السلطة » خلافات سياسية

استطلاع رأي يوضح تنامي النظرة السلبية للسعودية بين الأمريكيين

في 2017/01/02

يعتقد 47% من الأمريكيين أنّ السعودية، شريك الولايات المتّحدة منذ أربعينات القرن الماضي، غير ودّية أو عدو، وفقًا لاستطلاع رأي مشترك بين «هافينغتون بوست» و«يوجوف».

ويشعر الناخبون الذين صوّتوا للرئيس «دونالد ترامب» بالقلق بشكلٍ خاص. بينما انقسم الناخبون الذين صوّتوا لصالح «هيلاري كلينتون» تجاه السعودية، حيث اعتبر 36 % منهم أنّها صديق أو حليف، و38% اعتبروها غير ودودة أو عدوة، بينما يقول 59% من الذين صوّتوا لـ«ترامب» أنّها غير ودودة في أفضل حال. وكان الشباب أقل من 30 عامًا أقل احتمالًا لرؤية الودّ من جانب السعودية.

وتأتي تلك الأرقام بعد عامٍ من الاهتزاز المفاجئ للعلاقة بين الولايات المتّحدة والسعودية.

وأصبحت الحملة العسكرية للسعودية، والتي تدعمها الولايات المتّحدة لاستعادة الحكومة في اليمن، مثارًا كبيرًا للجدل مع انتشار أخبار مقتل مئات المدنيين بالغارات الجوية السعودية وكيف استفادت الجماعات الإرهابية من تلك الحرب.

ويبحث رجال التشريع، وخاصة من الديمقراطيين، غير الراضين عن تسهيل الرئيس «أوباما» لجهود السعودية، عن طرق لعقاب السعودية، بما في ذلك الإشارة إلى تنامي المعارضة لنقل الأسلحة. (وبينما أوقفت إدارة أوباما بعض شحنات الأسلحة، استمرت في تقديم الدعم المخابراتي والتزويد الجوي بالوقود). وقال السيناتور «كريس مورفي«، قائد الحركة، أنّه يريد الحديث حول ما هو أكثر من اليمن، وأنّه يسعى إلى إعادة تقييم شاملة للعلاقة بين البلدين. لكن لم تعتمد الغالبية في مجلس الشيوخ وجهة النظر هذه بعد، ومع ذلك، تبقى الأصوات التي تثني على العلاقة نادرة.

وقد أدّت معركة أخرى دارت رحاها بالكونغرس إلى ما كنت تتخوّف منه المملكة بشدة.

وفي سبتمبر/ أيلول، اتّحد الديمقراطيون والجمهوريون لتمرير مشروع قانون يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية بمقاضاة السعودية، ثمّ اشتركوا في رفض فيتو «أوباما»، والذي كان متخوّفًا أن يفتح هذا القانون الباب أمام مقاضاة الولايات المتّحدة في الخارج.

وأعادت المعركة حول هذا التشريع التساؤل حول ما إذا كانت السعودية قد سهّلت تلك المأساة. ورغم أنّ المملكة قد قاتلت ضد القاعدة لسنوات، وقد تم تبرئة ساحتها من قبل المحققين الأمريكيين، إلّا أنّ قادة الكونغرس اختاروا إحراز نصر سياسي سهل، الأمر الذي شجّع أصحاب نظرية المؤامرة.

وكانت القيادة السعودية محبطة مسبقًا، نتيجة اهتمام «باراك أوباما» بإقامة علاقات دبلوماسية مع إيران. ومع الضغط الشعبي والسياسي في الكابيتول هيل، تبحث المملكة الآن الانسحاب من العلاقة، بما في ذلك نقل مليارات الدولارات من الاستثمارات خارج الولايات المتّحدة.

وتشير أرقام الاستطلاع أنّ القادة السعوديين قد يكونون على حق فيما يتعلق بإعادة تقييم العلاقة، وأنهم على حكمة للتفكير في طرق جديدة لتعزيز الأوضاع مع شركاء آخرين، نظرًا للتأثير المحدود بشكل واضح لنتائج جهود جماعات الضغط التي دفعوا لها بسخاء.

