على بن راشد المطاعني- الشبيبة العمانية-
في الوقت الذي نتوقع أن يكون لدى قطاع النفط القدرة على تحمل الصدمات و الأزمات الاقتصادية باعتباره والشركات العاملة به مؤسسات كبيرة و قادرة على الصمود في وجه التحديات أيا كانت، ويضم إستثمارات كبيرة إستفاد منها المستثمرون العاملون في هذا القطاع ، و المقاولون على اختلاف فئاتهم و شرائحهم، إلا انه فاجأ الجميع بتسريح القوى العاملة الوطنية بشكل جماعي و غير مسبوق في البلاد ، رغما عما يبديه من مبرارات إلا أنها غير دقيقة في الكثير من الأحوال ، و مخالفة لما يبديه العاملون الذين يؤكدون استمرارية العمل في الحقول و الآبار التي فصلوا على أساسها و جلبت ايدي عاملة وافدة محلهم .
ويبدو أن تلك الشركات رغبت في استغلال أزمة إنخفاض أسعار النفط لتتخلص من الكوادر الوطنية كأول الضحايا الذين يجب تقديمهم ككبش فداء، خاصة و إن بعض الشركات استغلت تعمين الوظائف لجلب القوى العاملة الوافدة كنوع من المناورات التي تستخدم للمساومة في الإلتفاف للحصول على مأذونيات، الأمر الذي يجب مناقشته باستفاضة من اللجنة الوزارية المشكلة من مجلس الوزراء بشكل دقيق يضع الأمور في نصابها الصحيح ، بحيث يكون الجميع مسؤولون عن قرارتهم.
إن الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها لا تتوقف فقط عند حدود قطاع النفط ، وإنما إذا عطس النفط فالكل يصاب بالزكام، فكل القطاعات الاقتصادية تتأثر بشكل و بآخر من جراء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية و تأثيراته على اقتصاديات الدول ، إلا إننا لم نسمع ما نسمعه في قطاع النفط للأسف ، رغم ضآلة عدد هذه الشركات و المستثمرين فيها و حتى المقاولين مع حجم و ملاءة الشركات النفطية في السلطنة و دول العالم ، الأمر الذي من الطبيعي إن يثير استغراب الكثيرين الرغبة في تسريح القوى العاملة الوطنية بشكل ممنهج للأسف ، في حين أن هذه الشركات لم تطرد عاملاً وافداً.
إن الأزمات الاقتصادية التي ضربت قطاع البنوك في العام 2009، إضافة إلى الإنهيارات التي صاحبت هذه الأزمة، لم تنعكس على العاملين في مصارفنا الوطنية والأجنبية العاملة في السلطنة، بل ظلت هذه البنوك تحتفظ بعمالتها وترفع من المزايا للاحتفاط بها ، في حين نرى هرولة شركات المقاولات النفطية في الاستغناء عن الكوادر الوطنية لأمر في نفس يعقوب كما يقال ، وهو تمكين القوى العاملة الوافدة والضغط علئ الحكومة في الحصول على مشاريع أكثر وعقود أخرى عن التي لديها وهو مخطط معروف ومكشوف.
لعل توجيه إحدى الشركات الكبيرة العاملة في السلطنة رسالة إلى وزارة القوى العاملة تحذر فيها من فصل 300 عامل عماني من أصل 682 عامل يعملون بالشركة هو سلوك غريب وغير مبرر، أي أن الشركة سوف تفصل 50 بالمائة العمالة الوطنية لديها ،وفق المادة 37 من قانون العمل العماني، و عزت الشركة فصل الكوادر الوطنية إلى عدم حصولها على مشاريع حكومية جديدة و خصوصا في مناطق الامتياز الصحراوية ، فإذا كانت هذه الشركة التي تعد من الشركات الكبيرة في البلاد، و لديها مشروعات في الكثير من القطاعات الاقتصادية من المطارات إلى الطرق إلى القطاع النفط و الغاز، فضلا عن المنشآت الحكومية تتنصل اليوم من أهم الواجبات الوطنية، ألا وهي استيعاب الكوادر الوطنية في مثل هذه الظروف الاقتصادية التي تعيشها السلطنة . كغيرها من الدول اثر انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، الأمر الذي يثير الدهشة حول الأسباب التي تؤدي الى قيام بعض الشركات الوطنية الفاعلة بالضغط على الحكومة بتسريح القوى العاملة الوطنية في حين أنها متخمة بالقوى العاملة الوافدة بدون أن تبدي أية رغبة في الاستغناء عنها ، وهو ما يفرض التعاطي مع هذه الشركات بشكل مختلف يتوافق مع ممارستها مهما كان وضعها و أهميتها و خدماتها فالدولة و المواطنين أهم من كل ما تقدمه.
بالطبع نتفهم أن من حق الشركات في بعض الأحيان الإستغناء عن العمالة كغيرها من الشركات العالمية التي تفعل ذلك لأسباب خارجة عن إرادتها، و لكن تلك الشركات تكون لديها مبرارات قوية و شفافة و دقيقة في توجهاته و قراراتها و تدار بطرق سليمة تحمي العمالة و تضمن لها الحياة الكريمة و لا تصدر قرار الفصل بين يوم وليلة بطرق ملتوية و غير دقيقة.
نأمل إن تحقق اللجنة الوزارية في المشكلة لبحث تسريح القوى العاملة الوطنية بشئ من العمق حول ماهية هذا الاستغناء الجماعي و هل له أسباب وجيهة أم انه للضغط و إحلال العمالة الوافدة بدلاً منها .