سالم بن حمد الجهوري- عمان اليوم-
«الصفر» لا يسعد الكثير من الناس في الحياة العامة، فهو لوحده خالٍ من أي قيمة عددية إلا إذا كان «تيمن» يقصد إذا صار إلى يمين أي رقم عددي، يكون أكثر سعدا عندما يتضاعف.
لكنه في عمان أسعدنا كثيرا هذا «الصفر الأوحد»، وأبهجنا خلافا للمألوف أن تكون عمان «صفرا في الإرهاب» بشهادة عالمية حسب التصنيف الأخير الذي صدر من إحدى المؤسسات الدولية، وهذا يضيف قيمة مهمة على قطاعات متنوعة في السلطنة؛ السياحية والاستثمارية والأمنية والاجتماعية.
العالم اليوم يتنافس على «الصفر» الذي اصبح عزيزا على أعتى الدول، وأفضل الأرقام في منظورها لأنه يطهرها من الفوضى التي ضربت بأطنابها فيها إلى درجة أن دولا قريبة منا جغرافيا تحاول أن تستعيد أمنها وأمانها منذ 30 عاما ولم تعرف لذلك طريقا، وحاول معها العالم بكل ما أوتي من قوة أن يفرضه فيها ولم يستطع إطلاقا، بل فشل فيما نجحت دول عديدة ومنها السلطنة أن توجده بأدوات بسيطة، أولها الفكر القيادي المستنير، وثانيها الإنسان المواطن، الذي أدرك أنه منزلق خطير لا يمكن استعادته إلا بعد عشرات السنوات إذا ما انفلت عقاله.
في عالم يكافح من أجل الاستقرار والطمأنينة والسكينة وتأمين مصالحه المتنوعة التي تمثل موارده وازدهاره، الجميع في هذه المعمورة يبحثون عن «الصفر» هذا الذي يمكن أن يشكل تلك القيمة الأمنية.
استحقت السلطنة «الصفر» المشرف هذا الذي يمثل نتاجا لذلك الخط السياسي الداخلي والخارجي، اتبعته القيادة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي مرتكزا على الاعتدال والواقعية والإدارة العقلانية للكثير من الأمور والقراءة المستقبلية والاستباقية، وكذا المواطنة قبل أي اعتبارات أخرى تفرق بين أبناء البلد الواحد.
وقد ساعد على «الصفر» الكثير من العوامل إلى جانب ما ذكر عن دور الدولة في تثبيت دعائم الاستقرار، فهناك الوعي الذي يحصن المواطن من اعتناق الفكر المتشدد، وحرص الناس على دولتهم بالمفهوم الشامل والخشية على مستقبل أبنائهم، ثم الاستفادة من تجارب الآخرين التي مر بها الكثير من الأشقاء الذين أصبحوا اليوم فرقاء، وقناعة المواطن أن طلب التحسين في مكونات الدولة لا يأتي بتلك الأساليب العنيفة إضافة إلى الرادع العائلي والقبلي والضمير الداخلي والاحترام والحرص في عدم الانخراط في أعمال كهذه لا تعرف نهاياتها.
و«الصفر» بمفهومه في هذا المؤشر العالمي يعني خلو الدولة المعنية من أي أعمال إرهابية داخلية أو تفجيرات أو استهداف شخصيات مسؤولة فيه أو زائرة وارتكاب حوادث بهدف الترويع وبث الخوف في نفوس الناس، وإثارة القلق والفتن، والمخاوف من نمو تلك التنظيمات وتوحشها وسيطرتها على على الأرض كما يحدث للأسف في بعض الدول العربية التي ترعرعت فيها التنظيمات المتشددة خلال الانتفاضات العربية في عام 2011م ضد الأنظمة التي كانت تحكمها.
هذا «الصفر» المشرف يضيف قيمة فعلية للسلطنة وبالذات مؤسسات الدولة، وقد مر الخبر عندما نشر قبل أيام مرور الكرام على الكثير من الناس، لكن قيمته كبيرة للغاية، فمن المهم أن تستفيد المؤسسات الحكومية من هذا الإنجاز سياحيا وأمنيا واستثماريا واقتصاديا وتجاريا واجتماعيا، فهو عنصر ارتكاز مهم في تسويق السلطنة دوليا في المجالات التي يمكن أن تضيف قيمة مالية على الإيرادات التي نحتاج إلى تنويعها في قادم الأيام.