السلطة » خلافات سياسية

فرحة البدلات تخفي أسباب ودلالات إنشاء «الأمن الوطني» وتعيين أبناء «سلمان»

في 2017/04/24

 

الخطوة الملكية جرى تسويقها بشكل سريع، باعتبارها إنجازا جديدا حققه ولي ولي العهد، بدا ذلك جليا في الوسم الذي تم تداوله على مواقع التواصل، والذي حمل عنوان «#محمد_بن_سلمان_يعيد_البدلات».

وأثارت قرارات «سلمان»، أو «بن سلمان» وفقا للمتداول، ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لاقت استحسانا واسعا من قبل رواد هذه المواقع، خاصة الأوامر المتعلقة بعودة البدلات.

وفي محاولة لنسب «عودة البدلات» لنجل «سلمان»، باعتباره إنجازا يحسب له، قال وزير المالية السعودي «محمد بن عبد الله الجدعان إنه بعد أن أخذت الإصلاحات الاقتصادية طريقها الصحيح وبدأت تؤتي ثمارها، رفع الأمير «محمد بن سلمان بن عبدالعزيز» ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، توصيته بإعادة هذه البدلات والمزايا كما كانت.

وأضاف «الجدعان»، أن الأمر الملكي الكريم سينعكس بشكل عام وإيجابي على الاقتصاد السعودي على المدى القريب، مشيراً الى أن الحكومة حققت نجاحات في ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي من خلال استهداف خفض قدره 80 مليار ريال في العام الماضي و17 مليار ريال في العام الحالي، مضيفاً أن نتائج الربع الأول لأداء الميزانية العامة تظهر أن الإيرادات كانت أفضل مما هو متوقع، والمصروفات أقل من ما هو معتمد للفترة، حيث بلغ العجز حوالي 26 مليار بينما المتوقع كان حوالي خمسون مليار ريال، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس».

وعلى تويتر، عبر عدد من المغردين عن فرحتهم بعودة البدلات مشيرين الى أنها تدل على شجاعة وحكمة صانع القرار، فيما أشار آخرون الى أنها تؤكد على أن المملكة تسير بالشكل الصحيح للخروج من الأزمة الاقتصادية، على حد تعبيرهم.

قرار عودة البدلات، ألقى بظلال كثيفة على قرارين مؤثرين، الأول القرار الملكي بإنشاء مركز للأمن الوطني، يرتبط تنظيميا بالديوان الملكي.

وتضمن القرار، تعيين «محمد الغفيلي» مستشارا للأمن الوطني بالمرتبة الممتازة.

وتضمن القرار أن يكون «الغفيلي» عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومشرفا على أمانة المجلس.

ولم ينص القرار الملكي على تعيين رئيس للأمن الوطني، بينما نص على تبعيته للديوان الملكي مباشرة، وهو ما يعني ضمنا إشراف ولي ولي العهد على الجهاز مما سيعزز من صلاحياته في شؤون الأمن الداخلي. 

أكد هذا المنحى المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، معلقا على أسباب الأوامر الملكية الأخيرة، بالقول في تدوينة على موقع التواصل «تويتر»، إن «مركز الأمن الوطني الجديد الخاضع للديوان الملكي سيكون وسيلة قص أجنحة الداخلية كمقدمة لطرد محمد بن نايف، وسوف يلحق به كل فروع الداخلية الحساسة»، على حد قوله.

ومن آن لآخر ينتزع «بن سلمان»، صلاحيات موسعة من ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن نايف» نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، منذ تعيينه كولي للعهد.

القرار الثاني

القرار الثاني الذي يعزز رؤية «مجتهد»، الأمر الملكي بإعفاء سفير المملكة لدى واشنطن الأمير «عبد الله بن فيصل بن تركي»، وتعيين الأمير «خالد بن سلمان» (شقيق محمد) خلفا له، بالإضافة إلى تعيين الشقيق الثالث الأمير «عبد العزيز بن سلمان» وزيرا للدولة لشؤون الطاقة.

يقول «مجتهد» في تدوينته المثيرة للجدل، إن «اختيار خالد بن سلمان (شقيق محمد) سفيرا في واشنطن هو جزء من ترتيبات محمد بن سلمان لضمان علاقة مغلقة مع دونالد ترامب دون وسيط آخر من الأسرة لشق الطريق للملك».

أضاف، «تعيين محمد بن سلمان سفيرا في واشنطن هو بمثابة إنشاء شبكة vpn بين ترامب ومحمد بن سلمان بعد أن كانت الشبكة باتصال عادي عن طريق أمير آخر»، وفق تدوينته.

