السلطة » خلافات سياسية

السعودية وإيران: كيف سيؤثر «دونالد ترامب» على الحرب الباردة في الشرق الأوسط؟

في 2016/11/28

عندما يترك الرئيس «باراك أوباما» البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، سيترك خلفه صراعًا هشًا على النفوذ بين السعودية وإيران بعد سنوات من تجديد نهج واشنطن في المنطقة. ثمّ يأتي دور «ترامب» في وزن الأمور من جديد، وربما تجد طهران نفسها حليفًا غير مرغوب فيه لرجل الأعمال الجمهوري الذي يهدد بقلب مشهد السياسة الخارجية للولايات المتحدة تمامًا في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أنّ إدارة «أوباما» كانت حاسمة للمملكة في بعض الأحيان، حيث دعمت السعودية في سلوكها السياسي عبر البحر المتوسط، على حساب إيران غالبًا، إلا أنّ الاتفاق النووي مع طهران كان مستوىً غير مسبوق من المفاوضات بين المسؤولين في إيران والغرب، وتسببت في رفع عقوبات اقتصادية استمرت لسنوات موقعة على إيران.

من المتوقع أن يقوم الرئيس المنتخب بتقليص تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وبينما لا يبدو من المتوقع وجود علاقات دافئة بين إيران وإدارة «ترامب»، فمن الممكن أن يعمل غياب واشنطن لصالح طهران، التي ستعمل على استكمال جهود التوسع دون الخوف من الولايات المتحدة وبدعم محتمل من روسيا.

لدى السعودية ذات الأغلبية السنية وإيران ذات الأغلبية الشيعية تاريخا من العداء المتزايد في الأشهر الأخيرة، وهو ما يشير إليه المحللون بـ «الحرب الإقليمية الباردة». ولم يتورط العدوان في مواجهة عسكرية مباشرة، ولكن من خلال دعم الحركات المسلحة والسياسية المعارضة. وفي الحرب الأهلية في سوريا، دعمت إيران «بشار الأسد» ضد شبكة من الجماعات المتمردة المدعومة من الغرب وتركيا ودول الخليج مثل السعودية. وفي العراق، أضافت صداقة الميليشيات الشيعية وإيران بحكومة بغداد إلى مخاوف السعودية من نفوذ طهران. وفي الوقت نفسه، شاركت السعودية مباشرةً في حملة عسكرية هائلة في اليمن ضد الحوثيين، والذين يمثلون الأقلية الشيعية اليزيدية التي تتلقى دعمًا سياسيًا وربما عسكريًا من إيران.

واستغل «ترامب» الاتفاق النووي الذي قاتلت إدارة «أوباما» لإنجازه مع إيران كوقود لحملته الانتخابية، التي اتخذ خلالها موقفًا شخصيًا قاسيًا من إيران وهو ما أشاد به المحافظون. كما تعهّد بتمزيق الاتفاق النووي وهدّد بإطلاق النار على السفن الإيرانية إذا ما استفزّت البحرية الأمريكية.

كما اتّخذ «ترامب» موقفًا صعبًا تجاه السعودية، وهو ما جعل الخبراء يتساءلون عن عمق دعمه المحتمل للحليف التقليدي للولايات المتحدة.

ويقول «سعيد جعفري»، الصحفي الإيراني ومحلل الشرق الأوسط: «في الواقع، كل شيء حول السياسة الخارجية لترامب هو محل شك. لقد قال أشياءً متناقضة تمامًا في حملته الانتخابية. فمن جانب، هاجم اتفاقية العمل المشتركة الشاملة مع إيران، لكنّه ومن جانب آخر، انتقد العلاقات الأمريكية مع السعودية».

وانتقد «ترامب» السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي قائلًا أنّها تراكم الأموال والثراء بفعل عائداتها النفطية الهائلة مع تمتعها بالتأمين من قبل الولايات المتحدة بدون تعويض كافٍ. وقد ردّ وزير النفط السعودي «خالد الفالح» على «ترامب» منذ أسبوعين قائلًا أنّ «ترامب» سوف يرى الفوائد من الحفاظ على واردات النفط السعودي وأنّ خبراء الصناعة سينصحونه بأنّ«حجب تجارة أي منتج شيء غير صحي».

