السلطة » خلافات سياسية

بقضايا مفصلية.. أين اختلفت السعودية والإمارات واتفقتا مع قطر؟

في 2017/07/13

الخليج أونلاين-

فتحت الأزمة الخليجية المشتعلة بالمنطقة، الباب على مصراعيه لتفسير متانة التحالف السعودي - الإماراتي، المشترك مع البحرين في مقاطعة وحصار دولة قطر، حيث بدا تحالفاً توافقياً لم تكن إشارات وجوده حاضرة بقوة في فترات ماضية، رغم اشتراك البلدين في قضايا مصيرية.

لكن هذا التحالف، ورغم اتفاقه على العديد من قضايا المنطقة؛ كمحاصرة قطر، وعداء الجماعات الإسلامية السياسية أو الجهادية، كجماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة، وصولاً إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن هذه المميزات تُخفي وراءها تبايناً في وجهات النظر لطالما عاشها البلدان.

فقد يستغرب البعض من أن الرياض تتفق مع الدوحة أكثر من اتفاقها مع أبوظبي في كل من سوريا واليمن، وهو ما دعا بعض الكتاب مؤخراً للحديث عن الأمر، تحت وطأة الأزمة الخليجية.

وفي وقت تبدو فيه العلاقات مع إيران تشكل "خطاً أحمر" للسعودية، تتمتع الإمارات بعلاقات متينة مع طهران، تصل إلى حد سيطرة الأخيرة على حجم ضخم من اقتصاد دبي وأبوظبي، في المقابل تطالب المملكة قطر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.

-بقاء الأسد.. أصل الخلاف

آخر ما ظهر للعلن، كان ما دشن الحديث عنه الكاتب السعودي خالد الدخيل، في مقاله بصحيفة "الحياة" اللندنية، والذي تحدث فيه عن تأييد الإمارات بقاء بشار الأسد في حكم سوريا، والذي يخالف بشكل جذري توجه السعودية المشدِّد على رحيل الأسد عن السلطة، وما يكرره وزير خارجيتها عادل الجبير: "لا مكان للأسد في مستقبل سوريا"، وهو ما تشترك فيه كلياً مع الموقف القطري.

وقال "الدخيل" في مقاله: "إن من يدّعون ومن يريدون محاربة الإرهاب كثْر هذه الأيام، حتى الرئيس السوري بشار الأسد يقول إنه يحارب الإرهاب! القول شيء، والفعل شيء آخر".

وأشار إلى أن "الجميع يدرك أن الرجل (أي بشار الأسد) لم يعد أكثر من ورقة تفاوضية في أيدي أطراف عدة تتناقض في توجهاتها وأهدافها، في معركة تجاوزت الأسد ونظامه. أبرز هذه الأطراف؛ روسيا، وإيران، وشبكة من المليشيات، سورية وأجنبية، والولايات المتحدة، ومن بين هذه الأطراف أيضاً دول عربية، أبرزها مصر والإمارات العربية المتحدة".

ولفت الكاتب السعودي إلى أن "الإمارات ومصر لا تعلنان أي موقف حول بقاء الأسد"، لكنه أوضح أن "الإمارات تشترك مع مصر في الخشية من أن سقوط الأسد سيعطي دفعة إقليمية للإخوان، إلى جانب ما قد يؤدي إليه ذلك من مفاقمة تراجع الدور المصري، ومصر حليفها الرئيس في المنطقة".

هذا الموقف أغضب الأوساط الصحفية والسياسية الإماراتية، حيث ردَّ أستاذ العلوم السياسية الإماراتي الدكتور عبد الخالق عبد الله على "الدخيل"، عبر صفحته في "تويتر"، مطالباً إياه بالاعتذار عن الاتهامات التي وجهها للإمارات، وقال مخاطباً "الدخيل": "أرجو سحب ما ورد في مقالك من تحامل على الإمارات دون وجه حق والاعتذار".

وأضاف عبد الله مخاطباً "الدخيل": "إن كنت لا تعلم موقف الإمارات في سوريا وتجاه الأسد، فهو لا يختلف عن موقف السعودية. وإن كنت لا تعلم، يوجد اتفاق على أن السعودية تتحدث عن دول الخليج في الموضوع السوري، وما تقرره يسري على الجميع. وإن كنت لا تعلم، لا يوجد صمت إماراتي تجاه نظام الأسد الدموي، الإمارات أعلى صوتاً بأن على بشار الأسد أن يرحل".

