السلطة » خلافات سياسية

قناة للتخريب اسمها الجزيرة...

في 2017/07/14

عثمان الماجد- الأيام البحرينية-

 مثلما كان مشارا إليه في القائمة المقدمة إلى الحكومة القطرية، أصبحت المطالب الثلاث عشر لاغية بعد مرور أيام عشرة مضاف إليها يومان كان قد طلب إضافتها إلى المهلة أمير دولة الكويت بصفته وسيطا، وبناء على هذا المعطى فإن إجراءات سياسية واقتصادية ودبلوماسية وقانونية ستتخذها الدول الأربع في إطار حربها ضد الإرهاب وداعميه ومموليه، دفاعا عن سلامة أمنها، وعملا على وقف التعديات السافرة التي تمارسها الحكومة القطرية، خاصة وأن الكيل قد طفح إرهابا مدعوما من دولة قطر وبلغ من الخطورة على أمن هذه الدول مستويات خطيرة. ومع تأكيدنا أن المطالب الثلاث عشر جميعها في مستوى واحد من الأهمية، وأن إغفال أي منها، من وجهة نظرنا، يبطلها كلها، غير أني أود التركيز هذه المرة في مطلب إغلاق قناة الجزيرة، على الرغم من أن تدهور صورة هذه القناة وفرار الجمهور الذي كان يتابعها أصبحا واقعا ملموسا، فلم يعد لقناة الجزيرة ما كان لها من جاذبية وتأثير سابقين قبل انفضاح دورها التخريبي الفعال في مؤامرة الخريف العربي.

 ما كان لافتا للنظر ومستهجنا حقا أقوال مرسلة من بعض الرسميين القطريين وغير الرسميين مفادها أن قناة الجزيرة تمثل واحدة من «منارات حرية التعبير» التي لا يجوز المساس بها أو الحديث عن إمكانية تدخل الدولة القطرية للحد من هذه الحرية! ولا يخفى على أحدكم السماجة الذي يرشح من قول كهذا، إذ فيه كثير من الاستخفاف بعقول الناس، وخصوصا بعقول أبناء الخليج، لأن هذه القناة ظلت مسلطة سيف أكاذيبها ودعاياتها على هذه الدول الأربع منذ تأسيسها في عام 1996، ولعل فيما نشر من اتفاقات 2013 و2014 ما يؤكد اعتراف الحكومة القطرية بهذا الأمر، ولهذا تعهدت بإيقاف مثل هذا الإعلام الموجه إلى الدول الأربع وإلى غيرها، ذلك أن الدول الأربع حين تصدت لأدوات الخراب ومنصات الدعاية له، تتحدث عن أمن عربي لا عن الأمن الخليجي فحسب.

 كانت القناة بالنسبة إلى البحرينيين تشكل مصدرا من مصادر قلق لم يكن ناجما عن المادة الإعلامية التي تنشر، بل عما كان يمرر من رسائل تحريضية بالغة الخطورة، وعن التحيز لما كان ينشر، والتعالي على المصادر الأخرى غير تلك التي تخدم هدف الإضرار بالأمن الوطني البحريني. فهذه القناة دأبت على عرض أحداث البحرين من واقع قراءة أحادية النظرة لا تنطق بغير ما كان يتداوله متآمرو دوار العار، فهي لم تعر وجهات النظر الأخرى المكملة للصورة العامة في المجتمع البحريني اهتماما. فالملاحظات والانتقادات التي كانت توجه لهذه القناة لم تأت من باب الرفض لحرية التعبير، وإنما جاءت لتلفت انتباه القائمين على هذه القناة ليكون للرأي الآخر حضوره تعقيبا وتعليقا وقراءة باعتباره الشعار الملازم للقناة!

