يُقال والعهدة على الراوي، أن الطاسة المقصودة في الأمثال التاريخية استُخدمت كمقياس رسمي للدولة، كانت تستخدمه حكومة الأمير بشير الثاني الشهابي، أحد أمراء جبل لبنان، لتوحيد المكاييل وللفصل في النزاعات والمشاكل التي تحصل بين التجار (المتهمون بالغش) والزبائن. فلو حصل أن اختلف الطرفان على مقدار الكمية المباعة، لجأ الطرفان إلى طاسة الحكومة للتأكد من الكمية الصحيحة والفصل في الخلاف الواقع بينهما. وقد حصل ذات مرة أن نشب خلاف بين التاجر والمستهلك ما استُدعي اللجوء لطاسة الحكومة، إلا أنهم وجدوها قد اختفت. فصارت مثلاً يُضرب عندما تضيع المقاييس ولا يُعلم كيف تُدار الأمور.
جلسة مجلس الأمة بالأمس كانت بحق هذه الطاسة الضايعة. اجتمع النواب والحكومة ليعملوا لا شيء، سوى المزيد من الضياع والفوضى.
فأعضاء الحكومة اهتمامهم واضح بالتنمية البشرية والبحث عن فرص وظيفية للشباب المُقدر عددهم بحدود 23 ألف خريج جديد.
أما الطاسة ضايعة صح بين النواب. إن كان بعض النواب على هذه المنوال، فالقدر المتيقن أن أفضل حكومة ممكن نحصل عليها هي هذه الحكومة! ففريق من النواب منشغل أين يجلس النائب، بجنب المتعطرة أم المتعففة؟ والثاني مهتم بعرض صور مع الفُرس والروم، والثالث يتحدث عن الأحوال الشخصية للنواب، وهكذا إلى آخر القائمة!
لا تلوموا يا ناس الحكومة، ولا تلوموا النواب، ولا تلوموا الفيضانات ولا الغلاء ولا الزحام ولا اختفاء مليار ونصف المليار من اموال الصحة في ألمانيا، ولا انتشار الكراهية وضياع المواطنة والاستخفاف بالجنسية ولا الاستهتار بالبلد بأكمله... فقط لوموا أنفسكم أن قدمتم لأنفسكم مثل هؤلاء ليحلوا مشاكلكم.
د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-