسورة واحدة، حتى أن البعض في الغرب كان يسخر من ان افتتاحية جريدة ” البرافدا ” السوفييتية لا تتغير فيها سوى العناوين.
اصعب مايواجهه الكاتب ان يحسب ألف حساب لكلماته، او ان يتذكر دوما ان هنالك كاتما للصوت موضوعا على طاولته إن هو أخطأ في ما يكتب. هذا الوصف قد نجده وحتى اليوم، صار للكلمة ميزان خاص ومراعاة لظروف هذا البلد او ذاك .. اذكر ان احدى المجلات اللبنانية الناجحة كانت قبل الحرب الأهلية في الستينات والسبعينات تصنع صفحات ملائمة لكل بلد معين، بحيث تكون المجلة بموضوعاتها من اجل هذا البلد او ذاك. هذا النوع من التعبير كنا نسأل عنه فكان يقال لنا انه من اجل ادخالها الى الأقطار العربية كافة، في الوقت الذي لم تدخل فيه مجلات ذات انتماء معين الى اقطار عربية عشرات السنين، حتى انه كنا نسأل مواطني ذلك البلد عما اذا كان يعرف بوجود تلك المجلة المنتمية فكان يتفاجأ بأنه لم يسمع بها في بلده اطلاقا.
لاشك ان الاعلام اليوم منوع ولكل منه قضيته وأفكاره .. ما يهم هذا القطر لايهم القطر الآخر، مايشغل بال هذا الشعب، لايشفل بال شعب آخر، هنالك من يتذمر من كلمة او جملة، فيما الآخر يجدها بردا وسلاما وهي المطلوبة بالنسبة اليه.. حقل الغام امام الكاتب، صعوبة النطق بالحقيقة تلازمه كيفما حاول ان يكتب، علامات استفهام وتعجب تختال في رأسه وهو يحاول المرور بين نقاط الكلمات التي تكون الجمل ولكل جملة معناها ومقاصدها وما تشير اليه .. ثم هنالك الأسلوب المباشر ، اما الأخطر فذاك الأسلوب غير المباشر او المبطن بتعابير تخضع لاكثر من تفسير ، ويرى فيها الرقيب عادة ايحاءات تقترب من قطره، فيقوم بمنع المطبوع، ومنع الكاتب مستقبلا من الدخول الى بلده.
لا إعلام بالتالي حيث لا حرية .. في هذا الوطن العماني الجميل، من يطلع على شتى وسائل التعبير من صحف ومجلات وإذاعات وغيره سيرى اعلاما سيدا بحريته .. فالفرق كبير بين الالتزام الوطني بحرية التعبير وبين التعدي على الوطن او على افكار الآخرين. في كل الآحوال، لا من الاعتراف بأن مشاعر الكاتب لها ضوابط ايضا وأن لكتابة الفكرة اكثر من اسلوب واجتهاد للتعبير عنها.