السلطة » خلافات سياسية

"العودة إلى الشعب".. البنزين يطيح بالحكومة ومجلس "الأمة" الكويتي

في 2016/10/17

للمرة التاسعة في تاريخ الكويت يتم حل مجلس الأمة بمرسوم أميري، بعد خلافات حادة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بما يؤهل الكويت لامتلاك الرقم القياسي في عدد مرات حل المجلس.

ويعني حل مجلس الأمة الكويتي إنهاء حياة المجلس النيابي قبل موعدها الطبيعي، ومن ثم فهو بمثابة إقالة جماعية لكل أعضائه، فبات الجميع خارجاً، بعدما كان الهمس يدور خلف الأبواب الموصدة عن قرب الحل، حتى أعلن النائب خلف دميثير العنزي في تصريح صحفي قائلاً: "ألملم متعلقاتي من مكتبي"، ما كان مؤشراً قوياً إلى حل المجلس.

ومنذ ثلاثة أيام، وصف رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، ما يتردد عن قرب حل المجلس، بأنها مجرد "تكهنات"، غير أنه قال فور إصدار المرسوم الأميري بالحل، في بيان رسمي: إن "المرحلة القادمة سوف تشهد تحديات داخلية وخارجية، حيث أنها تتطلب فريقاً حكومياً جديداً والعودة إلى صناديق الاقتراع".

وكان مجلس الوزراء الكويتي رفع مرسوماً إلى أمير الكويت يطالبه بحل المجلس استناداً للمادة 107 من الدستور؛ بسبب "التحديات الاقتصادية" حسبما ذكر بيان المجلس.

- دستورية الحل

المادة 107 من الدستور الكويتي تنص على أن "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حله لذات الأسباب مرة أخرى".

"وإذا حُل المجلس، وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، وإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب مجلس جديد"، بحسب المادة ذاتها من الدستور.

-قضايا خلافية

مجلس الأمة الكويتي شهد، مؤخراً، صدامات مع الحكومة بعد قرارات اتخذها مجلس الوزراء تهدف إلى الترشيد وتقليص النفقات بالميزانية الجديدة، كان آخرها قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وتحرير سعر البنزين؛ ما أدى إلى احتجاجات برلمانية واستجوابات انتهت بقرار قضائي ابتدائي يقضي ببطلان قرار الحكومة برفع سعر البنزين، وإعادة السعر القديم في حكم قابل للاستئناف، في حين قدمت الحكومة مقترحاً بتزويد المواطن بـ75 لتر بنزين شهرياً.

ودفعت قضية رفع سعر البنزين إحدى ثلاث قضايا خلافية بين السلطتين، بالإضافة إلى قضيتي الإسكان والبصمة الوراثية، إلى اتساع هوة الخلاف بين السلطتين؛ ما آل إلى حل المجلس واستقالة الحكومة.

وكانت مسألة "حل المجلس" متداولة بقوة بين غالبية النواب بداية هذا الأسبوع؛ الأمر الذي آل إلى ضرورة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، حيث يسبقه مرسوم أميري للدعوة إلى الانتخابات تمهيداً لولادة مجلس أمة جديد في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتقدم، الخميس الماضي، ثلاثة نواب باستجواب لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، أنس الصالح، على خلفية رفع أسعار البنزين.

كما تقدم النائب، عبد الله المعيوف، باستجواب لوزير العدل، يعقوب الصانع، في ثلاثة محاور تتعلق بـ"هدر المال العام، واستخدام السلطة الوزارية لمصالح شخصية، ومخالفة أحكام الدستور في التعامل مع أعضاء مجلس الأمة".

- نواب مع الحل

النائب صالح عاشور قال فور الإعلان عن حل المجلس: "نبارك للشعب الكويتي حل مجلس الأمة، ونتمنى أن يأتي بمجلس آخر يكون مع الشعب"، مضيفاً، في تصريح له: "أتوقع أن سبب الحل هو أن المجلس أعاق الحالة الاقتصادية، بالرغم من أن المجلس كان في جيبها وساعدها في أشياء كثيرة".

النائب عادل الخرافي أشار إلى أن "العودة للصناديق هي لإعطاء الشعب حقه، أتينا من الشعب ونعود له"، مضيفاً، في تصريح له: "إن هناك هجوماً على مجلس الأمة ضمن حملة سياسية"، لافتاً الى أن "الأمر متوقع وهناك من طالب بحل المجلس منذ الساعات الأولى لانتخابه"، في حين قال النائب فيصل الدويسان: "إننا نستحق حكومة أفضل ومجلساً أفضل، وسأعود لقواعدي الانتخابية وإذا ارتأت عودتي فأنا خادم مطيع".

- الأثر الاقتصادي للحل

وفور الإعلان رسمياً عن حل المجلس، تراجعت كل مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية؛ إذ خسر مؤشر البورصة السعري نحو 19 نقطة، في حين فقد المؤشر الوزني قرابة 1.5 نقطة، وتراجع مؤشر كويت 15 بمعدل 1.2 نقطة، وتدنت قيمة التداول إلى مستوى 5 ملايين دينار.

التراجعات في البورصة جاءت بسبب حالة الضبابية التي عاشتها الكويت على مدى أسبوع؛ بسبب الشائعات حول حل المجلس واستقالة الحكومة، حسبما أشارت إليه جريدة القبس الكويتية، مؤكدةً أن الحل سيؤدي إلى تحسن الأجواء الاقتصادية، بعد اتضاح الأمور على المستوى السياسي.

وشهد 1976 أول حل لمجلس الأمة الكويتي، حيث لم يكتب للفصل التشريعي الرابع لمجلس الأمة، والذي افتتح أعماله في نوفمبر/تشرين الثاني 1975، الاستمرار حتى نهايته المقررة وفقاً للدستور، وعقد آخر جلساته يوم 20 يوليو/تموز 1976، بعدما أصدر أمير البلاد، الشيخ صباح السالم الصباح، أمراً أميرياً بحل المجلس بتاريخ 29 أغسطس/آب 1986، في أعقاب استقالة الحكومة نتيجة خلاف نشب بينها وبين مجلس الأمة، تمثل في اتهامات متبادلة بتعطيل مشروعات القوانين؛ الأمر الذي أدى إلى فقدان التعاون بين السلطتين.

والتغيير المتكرر للحكومات عادةً لا يؤثر في السياسات النفطية للكويت، عضوة منظمة أوبك وسابع أكبر مصدر للنفط في العالم، وهي سياسات يحددها المجلس الأعلى للبترول.

محمد عبّود - الخليج اونلاين-