السلطة » خلافات سياسية

هكذا أثرت استثمارات «ترامب» في الإمارات والسعودية على موقفه من قطر

في 2017/06/19

قام الرئيس «ترامب» بأعمال تجارية مع أفراد الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية لمدة 20 عامًا على الأقل، حيث باع فندق بلازا إلى شراكة شكلها أميرٌ سعودي. وقد حصل السيد ترامب على ملايين الدولارات من الإمارات العربية المتحدة لوضع اسمه على ملعب للجولف، وآخر يفتتح قريبًا.

لكنّه لم يدخل قط السوق المزدهرة في قطر المجاورة، على الرغم من المحاولة لأعوام.

والآن اندلع نزاعٌ بين هؤلاء الحلفاء الهامين الثلاثة للولايات المتحدة، وألقى السيد «ترامب» بثقله بقوة وراء البلدين اللتان يتمتع معهما بعلاقاتٍ تجارية، مما أثار مخاوف جديدة بشأن التداخل بين دوره العام كرئيس وأرباحه المالية التجارية.

وقال «ترامب» أنّه يدعم السعودية والإمارات لأنّ قطر «ممولة للإرهاب». بيد أنّ موقفه من قطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية فى المنطقة، اختلف بشدة عن موقف وزارة الدفاع ووزارة الخارجية. وظل رجال الدفاع والخارجية محايدين، وحثوا على الوحدة أمام العدو المشترك المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية.

ويعد «ترامب» هو أول رئيس خلال 40 عامًا يبقي على مصالحه التجارية الشخصية بعد دخول البيت الأبيض. ويتعين على كبار المسؤولين الآخرين في السلطة التنفيذية التخلي عن أصولهم. ويقول النقاد أنّ قراره الفريد بالتمسك بإمبراطوريته التجارية العالمية يلقي حتمًا شكوكًا حول دوافعه، وخاصةً عندما تتفق تصرفاته العامة مع مصالحه التجارية.

وقال «بريان إيغان»، المستشار القانوني لوزارة الخارجية في ظل إدارة «أوباما»: «ترى دول أخرى في الشرق الأوسط ما يحدث وربما تفكر:يجب أن نبدأ في فتح ملاعب الغولف خاصتنا أو يجب أن نشتري غرفًا في فندق ترامب إنترناشونال». وحتى لو لم يكن هناك أمر شائن في نية الرئيس، فوجود رئيس يكسب المال من حيازات الأعمال في الأماكن الحساسة في جميع أنحاء العالم من المرجح أن يكون له تأثير.

ورفض متحدثٌ باسم البيت الأبيض الرد على أسئلة حول تضارب المصالح. وقال المتحدث «مايكل شورت« في رسالة بالبريد الإلكتروني فقط، أنّ «السيد ترامب قد أخرج نفسه رسميًا من إدارة أعماله، ومن منظمة ترامب».

ولا يقلل الابتعاد عن الإدارة دون التخلي عن الملكية من الحوافز المالية أو النزاعات المالية التي يتعرض لها السيد «ترامب»، وهو ما حذر منه مدير مكتب الأخلاقيات الحكومية قبل تنصيبه.

الأزمة القطرية

وقد اندلع العداء في الخليج العربي في 5 يونيو/حزيران، عندما قطعت السعودية والإمارات وحلفاؤهما العرب العلاقات التجارية والسفر والعلاقات الدبلوماسية مع قطر، كعقابٍ على ما زعموا به من دعمها للإرهاب. غير أنّ خبراء المنطقة والدبلوماسيين الأمريكيين قالوا أنّ النزاع يبدو أنّه يتعلق بالمزيد من مواجهة نفوذ واستقلال الدولة الصغيرة.

وقد ردت «دانا شل سميث»، سفيرة الولايات المتحدة في قطر، على هذه المواجهة من خلال إعادة تغريد بيانٍ من وزارة الخزانة يشيد بقطر لمواجهتها تمويل المتطرفين.

وبعد بضعة أيام دعا وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» قطر إلى «إزالة مخاوف جيرانها»، لكنّه أضاف: «ندعو السعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى تخفيف الحصار المفروض على قطر». وأشار إلى أنّ النزاع يضعف التجارة الدولية ويعرقل الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن ناحية أخرى، أيد «ترامب» الحصار فور أن بدأ. وكان قد عاد قبل أيام من اجتماع قمة في الرياض بالسعودية مع قادة جميع دول الخليج، وأعلن على موقع تويتر أنّ زيارته بدأت «تؤتي ثمارها بالفعل».

ثم دافع السيد «ترامب» عن الحصار مرة أخرى بعد ساعات من حث السيد «تيلرسون» على وضع حدٍ له. وقال «ترامب» أنّ «الوقت قد حان لدعوة قطر إلى إنهاء تمويلها للإرهاب».

تاريخ من الأعمال

وتمتد تعاملات السيد «ترامب» مع السعوديين إلى عام 1995 على الأقل، عندما باع فندق بلازا إلى شراكة شكلها أميرٌ سعودي ومستثمر من سنغافورة. وقد مكنت الصفقة، البالغة 325 مليون دولار، السيد «ترامب» من الهروب من سداد قروضه. (أفيد أنّ الأمير نفسه قد اشترى يخت السيد ترامب بمبلغ 18 مليون دولار قبل أربع سنوات).

وقال في أغسطس/آب 2015 في أحد التجمعات: السعوديون «يشترون الشقق مني. إنّهم ينفقون 40 مليون دولار أو 50 مليون دولار. فهل من المفترض أن أكرههم؟ أنا أحبهم كثيرًا».

