السلطة » خلافات سياسية

لماذا تثير الأزمة بين السعودية ومصر مخاوف (إسرائيل)؟

في 2016/12/07

نشرت صحيفة «المونيتور» مقالا تحليليا لمتخصص الشؤون العبرية «بن كاسبيت» تناول خلال الخلاف المصري السعودي من وجهة نظر الدولة العبرية، مشيرا إلى أن هذا الخلاف يثير الكثير من المخاوف في (إسرائيل).

لقد كتبت جبال من الكلمات عن عجائب «المحور السني» الذي يشمل الدول العربية البراغماتية، التي يحافظ كل منها على «علاقات غير شرعية» مع (إسرائيل). وكان من المفترض أن يعمل هذا التحالف على تأسيس عملية سلام إقليمي كانت في تخيّل كل من رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» ووزير الدفاع «أفيغدور ليبرمان» وحتّى زعيم حزب هناك مستقبل «يائير لبيد». وتتغذّى هذه العلاقة على مقابلات سريّة بين كل الأطراف، وتعاون استخباراتي عالي المستوى يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومختلف جهود التعاون التي تجري تحت نظر الإعلام.

يرى الكاتب أنه من ناحية أخرى، لم يقدم المحور السني حلولًا حقيقية لعملية سلام تشمل كامل المنطقة بعد. ومن المشكوك فيه أن يتمكن من فعل ذلك دون تقدم حقيقي في المسار الفلسطيني - الإسرائيلي. والآن، مع ذلك، فإنّ القليل الذي تمّ إنجازه من خلال المقابلات معرض للخطر.

التروس الجامدة في المحور السني

وقالت مصادر مقربة من جميع اللاعبين للمونيتور أنّ التروس في المحور السنّي لا تكاد تتحرك، وهناك تحدٍّ يقابل وحدة الهدف، وأيًا كان الانسجام الموجود، فإن هناك فتنة تنمو. وعمومًا، يرجع ذلك غالبًا إلى الفشل في سوريا في مواجهة التحالف الروسي الشيعي العلوي، بقيادة الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والمرشد الأعلى لإيران «آية الله علي خامنئي» والرئيس السوري «بشار الأسد». وفي وسط ذلك تظهر الأزمة الرئيسية التي تحوّلت إلى صراع بين مصر والسعودية، العضوين الأبرز في التحالف السني. وكلا البلدين يحمل عبء التحالف بأكمله على كاهليه، فمصر تملك الجيش الأقوى، والسعودية هي العضو الأكثر ثراءً الذي يموّل جزءً كبيرًا من الجهود السنّية في مختلف الجبهات، بما في ذلك الحفاظ على الاقتصاد المصري من الانهيار.

ووفقًا لتقديرات مختلفة، اندلعت الأزمة بسبب تخوفات سعودية من أنّ الرئيس «عبد الفتاح السيسي» قد حوّل مساره في سوريا ويدعم الآن الإبقاء على «الأسد» في السلطة. ومع كونهم غارقين في قتالهم ضد «الأسد» والمحور الشيعي، يعتبر السعوديون أن هذا التحول في موقف أخطر من مجرد تعبير عن الجحود. بالنسبة لهم فهو يمثّل خيانة حقيقية. لقد ضخّ السعوديون مليارات كثيرة من الدولارات في الاقتصاد المصري لمساعدة «السيسي» على البقاء في العام الأول له في الرئاسة. والآن هم ساخطون عليه للغاية وقد سحبوا دعمهم مؤخرًا. ويهز هذا الصراع أسس التحالف السنّي.

وتجد (إسرائيل) نفسها ممزقة بين بين السعودية ومصر. فمن الناحية العملية، تدعم (إسرائيل) موقف السعودية ضد المحور الشيعي كتهديد استراتيجي يهدد المنطقة بأكملها، وتتفهم طلب السعودية بإزاحة «الأسد» عن السلطة، بغض النظر عن التسويات النهائية في سوريا. وعلى الجانب الآخر، تتمتع (إسرائيل) بعلاقات استراتيجية وثيقة مع مصر، بما في ذلك اتفاقية السلام والجهود المشتركة ضد حماس في غزة وولاية سيناء.

قلق في (إسرائيل)

ونظرًا لهذا الوضع، يوجد قلق متزايد في (إسرائيل) بشأن استقرار النظام المصري، لاسيما في ضوء التدهور المتسارع للاقتصاد المصري. وقد أدلى أحد المسؤولين الأمنيين البارزين في (إسرائيل) للمونيتور، بشرط عدم الكشف عن هويته، بتصريحه قائلًا: «لا نفهم تمامًا المنطق وراء ما كان يفعله الرئيس السيسي طوال العام الماضي. وقد اختفى الآن الحذر الذي ميّز فترته الأولى في الرئاسة. والآن يقدم على الكثير من المخاطر، والتي تخدم فقط عدم الاستقرار المتزايد في مصر».

وأشار المصدر إلى عدد من صفقات السلاح التي أبرمها «السيسي» وقد أثارت الدهشة في (إسرائيل). وقال مصدر أمني إسرائيلي آخر للمونيتور: «لقد اشتروا 4 غواصات ألمانية وحاملتي مروحيات فرنسية مقابل ثروة صغيرة. هذا بالإضافة إلى عدد من الاتفاقات مع روسيا والصين من أجل شراء عدد من الطائرات المقاتلة».

ووفقًا لهذه المصادر، يظل هذا الأمر محيرًا حول الدافع من وراء الاستحواذ على هذه الأسلحة في الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد، ويتم تخفيض الدعم الحكومي، وتنمو الاضطرابات الشعبية. وأضاف المصدر الأخير: «نأمل أن يكون السيسي يعلم ما يفعله، لأنّنا حقيقةً لا نفهم ذلك».

أضف إلى ذلك الوضع المعقد والغموض الذي يكتنف النهج التكتيكي الذي ستعتمده الإدارة الأمريكية الجديدة فور توليها المنصب يوم 20 من يناير/ كانون الثاني. ويحوم الغموض حول الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالنسبة لكل الأطراف الفاعلة في المنطقة، بما في ذلك (إسرائيل). ومصر أكثر توترًا بشأن التحول الجديد، نظرًا لتزايد نداءات الحزب الجمهوري بوقف المساعدات الأمريكية لمصر ردًا على التدابير الصارمة والتشريعات المعادية للديمقراطية التي تبنّاها «السيسي». وتأمل مصر في تلقّي دعم من (إسرائيل)، في صورة ضغط على واشنطن لصالح مساعدة القاهرة كما حدث قبل ذلك في أكثر من مناسبة.

ومع ذلك، فإن كل ذلك سينتظر لحين دخول «ترامب» إلى المكتب البيضاوي الشهر القادم. ولا يتمتع الرئيس المنتخب بكثير من الخبرة بمستنقع الشرق الأوسط. وسيحتاج، بالتالي، إلى جرعة مضاعفة من الحظ لتخطي أشهره الأولى في السلطة.

في الوقت نفسه، تحاول الحكومة المنتهية ولايتها التقليل من الفوضى قبل المغادرة. لذا، وعلى سبيل المثال، قال وزير الخارجية «جون كيري» لمنتدى سابان في واشنطن العاصمة يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول أنّه وشك التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المتشددة في اليمن والذي من شأنه، على الأقل، إعادة الهدوء لذلك الجزء من المنطقة، على المدى القصير. ومع بداية 20 يناير/ كانون الثاني، سيصبح كل شيء آخر في المنطقة من مسؤولية إدارة «ترامب».

بن كاسبيت - المونيتور - ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-