من المرجح ألا يصب قرار أوبك خلال الأسبوع الماضي بخفض إنتاج النفط في مصلحة السعودية على المدى الطويل. تبدو مشاكل المملكة أكثر عمقا، وحتى عند سعر 50 دولارا للبرميل، فإنها ستواجه عجزا كبيرا يتطلب المزيد من الاقتراض وخفض الدعم الذي سوف يجلب المزيد من الألم للسكان السعوديين الذين اعتادوا على الحياة السهلة.
استطاعت المملكة العربية السعودية الهروب من الربيع العربي مستخدمة احتياطاتها النفطية الهائلة وقياداتها القوية المتحكمة. تقف المملكة اليوم في وضع مختلف، وهي تواجه ضغوطا متزايدة قد تؤدي في النهاية إلى عدم الاستقرار السياسي. كما أن حالة عدم اليقين الاقتصادي للبلاد تتسع في ظل خفض الدعم والرواتب الذي أثر على السعوديين الذين اعتادوا على تلقي الدعم من الدولة في الوقت الذي عانت فيه الحكومة عجزا هائلا على مدار العامين الماضيين. هذا يعني أن الرواتب تتراجع في الوقت الذي تتزايد فيه التكاليف وهذا ما يسبب الإحباط للناس العاديين. قام عمال البناء بإحراق الحافلات أثناء تظاهراتهم في مكة المكرمة بسبب عدم الحصول على رواتبهم منذ شهور.
أضف إلى ذلك وجود حالة من عدم اليقين السياسي الناجم عن التنافس على العرش بين ولي العهد الأمير «محمد بن نايف»، وولي ولي العهد عديم الخبرة الأمير «محمد بن سلمان» الذي يظهر الكثير من التهور أحيانا، وهو ما جعل بعض المسؤولين الأمريكيين قلقون بشأن انهيار النظام. وقد أطلق بعض كبار الأمراء السعوديين دعوة لتغيير النظام وعبروا عن عدم ثقتهم في الأمير البالغ من العمر 31 عاما. ويتم الآن اتهام العائلة المالكة السعودية التي كانت توصف يوما ما بأنها حكيمة وحذرة بأنها تقود حربا مكلمة بلا جدوى في اليمن المجاور. الأمن الداخلي هو مشكلة أخرى تواجه السعوديين في الوقت الذي تظهر فيه الدولة الإسلامية حضورا قويا في المملكة.
هذه الصدمات السياسية العديدة بإمكانها أن تحفز العديد من النتائج المحتملة: هل يمكن أن تسفر الأمور عن حدوث انقلاب قصر من قبل أحد الأفرع المتنافسة في بيت آل سعود، أو ربما الاستيلاء على الحكومة من قبل أحد الجماعات الإسلامية المعادية للغرب، أو حتى حدوث بعض الاضطرابات المدنية؟ هل سيكون الأمر مفاجئا وكليا بمعني فقدان القدرة على الحكم تماما مع حدوث فوضى عارمة، أم أن الأزمات سوف تظل تشتعل ببطء على الموقد الخلفي؟ وبطبيعة الحال، فإن كل سيناريو وكل مستوى من الشدة سوف تكون له نتائج مختلفة. ونظرا لأن حالة الاستقرار قد بدأت بالفعل، فليس من السابق لأوانه البدء في تقييم آثارها.
يبقى حدوث انقلاب قصر هادئ ومدبر من قبل الأفرع المهمشة من العائلة احتمالا واردا، لكن المملكة ربما تكون قادرة على الحفاظ على استقرارها والاستمرار بعد حدوث هذه العملية. لذلك فإن هذا السيناريو، الذي يبدو أكثر احتمالا من السيناريوهات التالية، يطرح عددا أقل من المخاطر التي تهدد الاستقرار السياسي في المملكة العربية السعودية والمصالح الغربية في المملكة.
بعد عقود من التلقين الإسلامي الأصولي للشباب السعودي، وفي ظل بقاء هؤلاء الشباب عاطلين عن العمل، فإنهم لن يظلوا متبنين للقيم الليبرالية الغربية. تبقى إمكانية سقوط السعودية في يد عناصر إسلامية معادية للغرب أخطر سيناريوهات التغيير، نظرا لأنه في هذه الحالة يمكن استخدام الموارد الهائلة للمملكة وتوظيفها ضد المصالح الغربية.
أحد السيناريوهات الأخرى المحتملة هو نشوء اضطرابات مدنية تستهدف أهدافا مختلفة، وتثيرها القوى الأكثر ليبرالية، ويمكن أن تؤدي إلى الفوضى وتنتشر في المحافظات الكبرى مثل نجد والحجاز وحتى المنطقة الشرقية الغنية بالنفط حيث يقطن معظم السكان الشيعة في البلاد.
من المفرط في التفاؤل أن نفترض أن المملكة لديها الموارد والحاجة الملحة، والمواهب اللازمة للاندفاع بسرعة إلى عصر ما بعد النفط. بالتأكيد فإن خطط الإصلاح مثل رؤية 2030 تبدو مهمة بشدة. ومع ذلك، فإنه ليس من الواضح كيف يمكن للسعوديين أن يتقبلوا حاجتهم إلى العمل من أجل لقمة العيش. يجب على الولايات المتحدة أن تتفحص بدقة حجم الاستقرار في السعودية وأن تضع خططا للطوارئ في حالة الخطر. كما يجب عليها أن تتجهز أيضا للإجابة على الأسئلة الكبرى: كيف يمكن الحفاظ على نظم الأسلحة المتطورة؟ وكيف يمكن إبقاء إيران تحت السيطرة؟ ومن الذي سيتدخل لتأمين المواقع المقدسة في الإسلام؟ وماذا سيعني عدم الاستقرار في السعودية بالنسبة للملكيات المجاورة التي تواجه تحديات مماثلة؟
المصدر | واشنطن تايمز- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-