ناصر بن سلطان العموري- الشبيبة العمانية-
سعت السلطنة جاهدة لتحقيق مبدأ الشفافية والمصداقية وحفظ الحقوق ومكافحة الفساد حيث انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تنفيذاً للمرسوم السلطاني رقم 64/2013 وذلك إيماناً منها بأهمية الاتفاقية ودورها في المساهمة للتصدي لجرائم الفساد و التعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة هذه الآفة الخطيرة التي تهدد المجتمع بكافة شرائحه ، وحرصاً منها على تحقيق مبادئ العدل والمساواة وحفظ أملاك الدولة وإدارتها الإدارة الرصينه بناء على ما نص عليه النظام الأساسي للسلطنة.
والكل يعلم أن اقتلاع واستئصال الفساد من الجذور ليس بالأمر الهين بل يتطلب وقتا ليس بالقصير.
وعلى نفس المنوال أعلن مجلس الشؤون الإدارية للقضاء مؤخراً عن إنشاء دائرة بمحكمة مسقط الابتدائية تعنى بالنظر في قضايا الفساد بشقيه المالي والإداري بمسمى " محكمة الأموال العامة". ومن المؤمل أن تختص هذه المحكمة بالنظر في الدعاوى المتعلقه بالرشاوى واستغلال المال العام وإساءة استعمال الوظيفة بالإضافة إلى جرائم الاهمال بالواجبات الوظيفية والتعدي على المال العام بطريقة غير مشروعة.
وأعتقد أن هذه المحكمة في حال تم تفعيل دورها على أكمل وجه ستعطي دعما لا محدود للجهات العاملة في مكافحة الفساد بالسلطنة بل وستبث مناخا تسوده النزاهة والشفافية ما سيعطي المواطن الثقة والطمأنينة فيما يتعلق بعمل الأداء الحكومي. ونتمنى جل التمني ان يكون إنشاء المحكمة خطوة إيجابية للتصدي لآفة الفساد لاسيما أنها متختصة في قضايا حساسة لا تقبل التهاون والتراخي وإن كانت مثل هذه القضايا فيما سبق تائهة بين أروقة المحاكم.
والسؤال هنا: هل كل ما ذكر كاف لاقتلاع جذور الفساد وإحقاق الحق وترهيب كل المجترئين على الأموال العامة. في اعتقادي أصبح من الضرورة المحلة نتيجة للأوضاع الراهنة التشديد في تطبيق الإقرار عن الذمة لكل مسؤول في الدولة وتحقيق عبارة "من أين لك هذا؟" وما نص عليه قانون قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح في مادته ( 12 ) بأن " يلتزم المسؤول الحكومي بتقديم إقرار بذمته المالية إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ، وفقا للنموذج الذي يعده لهذا الغرض يتضمن بيانا بجميع الأموال المنقولة والعقارية المملوكة له ولأزواجه و أولاده القصر ، ومصدر هذه الملكية".
ومن المؤكد ان الحرص على تطبيق مثل هذا القرار سيسهم بلا شك في تحقيق مبدأ الشفافية والمصداقية وحفظ الحقوق ومكافحة الفساد حيث طالب به العديد من أعضاء مجلسي الدولة والشورى.
وبراءة الذمة لمن لا يعلم تساعد على حفظ حقوق الأشخاص والدولة على حد سواء بل هي دليل دامغ على نزاهته وطهارة كل مسؤول يقدم براءة الذمة. و الدين الاسلامي الحنيف حث على تطبيق مبدأ من أين لك هذا قبل أربعة عشر قرناً من الزمن. والقصص الواردة من السيرة النبوية العطرة والخلفاء الراشدين خير دليل على ذلك وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى وكلها تدل على أهمية الأمانة والتفكير بمصلحة البلاد قبل أن يغلب هوى النفس. وهناك دول أوربية واسيوية سباقة في ذلك بل ونجحت باجتثاث الفساد من جذوره وتهيئة واستصلاح بيئة مثالية لخدمة البلاد دون أدنى استغلال وبعيداً عن المصالح ونتيجة لذلك هي الان تعتبر من الدول الصفوة على مستوى العالم وهذا بلا شك ما نأمل أن نراه في بلدنا في القريب العاجل.