وقدمت شركته أوراق عملٍ لإنشاء ثماني شركات غير نشطة في السعودية في ذلك الوقت، وكان هناك تفكير في إنشاء فندق أو صفقة ترخيص في جدة، لكن لم تؤت ثمارها.

وفي شهر مايو/أيار، وافق حكام المملكة على استثمار 20 مليار دولار في صندوق الاستثمار في البنية التحتية الأمريكية، وصدر في إطار مبادرة من السيد «ترامب». وذهب الاستثمار الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار إلى صندوق أنشأته شركة إدارة الأموال «بلاكستون»، التي يعد مؤسسها مقربًا من السيد «ترامب» وابنته «إيفانكا» وزوجها «جاريد كوشنر».

وأجرى السيد «ترامب» أول صفقة له في دبي، في الإمارات، عام 2005، لبناء فندق مع شركة تطوير عقاري مملوكة للدولة. وقد انسحب بعد الأزمة المالية عام 2008. ولكن بحلول عام 2010، عاد السيد «ترامب» مع زوجته و«دونالد الابن»، إلى المنطقة لاستكشاف أعمال جديدة.

وارتبط اسم السيد «ترامب» عام 2013 مع «حسين سجواني»، المطور الذي يشار إليه أحيانًا باسم «دونالد دبي». وتعتمد جميع شركات التطوير العقاري الكبرى في دولة الإمارات اعتمادًا كبيرًا على حكام البلاد، الذين قد يأذنوا بمشاريعها أو يحجبوها إذا أرادوا.

وقد وافق السيد «ترامب» على إدارة ملعب للجولف كجزء من التطوير الذي وضعته «داماك»، شركة السيد «سجواني». وقام «ترامب» بتعليق لوحات إعلانية تحمل صورة السيدة «ترامب»، وهي عارضة أزياء سابقة ومديرة تنفيذية لشركته، في جميع أنحاء المدينة، وأعلن أنّه «أعظم مجمع للجولف في آسيا». وفي عام 2014، وافق على إدارة مجمع جديد مع السيد «سجواني».

وقد عادت ملاعب الجولف على السيد «ترامب» بمبلغ يقدر بين 2 مليون إلى 10 مليون دولار حتى قبل فتحها، وفقًا لاستمارات الإفصاح المالي المقدمة في مايو/أيار عام 2016. ثم، بعد انتخاب السيد «ترامب» رئيسًا، عرض عليه السيد «سجواني» دفع مبلغ 2 مليار دولار إضافية له لتطوير المزيد من المخصصات. ولم ترد شركة السيد «سجواني» على رسائل طلبات التعليق.

وقال السيد «ترامب»، بصفته الرئيس المنتخب، أنّه رفض العرض. وقال في يناير/كانون الثاني الماضي: «لم أكن مضطرًا إلى رفضه مشيرًا إلى أنّ الرؤساء معفيون من قوانين الأخلاق التي تحظر مثل هذه النزاعات».

وعندما حضر السيد «سجواني» حفل عشية رأس السنة مع «ترامب» في منتجع مار-إيه-لاغو، أشاد السيد ترامب بأسرة سجواني بأنّهم «أشخاص جميلون». وبعد بضعة أسابيع، حضر أولاده، دونالد الابن وإريك، افتتاح أول ملعب للجولف في دبي، وفي 16 مايو/أيار، نشر السيد «سجواني» صورة على إنستغرام، لنفسه وهو يتناول الطعام مع «دونالد ترامب» الابن في دبي. وكتب السيد «سجواني» أنّهما قد تناقشا «الأفكار الجديدة والابتكار».

وفي تقرير الإفصاح المالي الذي صدر يوم الجمعة، ذكر السيد «ترامب» انخفاضًا حادًا في دخله في دبي، إلى حوالي 13 ألف دولار في 16 شهرًا تقريبًا، دون تفسير. ومن المتوقع أن يفتتح ملعب «ترامب» الثاني للجولف في 2018.

أقل حظا مع الدوحة

وبحث السيد «ترامب» وزوجته عن صفقات في الدوحة بقطر أيضًا، وفتحت منظمة «ترامب» في نهاية المطاف مجموعة شركات هناك. وقالت السيدة «ترامب» في نشرة «أخبار الخليج» الإماراتية بعد رحلة إلى قطر عام 2010: «إن النمو والتطور واعد ومتميز» في الدوحة.

ولكن كان «ترامب» أقل حظًا في الدوحة. وكانت أعماله الوحيدة في قطر تقتصر على استئجار مساحات المكاتب في «برج ترامب»، في مانهاتن، لصالح الخطوط الجوية الوطنية. وقد خرجت الشركة قبل أن يصبح السيد «ترامب» رئيسًا.

وقال «كلايتون سويشر»، وهو صحفي يعمل في شبكة الجزيرة المملوكة لقطر، في حديثٍ صدر مؤخرًا عن هذا الموضوع، أنّ البعض في قطر يسألون الآن عما إذا كانت قطر قد أخطأت بتفويت الفرصة للقيام بأعمال تجارية مع شركات «ترامب».

وتساءل: «هل كان من الممكن أن يتصور أي شخص قبل خمسة أو عشرة أعوام، عندما رفض رجال الأعمال القطري العمل مع رجل أعمال في نيويورك ومستضيف برنامج تلفاز واقعي، أنّهم كانوا بذلك يعرضون أمن بلادهم للخطر؟».

نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-