السلطة » خلافات سياسية

«ملك المستقبل».. الكثير من التحديات والقليل من الخبرة

في 2017/06/23

تايم- ترجمة وتحرير شادي خليفة-

أصدر العاهل السعودي قرارًا بتنصيب ابنه «محمد بن سلمان»، البالغ من العمر 31 عامًا، وليًا للعرش يوم الأربعاء، بديلًا عن ابن عمه «محمد بن نايف»، الأمر الذي اعتُبر تحولًا سياسيًا تاريخيًا في إحدى القوى الإقليمية الرئيسية في الشرق الأوسط.

وكان «محمد بن سلمان»، وهو النجم الصاعد داخل العائلة المالكة السعودية، أحد أقوى القادة في المملكة. وهو يدعو إلى سياسة خارجية سعودية قوية، ويقود أيضًا إصلاحًا شاملًا للاقتصاد السعودي. وبوصفه وزير الدفاع في البلاد، فهو المسؤول عن الحرب الجوية السعودية المستمرة منذ عامين في اليمن، حيث لقي أكثر من 10 آلاف شخص مصرعهم، في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في العالم.

وقد أصبح الأمير الشاب الآن في وضعٍ يسمح له بالسيطرة على المملكة، في لحظة يتزايد فيها الاحتكاك مع دول الجوار. وقد انضمت السعودية مؤخرًا إلى الإمارات ومصر والعديد من الدول الأخرى لإطلاق حملة حصار على قطر، على إثر نزاعٍ طويل الأمد بين الدول العربية حول دور الإسلام السياسي في المنطقة. كما تكافح الحكومة السعودية انهيار أسعار النفط، وتعاني من التوترات المستمرة مع إيران، المنافس الرئيسي للمملكة على مستوى المنطقة من أجل السلطة والنفوذ.

وفى مرسومٍ ملكيٍ صدر يوم الأربعاء، أطاح الملك «سلمان» بولي العهد السابق ابن أخيه «محمد بن نايف»، الذي يبلغ من العمر 57 عامًا، كما تم عزل «بن نايف» من منصبه كوزير للداخلية. وفي علامة أخرى على التحول بين الأجيال، حل محل «بن نايف» كوزيرٍ للداخلية أمير غير معروف نسبيًا، يبلغ من العمر 33 عامًا، يدعى «عبد العزيز بن سعود بن نايف».

وفي مشهدٍ لافتٍ للنظر، ظهر ولي العهد الجديد أمام الكاميرات صباح يوم الأربعاء، وهو يضع قبلة على يد «محمد بن نايف» ويركع أمامه، وهو الرجل الذي حل محله، بعد أن تلقى منه الولاء والبيعة في قصر الصفا في مكة المكرمة. وقال التلفزيون الرسمي أنّه لم يكن هناك الكثير من المعارضة، حيث صوت 31 من بين 34 من كبار أعضاء الأسرة المالكة في مجلس البيعة لصالح التغيير.

وقال «محمد اليحيى»، المحلل السياسي السعودي المنتسب للمجلس الأطلسي في واشنطن: «لم تكن هذه العملية لتمضي بسلاسة أكثر مما كانت عليه». وأخبر الـ «تايم» في رسالة بالبريد الإكتروني أنّ «العثور على آليات بديلة للخلافة لم يكن سوى مسألة وقت في السعودية».

وقد فاجأ ولي العهد الجديد محمد بن سلمان المراقبين السياسيين عندما برز كأحد القادة الرئيسيين للمملكة العربية السعودية عام 2015، بعد أن صعد والده للعرش. وقد أصبح في وقتٍ قصير الوجه العام للتغييرات الحاسمة في الاقتصاد السعودي، والتدخلات العسكرية المدمرة للبلاد في اليمن المجاورة.

وقد تسببت المملكة في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في العالم الآن. وقد أطلقت السعودية العملية العسكرية في مارس/آذار عام 2015، لطرد المتمردين الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة المعترف بها دوليًا في البلاد. وبعد أكثر من عامين، لا يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء، وقد أدت الحرب إلى خسائر هائلة في صفوف المدنيين. وتعاني اليمن الآن من أزمة غذائية متزايدة، ويواجه الملايين المجاعة، فضلًا عن الانتشار السريع للكوليرا، وقد أصابت الآن أكثر من 70 ألف حالة. وفي خضم هذه الفوضى، توسعت الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن.

وقال روبرت جوردان، الذي عمل سفيرًا أمريكيًا لدى المملكة في الفترة من 2001 إلى 2003، في مقابلة عبر الهاتف: «لدى الأمير الكثير من التحديات في المستقبل، وليس لديه الكثير من الخبرة، لذلك أعتقد أنّ الكثير من المجتمع السعودي بما في ذلك عددٌ من كبار أعضاء العائلة المالكة يراقبون الموقف بعناية فائقة لمعرفة ما إذا كان على مستوى المهمة».

وقال «محمد بن سلمان» أنّه لا يرى إمكانية لإجراء حوار مع إيران، منافس السعودية في التسابق الإقليمي على السلطة. ويعتبر التنافس بين السعودية وإيران خط فاصل كبير في الشرق الأوسط، حيث تكافح الدولتان من أجل النفوذ في سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية. ووصف التلفزيون الإيراني قرارات الملك السعودي يوم الأربعاء أنها «انقلابٌ ناعم».

وتواجه السعودية، التي تعتمد تمامًا في اقتصادها على عائدات النفط، مهمة هائلة وحساسة متمثلة في تحويل اقتصادها من أجل التصدي للانهيار في أسعار النفط منذ أواخر عام 2014. وفي عام 2016، أطلقت الحكومة السعودية خطة طموحة للتغييرات في هيكل الاقتصاد، مع مسؤولية «محمد بن سلمان» عن تنفيذها. وتشمل المبادرة، التي تسمى «رؤية 2030»، تخفيضات الدعم وخصخصة جزئية لشركة النفط الحكومية العملاقة، أرامكو السعودية. كما يدعو النص الأساسي للخطة إلى توفير «الفرص للجميع، رجالًا ونساءً، شبابًا وكبارًا».

وحتى الآن، أسفرت خطة الإصلاح عن نتائج غير واضحة. فبعد أن أدت إجراءات التقشف التي أُدخلت عام 2016 إلى درجة من عدم الرضا العام، عكس الملك «سلمان» بعض التخفيضات في أبريل/نيسان، وأعاد تقديم العلاوات والبدلات للموظفين العموميين. وقد تم تأجيل خطط طرح الأسهم الأولي لشركة أرامكو السعودية. وحتى في الوقت الذي خفضت فيه الموازنات في الداخل، اشترى الأمير الشاب «محمد بن سلمان» يختًا بقيمة 550 مليون دولار من أحد أقطاب الفودكا الروس، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.

وقد اكتسب ولي العهد الجديد الطموح علاقة جيدة مع الرئيس «دونالد ترامب». وقد عقد الزعيمان محادثاتٍ في البيت الأبيض في مارس/آذار الماضي، وجعل «ترامب» السعودية المحطة الأولى في جولته الخارجية الأولى كرئيس في مايو/أيار. وقال «ترامب» أنّ الزيارة حققت نجاحًا من ناحية السياسة الخارجية، حيث أعلن مجموعة من مبيعات الأسلحة للسعوديين بلغ مجموعها نحو 110 ملايين دولار. وكانت بعض تلك الصفقات قد تم الاتفاق عليها مبدئيًا خلال إدارة «أوباما».