أكثر ما يقلق السعوديين هو كيف تخطط إدارة «ترامب» للتعامل مع إيران وميليشياتها بالوكالة والقوات السياسية في المنطقة. وتستهدف الولايات المتحدة مجموعة «الدولة الإسلامية» الآن في سوريا، لكنّها تدعم جماعات المعارضة السورية. وكلا الكيانان يعارضان «الأسد». وأملت الرياض في أنّ إدارة «كلينتون» ستعمل على زيادة التزامها العسكري لدعم المتمردين في سوريا ومعارضة المتمردين في اليمن.

وأثار فوز «ترامب» الشك في الدور العسكري المستقبلي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ويقول «كينيث بولاك» من معهد بروكينغز: «يقوم ترامب بكل شيء يعارض تمامًا ما اعتدنا عليه من السياسة والساسة الأمريكيين».

ويضيف «بولاك»: «أعتقد أنّه من الواضح أنّ ترامب لا ينوي الذهاب للحرب في اليمن، وليس لديه النية في زيادة المساعدات للسعودية».

وقد أوضح «ترامب» اتباعه لنهج عدم التدخل، حين صرّح يوم الثلاثاء لصحيفة «نيويورك تايمز»: «لا أعتقد أنّنا ينبغي أن نكون بناة أمم».

وعبّر «ترامب» عن انتقاده لجماعات المعارضة في سوريا، مشيرًا إلى ارتباطهم بجماعات متشددة ومتطرفة مثل جبهة فتح الشام، التي كانت سابقًا باسم جبهة النصرة وعلاقتها بالقاعدة. ولم يقل «ترامب» أنّه سيكون في صف «بشار الأسد»، لكنّه ألمح إلى نيته التعاون مع نظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، الذي يدعم الزعيم السوري الذي تتعاون قواته في سوريا مع إيران وحلفائها.

وقال «جيرالد فيرستاين»، سفير الولايات المتحدة سابقًا في اليمن ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي أنّ علاقات ترامب بروسيا ستفيد طموحات طهران السياسية.

وأضاف «فيرستاين»: «أتكهن بأنّ ترامب كرئيس يرغب في تقليل مشاركته في الشرق الأوسط، باستثناء الحرب ضد (داعش) والجماعات المتطرفة الأخرى. إذا كانت تلك هي الحالة، سيقوي ذلك من قبضة إيران وتعزيز جهودها للهيمنة الإقليمية».

ولكن عدم وضوح الاتجاه الذي سيفضله «ترامب» يجعل من الممكن أن تلعب الأمور لصالح السعودية إذا ألغى الاتفاق النووي، وحينها ستجد إيران نفسها في مأزق مع واشنطن.

وفي الوقت الذي لم يختر فيه «ترامب» حكومته بعد، خرجت بعض الشائعات عن بعض الأسماء المرشحة، مثل السيناتور «توم كوتون»، وعمدة نيويورك السابق «رودولف جولياني» والسيناتور السابق «جون كيل»، وجميعهم من المنتقدين لإيران. وحتى أنّ «دونكان هانتر» عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري والمرشح المحتمل لشغل منصب وزير الدفاع، قد دافع سابقًا عن خيار استخدام السلاح النووي ضد إيران. يعتقد «مايكل نايتس»، الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى،إحدى الشركات التابعة للجنة الشؤون السياسية الأمريكية الإسرائيلية، أنّ إدارة «ترامب» من المرجح أن تتخذ موقفًا عدائيًا تجاه إيران.

ويقول العديد من الخبراء أنّ الوقت ما زال مبكرًا للغاية للحديث عمّا يقدر عليه «ترامب» وإدارته الجديدة. وتسببت التصريحات المتناقضة لـ«ترامب» وإدارته قبل وبعد الانتخاب في ترك الأعداء والحلفاء في انتظار إشارة واضحة عن اتجاه السياسة الخارجية للإدارة في العام القادم.

ويقول «أليكس فاتانكا»، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط: «من المستحيل حقًا أن أجيب حول تساؤل ما ينوي عليه ترامب بالنسبة لإيران والسعودية. فتصريحات الرئيس كانت متناقضة. ولا أحد حقًا يمكنه إجابة هذا السؤال. ولا أعتقد أنّ الرئيس المنتخب نفسه يستطيع الإجابة».

إنترناشيونال بيزنس تايمز- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-