 قناة الجزيرة ومن ورائها حكومة قطر كانت تتقصد الإضرار بحكومة البحرين وتشويه صورتها ونصرة من كانت تعتبرهم أصحاب قضية. كان ذلك يتم بشكل مستمر وبصورة مستفزة لمشاعر البحرينيين. كل ما كان ينشر عن مملكة البحرين وخصوصا ما يتعلق بالمسألة الحقوقية معلوماته مستمدة من أطراف وجهات تسكنها الضغينة والحقد على الحكم في البحرين، وعلى المنوال الاجتماعي والتنموي الذي نجحت البحرين في إرساء دعائمه ذات ربيع من خلال ميثاقها الوطني والتآلف الشعبي المنقطع النظير حول مشروع إصلاحي لاحت من خلاله ملامح الدولة المدنية مبشرة بغد أفضل وباندحار طيور الظلام ومن والاهم من تيارات الإسلام السياسي وسجناء الإيديولوجيات الكليانية إلى الأبد. قناة الجزيرة أخذت على عاتقها مهمة ترجمة ما كانت تمور به كواليس التآمر بين الجمعيات المذهبية في البحرين بزعامة جمعية «الوفاق» إعلاما أسود ينال من شأن مملكة البحرين في المجال الدولي، ويحرض عليها في الداخل، ليفتك بمقومات النسيج الاجتماعي البحريني. القناة لم تنجح ولكن مجتمعنا عانى كثيرا من ذلك.

 كانت مملكة البحرين واحدة من الدول التي لم تهدأ قناة الجزيرة عن الحديث عنها كذبا على الدوام، وأقصد منذ نشأتها. وقد استطال عبث هذه القناة بأمن هذه البلاد واشتد منذ عام 2010. ففي هذه الفترة أخذت هذه القناة تنتج الأفلام الوثائقية والبرامج والتقارير الموجهة إلى المجتمع البحريني، ونذكر منها على سبيل المثال: الفيلم الوثائقي الكاذب «الفقر في مملكة البحرين» في شهر مايو 2010. وفي شهر فبراير 2011، أي في غمرة أحداث الدوار اللعينة أنتجت فيلما أسمته «البحرين: جراءة الأمل – الناس والقوة». وفي أغسطس من العام 2010 عرضت تقريرا بعنوان (التطورات السياسية والأمنية في البحرين – التداعيات المحتملة للأحداث على استقرار البحرين) أريد منه التأثير في العملية الانتخابية، والإيحاء بأن هناك أزمة ثقة بين الحكومة و«المعارضة». أضف إلى هذا البرنامج سلسلة أخرى من البرامج والتقارير المفبركة مثل برنامج (آفاق المشروع السياسي الإصلاحي في البحرين) في سبتمبر 2010. تقرير (تفاعلات قضية موقوفي البحرين سبتمبر 2010). 

 هذه العينة مما كانت تتقصد به قناة الجزيرة مملكة البحرين وشعبها جهارا فضلا عن التلميحات المضمنة في النشرات الإخبارية، إذا ما تناولناها بشيء من التحليل للاحظنا أن فيها سعيا محموما لاستنساخ ما جرى في تونس ومصر وليبيا وغيرها من الدول التي مستها آلة الخراب القطرية، وهذا في ذاته مؤشر دال على أن البحرين كانت موجودة في أجندة التخريب القطري، بل لعلها على رأس قائمة الدول المعنية بفصل الخراب الذي أسمته ربيعا، لأن في سقوطها –لا قدر الله- إيذانا بتهاوي منظومة دول الخليج كلها، فهي البوابة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت فعمان. ولا أجدني مبالغا في هذا التصور لأن الوقائع حولته إلى حقيقة مؤكدة وقرينة إدانة للعبث القطري الذي لا أظنه صنع بعيدا عن مختبرات جماعة الإخوان المسلمين وملالي إيران ودهاليز المخابرات الصهيونية.

 لقد علمنا التاريخ أن وراء الأزمات المفتعلة مستفيدا، فمن المستفيد الأكبر من العبث القطري؟ شاهدوا ردود الفعل في طهران وأنقرة، وستعلمون وقتها لصالح من تتحرك قطر، وبلسان من تتكلم قناة الجزيرة وتنفث سمومها. قناة الجزيرة كانت أمينة في نقل الرسالة الإعلامية لحكومة قطر، كما كانت قطر أمينة في وعدها على تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه القناة، وفي الذود عن حياديتها باسم حرية الرأي والتعبير. فهل بعد كل هذا من حديث عن شبهات تآمر قطري بلسان إعلامي اسمه الجزيرة؟