ووفق «مجتهد»، فإن «إعادة البدلات والعلاوات توطئة للأسوأ»، قائلا: «ترقبوا في كل شهر قرارا بضريبة جديدة، رفع أسعار الخدمات والوقود، إلغاء الدعم عن المواد الأساسية».

وتضمنت قرارات العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، إعادة صرف جميع البدلات والمكافئات والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين التي تم إلغاؤها أو تعديلها أو إيقافها إلى ما كانت عليه، واعتماد صرف مكافأة شهرين للمشاركين الفعليين في الصفوف الأمامية لعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد خفض في سبتمبر/أيلول الماضي، من مزايا موظفي الدولة البالغ عددهم أكثر من مليوني موظف حكومي مدني، وقرر إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت، وخفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم بنسبة 20%، كما خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) بنسبة 15%.

وأعلنت السعودية في ديسمبر/كانون أول الماضي، موازنة العام 2017، بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليارات دولار)، مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)، بعجز قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليارات دولار).‏‎

وشملت القرارات الملكية أوامر بإعفاء قائد القوات البرية من منصبه، وعين الأمير «فهد بن تركي» خلفا له.

وأعفى الملك «سلمان» وزير الثقافة والإعلام «عادل الطريفي» من منصبه، وعين «عواد بن صالح العواد» خلفا له، كما أعفى وزير الخدمة المدنية «خالد العرج» من منصبه، وقرر إحالته إلى التحقيق فيما ارتكب من تجاوزات.

وشملت الأوامر أيضا تعيين «إبراهيم العمر» محافظا للهيئة العامة للاستثمار، وتعيين «أحمد عسيري» نائبا لرئيس الاستخبارات.

وتضمنت الأوامر الملكية إعفاء «عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز» من منصبه في رئاسة هيئة الرياضة. ونصت الأوامر أيضا على تقديم موعد اختبارات نهاية العام الدراسي إلى ما قبل شهر رمضان.

وكشفت تقارير صحفية، وتغريدات سابقة للمغرد السعودي الشهير «مجتهد»، استطاع «الخليج الجديد» عبر مصادر خليجية مطلعة التأكد من دقتها، أن (إسرائيل) والإمارات لعبتا دورا مهما في ترتيب زيارة «بن سلمان» لأمريكا ولقائه «ترامب». وقد ظهر ذلك في الترويج لولي ولي العهد السعودي - عبر شركات العلاقات العامة المتعاقدة مع الإمارات - باعتباره الحليف المناسب للرئيس «ترامب» في حربه على الإرهاب. ليس فقط من خلال تصريحات «بن سلمان» بل من خلال الترويج لدوره في التصدي لرجال الدين (المحافظين)، وخططه (الإصلاحية) التي تتمثل في تقييد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتقال علماء ودعاة انتقدوا سعيه لإرضاء الغرب – مثل الشيخ عبد العزيز الطريفي – ودعم أنشطة هيئة الترفيه.

ووفق «مجتهد»، «فقد ردّد بن سلمان في لقاءاته مع الأمريكان أن السعودية ستسقط بيد المتطرفين إن لم تقف أمريكا معه، يقصد ضد الجناح الآخر، دون أن يصرح بذلك».

كما كشف «مجتهد» أن مساعي «بن سلمان» لخلافة والده تجددت بعد استلام «ترامب» السلطة، حيث «تمكن فعلا من بناء علاقة قوية مع المقربين من ترامب وخاصة رودي جولياني عمدة نيويورك سابقا». لكن الملك «سلمان» رفض الفكرة، بحسب مجتهد. ولفت «مجتهد» أن «جولياني قد أثنى شخصيا على بن سلمان وقال بالنص أنه يسعى مشكورا للتطبيع مع إسرائيل والحد من سلطة المتشددين الإسلاميين في السعودية».

وقد استهدفت الزيارة بالتالي أن تزداد أهمية الأمير «محمد بن سلمان» لدى واشنطن على حساب ولي العهد الأمير «محمد بن نايف». لكنّ «بن نايف» مازال يتمتع بثقة الولايات المتحدة. لذا سيعمل ولي ولي العهد السعودي مع شركائه الإقليميين على تعزيز فرصه والإسراع بتحقيق طموحه. وهو ما سيضعه في مواجهة داخلية مع أطراف في العائلة المالكة وولي العهد، كما سيتطلب منه الاستجابة لمزيد من الالتزامات تجاه حلفائه في أبوظبي وتل أبيب باعتبارهم بوابته إلى واشنطن.

أحمد ولد مبروك- الخليج الجديد-