الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- الوطن العمانية-
ذا تيمم الجنب للصلاة فهل يجوز له قراءة القرآن ولمس المصحف الشريف؟
اختلف في التيمم هل هو رافع للحدث أو مبيح للصلاة فقط، والراجح الثاني والأولى أن ينوي بتيممه استباحة الصلاة وقراءة القرآن ولمس المصحف، والله أعلم.
هل يجوز تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال دون سن السابعة؟
قبل كل شيء مما ينبغي أن لا يكون تعليم أي لغة غير لغة القرآن على حساب لغة القرآن، فإن لغة القرآن هي لغة العبادة، وينبغي أن يُنشّئ الطفل معتزاً بهذه اللغة لأنها اللغة التي تشرف بأن خاطبه الله تبارك وتعالى بها فيما أنزله من كتابه الذي جعله ذكراً للعالمين وهو من ضمن العالمين، فهو خطاب لأي واحد، فكل أحد شَرُف بأن خاطبه الله تبارك وتعالى بهذه اللغة، ومن ناحية أخرى هو أيضاً مطالب بأن يخاطب ربه بها فإنه عندما يعبده ويمثل بين يديه إنما يخاطب ربه سبحانه وتعالى بهذه اللغة فيقول بلسان عربي مبين:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة ـ 5)، ولا فرق في هذا بين عربي وأعجمي ، فإن الطفل ولو كان من العجم ينبغي أن يُنشّئ من أول الأمر على الاعتزاز بلغة القرآن، اللغة التي جعلها الله تبارك وتعالى رابطة بين المسلمين بحيث تحل ألغازهم وتكشف الأمر المُعمّى عنهم فيمكنهم أن يتفاهموا بها إذ ليست هنالك لغة ترشح لأن تكون لغة المسلمين قاطبة غير هذه اللغة التي خاطب الله تعالى بها عباده وشَرّف المسلمين بأن جعلهم يخاطبونه بها .
فجدير إذاً بأي أحد أن يحرص على تربية أولاده من أول الأمر على إجلال هذه اللغة والاعتزاز بها، وما يؤسف له كثيراً أن نرى كثيراً من الآباء والأمهات يُنشِّئون أولادهم على تعظيم اللغات الأجنبية وترك هذه اللغة مع كونها ـ كما قلت ـ لغة جميع المسلمين ، وهي سيدة اللغات لأن الله تبارك وتعالى اختصها بأن جعلها وعاءً لكلامه فكيف مع هذا تحتقر ، وكيف يُختار غيرها دونها ، ولقد تسابق العجم تسابق غير العرب في المحافظة على هذه اللغة ، وفي بحث فنونها ، وفي دراسة طواياها وذلك إنما يعود إلى اعتزازهم بالقرآن ، وحرصهم على الحفاظ عليه ، ورغبتهم في الإطلاع على كنوز معارفه ، ولذلك كان معظم الذين درسوا هذه اللغة العربية وبحثوا فنونها من العجم من أمثال سيبويه والفرّاء والكسائي والأخفش وغيرهم، ونجد مثلاً الزمخشري وهو من العجم يقول في فاتحة كتابه المفصل: (الله أحمد على أن شرفني بأن جعلني من علماء العربية)
فما للناس واحتقار هذه اللغة، ما للمسلمين واحتقار هذه اللغة، ما للعرب أنفسهم وهم شرُفوا بها وكان القرآن الذي نزل بها ذكراً لهم ولاحتقار هذه اللغة، وابتغاء البديل عنها ، فلذلك لا ينبغي أن تكون دراسة اللغات الأخرى على حساب هذه اللغة، فالطفل ينبغي من أول الأمر أن يُنشئ على هذه اللغة لغة القرآن، ولو كان من غير العرب، لأنها اللغة التي شَرُف جميع المسلمين بتلقي خطاب الله تبارك وتعالى بها، ولا بأس بعد ذلك أن يُدرّس الطفل من اللغات الأخرى ما يمَكّنه من قضاء المآرب والحاجات فإن من آيات الله تعالى اختلاف الألسن والألوان، والله سبحانه وتعالى يقول:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ)(ابراهيم ـ 4).