ويقول «جريج جوس»، خبير السياسات السعودية في جامعة تكساس، لـ«هافينغتون بوست»، أنّ السعودية دائمًا ما كانت غير محبوبة من قبل الشعب والسياسيين، «لكنّ الحرب الباردة لم تعد موجودة لتبقينا معًا».

ووفقًا لـ«غوس»، لم تعتمد السعودية أبدًا على الرأي الشعبي بها في أمريكا، بل كان اعتمادها على السلطة التنفيذية التي تدرك مدى أهمية العلاقة للأمن القومي الأمريكي.

وفي حين انتقد «أوباما» المملكة علنًا، لم يحاول قطع العلاقة معها، وعرض عليها بدلًا من ذلك مبيعات الأسلحة، ولم يقم بالكثير من حركات المنع أو العقاب عن التحركات التي كانت لتهدد استقرار وسمعة الصداقة بين البلدين، مثل الإقدام في وقت سابق من العام الماضي على إعدام الشيخ الشيعي «نمر النمر» أو إطلاق الحرب عام 2015 في اليمن. ويقول «بروس ريدل»، وكيل وكالة المخابرات المركزية السابق، والذي يعمل حاليًا في معهد بروكينغز، أنّ الرئيس كان على استعداد لانتهاك قاعدة مهمة، وهي أن الأصدقاء لا يتركون أصدقاءهم يقودون تحت تأثير الكحول.

الأمور أسوأ مع «ترامب»

وقد تكون الإدارة القادمة مختلفة تمامًا.

لقد دعم «ترامب» مشروع قانون 11 سبتمبر/أيلول ضد السعودية، وأصدر بيانات تهاجم السعودية في إطار صراعه ضد «هيلاري كلينتون». وكانت واحدة من الأحاديث المفضلة لـ«ترامب»، أنّه يتعين على «كلينتون» إرجاع التبرعات التي حصلت عليها مؤسستها الخيرية لأنّهم في السعودية والدول ذات الأغلبية المسلمة يرمون الشواذ من فوق الأسطح، وهي كذبة تتعلق بالإسلاموفوبيا.

وعن طريق ربط المملكة بأحداث قامت بها «الدولة الإسلامية»، كان «ترامب» يشجع خطًا من التفكير قد أصبح شعبيًا بالفعل. وبهذا أصبحت السعودية هدفًا لمروجي الإسلاموفوبيا، والعنصريين الآخرين الذين يسعون إلى سبل لانتقاد العالم الإسلامي.

وكان السعوديون وباقي الأغلبيات المسلمة حريصين على ترويج أنّ كل ذلك مجرّد دعاية انتخابية، وأنّ الخلفية التجارية للرجل ستجعل من السهل التعامل معه، وخاصةً مع اختيارات «ترامب» للأشخاص المعادين لإيران في إدارته الجديدة. وربما يشجعهم كذلك حقيقة ما تظهره استطلاعات رأي «هافينغتون بوست» و«يوجوف» بأنّ الأمريكيين لا يزالون قلقين من إيران (حيث يراها 72 بالمائة من الأمريكيين غير ودودة أو عدوّ). كما أنّهم يدركون أنّ الأمر سيكون مكلّفا للولايات المتحدة بشدة إذا ما خرجوا من العلاقة بشكل كامل.

ولكن قد تكون قسوة «ترامب» ضد إيران، هي الأخرى، حديث انتخابات أكثر منها قناعة شخصية. كما أنّه كرّر كثيرًا، حتّى بعد نجاحه في الانتخابات، أنّ العلاقة مع العالم ذي الأغلبية المسلمة، سيكون بمثابة صراع حضارات.

ومع قلق الأمريكيين من السعودية ومن شريك مسلم كبير آخر (تركيا، عضو حلف الناتو، التي رأى المصوتون على الاستطلاع أنّها صديقة بنسبة 33%، بينما 34% رأوها غير ودودة على الأقل)، قد يقوم الرئيس المنتخب بمناورات في السياسة الخارجية لم يتخيّلها أبدًا أصدقاء الولايات المتّحدة المسلمون. وكل الواضح الآن، هو مدى محدودية ما يمكن أن تكون عليه المعارضة لمثل تلك الإجراءات.

هافينغتون بوست- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-