وسبق أن اتسم الموقف الإماراتي من الأزمة السورية ونظام بشار الأسد بـ"التباين"؛ فقد وصفت أبوظبي التدخل العسكري الروسي في سوريا، خريف عام 2015، بأنه "قصف لعدو مشترك"؛ ما يعني قبولاً ضمنياً بالتدخل الروسي هناك، بخلاف مواقف بقية الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية وقطر، اللتان عارضتا بكل وضوحٍ، التدخل الروسي.

كما لم تكن الإمارات، مثلاً، بين الموقِّعين على البيان المشترك الذي دعا روسيا، في عام 2016، إلى وقف استهداف المعارضة السورية والمدنيين، والذي حمل توقيع السعودية وقطر وتركيا، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

وفضلت أبوظبي حماية العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع نظام بشار الأسد، حليف إيران، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار، عكس السعودية التي قطعت علاقاتها تماماً معه.

وفي عام 2013، وقَّعت هيئة الاتصالات الإماراتية اتفاقية تكنولوجية مع وزارة الاتصالات السورية، تنص على تزويد النظام بتقنيات اتصالات حديثة من شبكة "تترا"، مكنته من التنصت على معارضيه في وقت تقدم الرياض دعماً وملاذاً آمناً لمعارضي الأسد.

- تقسيم اليمن

وبعيداً عن سوريا، شهد اليمن (الساحة الخلفية للبيت الخليجي)، وعلى الرغم من كون الإمارات عضواً في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، فإن هذه الساحة أحد الملفات الشائكة بين البلدين.

إذ ما تزال الإمارات تدعم عدو الرياض الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ومعاونيه الحوثيين، وتؤوي أسرته لا سيما نجله أحمد، الذي كان يعمل سفيراً لدى الإمارات حتى عام 2015.

وبحسب مراقبين، فإن أبوظبي تخطط لمنع الوصول إلى اليمن تحت حكم "حزب الإصلاح" الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، من خلال دعم فكرة تقسيم اليمن.

وسبق أن خرجت أصوات إماراتية لدعم "التقسيم"، أبرزهم ضاحي خلفان، نائب قائد شرطة دبي، الذي شكك في عروبة شمالي اليمن، مؤكداً أن العرب هم في اليمن الجنوبي فقط، وأن بلاده، الإمارات، قد صنعت معروفاً في غير أهله عندما قدمت المساعدة لشمالي اليمن.

وأوضح خلفان بتغريدات على "تويتر" في مايو الماضي، أن تقسيم اليمن إلى شمالي وجنوبي أفضل من بقاء اليمن موحداً في ظل ما سماه "الحرب الأهلية"، في موقف منسجم مع توجهات السياسة الخارجية للإمارات.

ورغم أن الخلافات بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والإمارات تبدو قديمة، فإنها خرجت للعلن عندما أقال هادي في فبراير الماضي قائد قوات حماية مطار عدن، صالح العميري، عندما منع طائرة الرئيس اليمني من الهبوط في المطار، علماً أنه أحد الرجال المدعومين من الإمارات.

وفي خطوة فسرها مراقبون بأنها خطوة سعودية لتحجيم "السطوة" الإماراتية، أقال الرئيس اليمني المؤيَّد من قِبل الرياض، في أبريل الماضي، محافظ عدن عيدروس الزبيدي، والوزير هاني بن بريك، وهما من قيادات الحراك الجنوبي الداعي لانفصال الجنوب اليمني المدعوم من أبوظبي، قبل أن يعود قادة الحراك لتأييد هادي، بعد أكثر من شهر من اشتعال الأزمة الخليجية.

من جهتها، تكرر دولة قطر تصريحات داعية لوحدة اليمن وأراضيه، وتواصلت مشاركتها في عمليات التحالف العربي باليمن، وحماية الحدود الجنوبية للسعودية، حتى آخر يوم من المهلة التي حددتها الرياض لمغادرة القوات القطرية عقب بدء الأزمة.

وسط هذه الخلافات التي باتت بعيدة عن الضوء في ظل الأزمة الخليجية، يطرح مراقبون سؤالاً مهماً، هو: إلى أي مدى سيستمر تحالف حصار قطر، خاصة أن الأزمتين السورية واليمنية تبقى نارهما تحرق الجميع ولا بد من ساعة حقيقة قادمة؟