السلطة » خلافات سياسية

«بن سلمان» في مأزق بسبب حصار قطر

في 2017/07/17

إنترناشيونال بيزنس تايمز- ترجمة شادي خليفة -

مثل كل المجاملات التي تتضمن تلميحات وانتقادات، ننسى الجيد في المجاملة، ونتذكر الانتقاد فقط.

وقد تركت التصريحات غير الرسمية التي أدلى بها سياسيٌ أميركيٌ رفيع المستوى ولي العهد السعودي غاضبًا، وكان ذلك جيدًا.

وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري «بوب كوركر»، في حديثه عن قضية عزل قطر إثر اتهاماتٍ من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بأنّ الدولة الخليجية الصغيرة هي أكبر مؤيد للإرهاب في العالم، قائلًا: «إنّ حجم الدعم للإرهاب من قبل السعودية يجعل قطر قزمًا بالنسبة لها بالفعل».

والآن، «بوب كوركر» ليس فقط شخصا ما في الكابيتول هيل. فهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، لذلك فهو مؤهل أكثر من أي شخصٍ آخر للتحدث عن أزمة الشرق الأوسط الحالية.

وأضاف «كروكر» في حديثه: «أعتقد أنّ هذا قد يكون خطأً تامًا من قبل ولي العهد، الذي أعتقد أنّه قد يمثل مستقبل المملكة».

مصدر للمشاكل

لكنّ ولي العهد «الصاعد»، متهم بأنّه وراء أكبر أزمة في الشرق الأوسط منذ أعوام.

وفي 5 يونيو/حزيران، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر كل العلاقات مع قطر، بما في ذلك الإمدادات الغذائية، متهمةً إياها بالتودد إلى إيران ودعم الإرهاب.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإشارة إلى «الأمير المتسرع» والصاعد بقوة للحكم السعودي كمصدر محتمل للمشاكل.

وقد قال «ديفيد إغناتيوس» في صحيفة واشنطن بوست: «قال لي ستة من المراقبين السعوديين البارزين الذين التقوا محمد بن سلمان أنّهم يعتقدون أنّه لديه القدرة على إعادة بناء المملكة وتحويلها إلى بلدٍ أكثر ديناميكية وأكثر قدرة على حماية أمنها».

وأضاف: «لكنّ الكثيرين يشعرون بالقلق من أنّه قادر أيضًا على قيادة بلاده نحو الهاوية، بسبب سلوكه العنيد والمتهور أحيانًا».

وقد وصف بعض المراقبين الصراع بين السعودية وقطر على أنّه معركة إرادة بين اثنين من القادة الشباب الجدد في البلاد.

وفي عمر الـ 31 عامًا، فإنّ «بن سلمان» أصغر بـ 6 سنوات من أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني»، البالغ من العمر 37 عامًا.

ولكن مع ازدياد الهجمات من قبل السعودية، ازدادت أيضًا شعبية الأمير القطري الذي التف حوله شعبه في مواجهة العداء.

وفوق ذلك، أعلن السيد «كوركر» أنّه سيوقف جميع مبيعات الأسلحة إلى دول الحصار في هذا النزاع طالما كان مستمرًا.

وأكثر بلد ستخسر من هذا القرار هي السعودية، التي وقعت لتوها صفقة لشراء أسلحة بقيمة 100 مليار دولار من الولايات المتحدة.

ويذكر أنّ «كوركر» حليفٌ وثيق لوزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون»، الذي يعود إلى دياره بعد أسبوعٍ من الزيارات الدبلوماسية المكوكية في المنطقة، في محاولة للتوصل إلى اتفاقٍ لحل الأزمة.

ولم يكن هناك توقعٌ حقيقيٌ لتحقيق انفراجة، ولكن كان من الواضح أي الأطراف يتعاطف معها السيد «تيلرسون».

وقال «تيلرسون»: «أعتقد أنّ قطر كانت واضحة تمامًا في مواقفها، وأعتقد أنّها كانت معقولة جدًا».

وقالت جمعية «هنري جاكسون: «في حين تتورط الكيانات من جميع أنحاء الخليج وإيران في دعم التطرف، فإنّ الذين يعيشون في السعودية هم بلا شك على رأس القائمة».

كما أدى قرار الحكومة البريطانية هذا الأسبوع بعدم نشر تحقيقاتها الخاصة في تمويل الإرهاب في المملكة المتحدة إلى اتهاماتٍ للوزراء بمحاولة تجنب توجيه الانتقادات للسعودية.

وقد اتُهمت رئيسة الوزراء «تيريزا ماي»، التي زارت المملكة في أبريل/نيسان، بإخفاء التقرير لأنّها تحتاج إلى تأمين استثمار ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من أكبر شريكٍ تجاريٍ للمملكة المتحدة في العالم العربي، وهو السعودية.

ولكن مع إعلان قطر أنّها ستستثمر 5 مليار جنيه إسترليني في المملكة المتحدة، فلن تخسر السيدة «ماي» الدوحة أيضًا.

وقد هدد التحالف الذي يقوده السعوديون بتصعيد الموقف من خلال وقف جميع أعمال التجارة مع الدول التي تواصل القيام بأعمالها مع قطر.

وقال «عمر غباش»، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى موسكو: «هناك إمكانية لفرض شروط على شركائنا التجاريين، ونقول أنّك إذا كنت تريد العمل معنا، فعليك أن تختار خيارًا تجاريًا واحدًا».

ولكن منذ ذلك الوقت، كان الحديث حول أنّ أي شركة أمريكية قد تفعل ذلك، ستكون قد انتهكت قوانين الولايات المتحدة لمكافحة المقاطعة.

وبموجب القواعد التي وُضعت قبل عقود لحماية (إسرائيل)، يمكن معاقبة الشركات الأمريكية إذا قبلت مطالبة بلد أجنبي بالامتثال للحصار الذي لا تدعمه أمريكا.

لذلك لا يُسمح بالتعامل مع كوريا الشمالية، ولكن لا يمكنك التوقف عن التعامل مع دولة مثل قطر التي ليس لدى واشنطن أي مشكلة معها.

مساحة ضئيلة

ويترك كل هذا ولي العهد «الصاعد» مع مساحة صغيرة للمناورة إذا لم تتراجع قطر، والتي لا تظهر أي علاماتٍ على القيام بهذا التراجع، نظرًا لاحتياطياتها الضخمة من الثروة.

وكلما زادت القوات التركية وجودها في دولة الخليج الصغيرة، وكلما تعاونت قطر والولايات المتحدة في تمويل مكافحة الإرهاب، كلما قل احتمال وقوع حلٍ عنيفٍ للأزمة.

وباعتباره كبير مهندسي الحصار، فإنّ كل العيون على ولي العهد السعودي لإيجاد حل.

ولكن، كما أشار «أندرياس كريغ»، محلل المخاطر السياسية في كلية كينجز لندن، يمكن أن ينطوي ذلك على خسارة كبيرة للزعيم الشاب الجديد.

وأضاف: «لقد اعتقدت السعودية فعلًا أنّها كانت تملك إدارة ترامب، وخصوصًا الجمهوريين. لهذا السبب صعدوا بسرعة من الأزمة وهم لا يدركون أنّ إدارة ترامب قد تراجعت بالفعل عن تعليقاتها السابقة، وهذا شيءٌ لا تستسيغه تمامًا الإمارات والسعودية».