السلطة » خلافات سياسية

«بوتين» لعب دورا حاسما في تنحية خلافات السعودية وإيران لإتمام اتفاق «أوبك»

في 2016/12/02

لعب الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» دورا حاسما في مساعدة السعودية وإيران عضوي «أوبك» على تنحية خلافاتهما جانبا وإبرام أول اتفاق في 15 عاما بين المنظمة وروسيا غير العضو بها.

وقالت مصادر من أوبك وخارجها لـ«رويترز» إن «بوتين» وولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» والزعيم الأعلى الإيراني «آية الله علي خامنئي» ورئيس إيران «حسن روحاني» تدخلوا في لحظات حاسمة قبيل اجتماع المنظمة أول أمس الأربعاء.

وكان دور «بوتين» في الوساطة بين الرياض وطهران بالغ الأهمية وأبرز تنامي نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط منذ تدخلها العسكري في الحرب السورية قبل نحو عام.

بدأ الأمر حينما اجتمع الرئيس الروسي مع الأمير «محمد بن سلمان» في سبتمبر/أيلول على هامش اجتماع قمة مجموعة العشرين في الصين.

واتفق الجانبان على التعاون لمساعدة أسواق النفط العالمية على تصريف تخمة المعروض التي دفعت أسعار الخام للهبوط إلى أقل من النصف منذ 2014 وهو ما أثر سلبا على إيرادات حكومتي روسيا والسعودية.

وارتفعت أسعار النفط 10% هذا الأسبوع متجاوزة 53 دولارا للبرميل.

كانت المتاعب المالية هي من جعل الاتفاق أمرا ممكنا رغم الخلافات السياسية الكبيرة بين موسكو والرياض حول الحرب في سوريا.

وقال مصدر بقطاع الطاقة الروسي مطلع على المحادثات إن «بوتين يريد الاتفاق. هذا كل ما في الأمر. وسيتعين على الشركات الروسية أن تخفض الإنتاج».

وفي سبتمبر/ أيلول اتفقت أوبك مبدئيا في اجتماع بالجزائر على خفض الإنتاج للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في 2008.

لكن تعهدات الدول اللازمة لإتمام الاتفاق في اجتماع فيينا يوم الأربعاء لا تزال تحتاج كثيرا من الدبلوماسية.

وأخفقت اجتماعات «أوبك» في الآونة الأخيرة نظرا للجدل بين السعودية القائد الفعلي للمنظمة وإيران ثالث أكبر منتج للنفط في التكتل، ولطالما قالت طهران إن «أوبك» لا ينبغي لها أن تمنعها من استعادة مستويات الإنتاج التي فقدتها خلال سنوات العقوبات الغربية.

وتسببت حروب بالوكالة في سوريا واليمن في تأجيج التوترات المستمرة منذ عقود بين السعودية وإيران.

سياسة حافة الهاوية

مع اقتراب موعد الاجتماع لم تكن المؤشرات مبشرة بالخير، فأسواق النفط اتجهت صوب الهبوط والأمير «محمد بن سلمان» طالب إيران مرارا بالمشاركة في خفض الإمدادات ودخل مفاوضو السعودية وإيران بأوبك في دائرة مفرغة من الجدل قبيل الاجتماع.

وقبل أيام قليلة من الاجتماع بدت الرياض بعيدة عن إبرام اتفاق وهددت بزيادة الإنتاج إذا لم تشارك إيران في الخفض.

لكن «بوتين» أكد أن السعودية ستتحمل نصيب «الأسد في الخفض طالما أن الرياض لن ينظر إليها وكأنها تقدم تنازلا كبيرا لإيران.

وأصبح الاتفاق ممكنا طالما لا تحتفل طهران بالانتصار على المملكة.

وساهمت مكالمة تليفونية بين «بوتين» و«روحاني» في تمهيد الطريق، وبعد المكالمة ذهب الأخير ووزير نفطه «بيجن زنغنه» إلى الزعيم الأعلى للحصول على موافقته بحسب ما قاله مصدر مقرب لـ«خامنئي».

وأضاف المصدر أنه «خلال الاجتماع أوضح خامنئي أهمية التمسك بخط إيران الأحمر وهو عدم الرضوخ لضغوط سياسية وعدم القبول بأي خفض في فيينا».

ووافقت السعودية يوم الأربعاء على خفض كبير في الإنتاج لتتحمل «عبئا ثقيلا» على حد قول وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح» بينما جرى السماح لإيران بزيادة طفيفة في إنتاجها.

وقال مندوبون في أوبك إن «زنغنه حرص على ألا يخطف الأضواء في الاجتماع حيث وافق بالفعل على الاتفاق مساء الثلاثاء بوساطة من الجزائر دون إحداث ضجيج».

وبعد الاجتماع تفادى «زنغنه» الإدلاء بأي تعليق يستشف منه إحراز نصر على الرياض.

وقال للتلفزيون الحكومي: «لقد كنا حازمين. لعبت المكالمة بين روحاني وبوتين دورا رئيسيا... بعد المكالمة أيدت روسيا الخفض».

وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، قررت الأربعاء تخفيض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا.

وقال وزير الطاقة القطري ورئيس المؤتمر، «محمد بن صالح السادة»، في مؤتمر صحفي في العاصمة النمساوية إن اتفاق «أوبك» القاضي بتقليص الإنتاج إلى 32.5 مليون برميل يوميا سيدخل حيز التنفيذ مطلع العام 2017.

وأضاف الوزير القطري أنه في موازاة ذلك «تعهدت روسيا (الدولة غير العضو في أوبك)، بخفض إنتاجها بمعدل 300 ألف برميل يوميا»، وهي نصف الكمية، التي كان يؤمل في أن تخفضها الدول النفطية من خارج «أوبك».

وبموجب الاتفاق ستخفض السعودية إنتاجها النفطي إلى 10.06 ملايين برميل يوميا، فيما ستجمد إيران إنتاجها عند 3.797 ملايين برميل يرميا، وذلك بحسب ما أفاده مصدر في المنظمة.  

ومن المقرر أن تجتمع منظمة «أوبك» مع المنتجين غير الأعضاء في المنظمة في الـ9 من ديسمبر/كانون الأول.

وستعقد «أوبك» اجتماعا بنهاية مايو/أيار القادم لمراجعة الاتفاق وقد تمدده لمدة 6 أشهر أخرى، وستراقب لجنة وزارية من الكويت وفنزويلا والجزائر تنفيذ الاتفاق.

وتسعى الدول المنتجة للنفط الخام منذ أكثر من شهرين إلى التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج لدعم أسعار النفط الخام التي تراجعت بنسبة 60% منذ منتصف العام 2014.

رويترز-