وهذا الطفل قد يكون داعية في يوم من الأيام ، وقد يكون في دعوته يغشى مجتمعات أجنبية ويريد أن يشرح لهم الإسلام ولا يمكنه أن يشرحه لهم إلا بلغاتهم فإن أتقن لغة أجنبية فذلك مما يمكنه من أداء مهمته والقيام بواجبه ولكن لا على أن يكون ذلك على حساب العربية .
هل يجوز أن يؤجر شخص لقراءة القرآن الكريم ثم يهدي ثواب ذلك لميت لأنه هو أوصى بذلك؟
حقيقة الأمر الناس أحدثوا أموراً كثيرة لم تكن في عهد النبي (صلى الله عليه وسلّم) مع قول النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ :(إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلّم)، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، فالناس أحدثوا كثيراً من الأمور التي لم تكن في عهد النبي (صلى الله عليه وسلّم) من ذلك قراءة القرآن بالأجرة ، فإن القرآن عبادة .
القرآن يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته، وهذه العبادة لا يؤخذ عليها أجر ، فكما أن الإنسان لا يأخذ أجراً على صلاته التي يصليها ، كذلك لا يأخذ أجراً على قراءته لكتاب الله تبارك وتعالى، وإنما أجر ذلك ما يناله في الدار الآخرة من الثواب الجزيل عند الله سبحانه وتعالى، أما أن يتخذ القرآن الكريم طريقة للكسب فهذا شيء فيه ما فيه.
ما بال الإنسان بدلاً من أن يقرأ القرآن تقرباً إلى الله يقرأه لأجل دريهمات أو لأجل ريالات أو لأجل دنانير ينالها، إنما هذا من بيع القرآن الكريم ونرى منع ذلك منعاً باتاً، وإن وجد من العلماء من يرخص في ذلك، ولكن الذي نأخذ به أنه لا يجوز هذا لمخالفة هذا ما مضى عليه السلف في أيام النبي (صلى الله عليه وسلّم) والخلفاء الراشدين ـ رضي الله تعالى عنهم، وأيضاً إهداء العمل إلى الميت ليس هنالك ما يدل على أن الميت ينتفع بما يهدى إليه من الأعمال إلا ما ورد الدليل عليه ، فقد ورد الدليل بأنه يمكن أن يحج أحد عن غيره سواء كان ميتاً أو حياً عاجزاً كما حصل ذلك للخثعمية التي جاءت تستفسر النبي (صلى الله عليه وسلّم) عن حجها عن أبيها فأباح لها الحج، كذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم الحث على الصدقة عن الميت، وكلك جاء عنه كما في حديث عائشة عند الشيخين من مات وعليه صيام صام عنه وليه، ولكن هل يقال بأن بقية الأعمال كذلك ، نحن نجد عدم الاختلاف بين العلماء أنه لا يصلي أحد عن أحد، والقراءة هي جزء من الصلاة، إذ الصلاة لا تكون بدون قراءة .
فإذاً قراءة القرآن بغير صلاة كذلك أقرب إلى أن يكون الميت لا دليل على انتفاعه بها، فما ينبغي أن يهدي الإنسان ثواب قراءته التي يقرأها للميت، نعم يمكن أن يدعو للميت بعد قراءة القرآن ويكون ذلك مظنة لاستجابة الدعاء، فإن قراءة القرآن من العبادات والعبادات وسائل لاستجابة الدعاء، فالإنسان قد يصلي صلاة الفريضة وقد يصلي صلاة السنة وقد يصلي صلاة النافلة ثم يدعو بعد ذلك بما يدعو به من الدعاء فذلك ما يعمله من الطاعات إنما هو مظنة لاستجابة الدعاء، فإن تلا القرآن الكريم ودعا للميت بعد تلاوته للقرآن الكريم رجي أن يستجيب الله تبارك وتعالى هذا الدعاء، والله تعالى أعلم .