ضجر المواطنون الكويتيون من برلمان عام 2013 غير الإنتاجي إلى حد كبير، الذي لا تُمثَّل فيه مجموعات المعارضة والمجموعات القبلية.
في سكون صباح أحد أيام الأحد، عمد الأمير، الشيخ صبّاح أحمد الجابر الصبّاح، إلى حل البرلمان الموالي للحكومة إلى حد كبير، بعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء. ولم يكن ذلك غير اعتيادي: فقد أظهرت الانتخابات البرلمانية في الكويت نمطًا منتظمًا من الحل على يد الأمير. ومن سنة 1975 إلى سنة 2016، تم حل عشرة برلمانات بموجب مرسوم أصدره الأمير. ووفقًا للمادة 107 من الدستور، "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تُبيَّن فيه أسباب الحل. وإذا حُل المجلس، وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل". ومن المقرر إجراء الانتخابات المقبلة في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، لكن أولًا، لماذا حُلّ البرلمان؟
ذُكرت أسباب حل البرلمان الأخير – الذي أنشئ عام 2013 – بشكل مبهم في وثيقة المرسوم الرسمية التي نُشرت في قصر السيف ووقّعها الأمير. وادّعت الوثيقة أن هذا القرار دعت إليه "التطورات الإقليمية المتقلبة والمخاوف الأمنية المتصاعدة". وفيما صحيحٌ أن البرلمان أثار المخاوف حول الأمن الداخلي قبل حله، لم تكن التطورات الإقليمية على جدول الأعمال. فقد اهتز الأمن الداخلي في الكويت إلى حد كبير بسبب التفجير الانتحاري في المسجد الشيعي عام 2015، الذي نفذه مواطن سعودي كان عضوًا في تنظيم "الدولة الإسلامية". لكن ردًّا على هذا الاعتداء، أنشأ مجلس الأمة الكويتي قانونًا لمكافحة الإرهاب، يطلب أحد بنوده من كل المواطنين الكويتيين والمغتربين والزوار تقديم عينات من الحمض النووي إلى السلطات. وبالتالي، هزّت هذه السابقة الجديدة البرلمان والحركة الدستورية الإسلامية، باعتبار أن القانون "غير دستوري" وينتهك اتفاقات حقوق الإنسان التي وافقت الكويت على تأييدها.
لكن على الأرجح، نشأ هذا الحل عن التطور في الاقتصاد. فالاقتطاع من دعم البترول، الذي لم يلقَ ترحيبًا شعبيًّا وانتُقد إلى حد كبير، والذي اقترحه وزير المالية ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح، حرّك بشكل غير مفاجئ كلًّا من أعضاء البرلمان والمواطنين على حد سواء. وتُرجمت هذه البلبلة في اقتراح مشترك كتبه عدة أعضاء برلمانيين لتوجيه اللوم إلى وزير المالية.
كذلك، قدّم عدة أعضاء آخرين في البرلمان طلبات لتسليط الضوء على وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع، على أساس استغلال الموارد المالية في الوزارة. ويُعتبر كلا الوزيرين مواليين للحكومة، إذ اختارهما مجلس الوزراء ليمثّلا وجهات نظر الحكومة وتطلعاتها. ومحاولات استجواب الموالين الحكوميين تضع الحكومة في موقع حساس. فأدى خوف الحكومة من تصاعد الاضطرابات في البرلمان إلى التشاور مع الأمير وسلوك الطريق المختصر المعتاد، أي حل البرلمان. ومن خلال القيام بذلك، تم تفادي المواجهة بسبب كل من قانون الحمض النووي والاقتطاعات من دعم البترول.
توقع بعضهم أن الحكومة حاولت عمدًا تحديد تاريخ مبكر للانتخابات من أجل ردع ترشح الشخصية الرفيعة المستوى في المعارضة، مسلم البراك. فكان من المقرر إجراء الانتخابات في البداية في تموز/يوليو 2017، لكن البراك هو مسجون الآن لأنه متهم بإهانة الأمير لفظيًّا، وقد يتم إطلاق سراحه في سنة 2017. ومع أنه من المسموح قانونيًّا أن يقدّم البراك ترشيحه وهو في السجن، لم يُعلن عن نيته بذلك. والبراك هو عضو أساسي في حركة العمل الشعبي المعروفة بـ"حشد"، وهي إحدى مجموعات المعارضة السياسية التي تعبّر جهرًا عن آرائها والتي تمارس نفوذًا كبيرًا. وقد أعلنت "حشد" عن نيتها في مقاطعة هذه الدورة من الانتخابات، فتصبح هذه هي الدورة الثالثة التي تقاطعها بسبب رفضها لـ"قانون الصوت الواحد لكل ناخب" الذي سُنّ في عام 2012.
باستثناء "حشد"، أعلنت كل المجموعات السياسية الكبرى عن نيتها بالترشح، بما فيها عدة مجموعات أخرى من المعارضة. وعلى سبيل المثال، أعلنت "الحركة الدستورية الإسلامية"، التي تمثل الفرع الكويتي "للإخوان المسلمين"، عن نيتها في المشاركة في الانتخابات القادمة. والأمر سيّان بالنّسبة إلى السلفيين، والفصائل التحريرية. أما الشيعة، فطالما كانوا بقوة حلفاء عائلة آل صبّاح، ولم يقاطعوا أبدًا الانتخابات من قبل. ويُتوقع أن تترشح هذه الفصائل كلها في الانتخابات القادمة.
من ناحية أخرى، واجهت المجموعات القبلية مشاكل مع الحكومة في الانتخابات السابقة. فقد قاطعت انتخابات 2012 و2013 إلى جانب مجموعات المعارضة بسبب "قانون الصوت الواحد لكل ناخب". وعلى عكس "حشد"، أدت خيبة أمل المجموعات القبلية بسبب عدم تمثيلها إلى إيقاف دورة المقاطعة، فهي تُجري الآن انتخابات تمهيدية وتصنّف مرشحيها للانتخابات المقبلة. وفي حين أن الانتخابات التمهيدية غير شرعية بموجب القانون الكويتي، نجحت القبائل لسنوات عدة في التعاون بين بعضها واختيار من يمثلها من المرشحين الذين سيُنتخبون في النهاية.
أخيرًا، ضجر المواطنون الكويتيون من برلمان عام 2013 غير الإنتاجي إلى حد كبير، الذي لا تُمثَّل فيه مجموعات المعارضة والمجموعات القبلية. لذلك، يُتوقَّع أن يكون معدل المشاركة في الانتخابات المقبلة مرتفعًا من جانب هذين الطرفين السياسيين اللذين يتسابقان للعودة. وهذا يفسّر لماذا سجّل الاحتساب الأخير لعدد المرشحين المتقدمين إلى انتخابات عام 2016 المستوى الأعلى في تاريخ الكويت، مع 454 مرشحًا للبرلمان. فيتلهف الشعب الكويتي إلى التغيير البرلماني، وستكشف الأسابيع القليلة القادمة هذا الأمر.
ماي الفرحان- معهد واشنطن-