السلطة » خلافات سياسية

الإمارات خدعت شعبها وهندست أزمة قطر بنشر «أخبار زائفة»

في 2017/07/19

الإندبندنت- ترجمة شادي خليفة -

إذا كانت قصة «واشنطن بوست» صحيحة، فإنّ الإمارات العربية المتحدة قد أصابت ذنبًا مضاعفًا، وتعاني الكثير من الازدواجية.

فمن ناحية، يتحدث وزير الخارجية الإماراتي «أنور قرقاش» عن أهمية الثقة في حل الخلاف مع قطر. ومن ناحية أخرى، قامت حكومته بخداعٍ واسع النطاق لشعبها، إذا صدقت تحليلات المخابرات الأمريكية.

ولم يقتصر الأمر على اختراق موقعٍ قطريٍ للأخبار، أو نسب اقتباساتٍ مهيجة مفبركة لأمير قطر من أجل اختلاق أزمة، أو تجاهلها مرارًا وتكرارًا مناشدات القطريين بأنّ الاقتباسات كانت مفبركة ونتيجة اختراق، أو استمرارها في كذبتها باختراق قناة وكالة الأنباء على يوتيوب مع بث تعليقات مفبركة.

ولكن ما هو أسوأ من ذلك، هو أنّ الإمارات، جنبًا إلى جنب مع المملكة العربية السعودية، قد منعت بعد ذلك بث شبكة الجزيرة الفضائية وغيرها من المواقع المملوكة للدولة إلى مواطنيها.

ولو كنت مواطنًا إماراتيًا تستمع للأخبار في وسط مدينة أبوظبي، وكل ما سمعته كانت بعض التصريحات من أمير قطر يشيد بإيران وحماس، وهذا النوع من الأشياء، لغلى الدم في عروقك.

وفي نفس الوقت لن يصلك الرد القطري: «لقد تعرضنا لاختراق، ولم يقل الأمير ذلك أبدًا».

لذلك لم يكن مفاجئًا، بعد أقل من أسبوعين، أن يعلن التحالف الذي تقوده السعودية حصارًا دبلوماسيًا وتجاريًا على قطر.

لذا، فإن كانت قصة واشنطن بوست صحيحة، فقد زرعت الإمارات أخبارًا مزيفة للتخطيط للأزمة، حيث كان الاختراق فعالًا، وكان كالقشة التي قصمت ظهر البعير. وقد احتاج الإماراتيون إلى تحفيز الأزمة، وكان لهم ذلك.

ومع ذلك، يأتي «قرقاش» إلى بريطانيا هذا الأسبوع ويتحدث عن الثقة.

وقال أمام مجلس النواب: «إنّ الوضع الذي نريد أن ننتقل إليه هو جارٌ يمكن لنا أن نثق به، جارٌ يعاملنا بشفافية».

الثقة والشفافية؟ قل ذلك لأمير قطر، الذي تعرضت بلاده لتلك الخديعة والمؤامرة، إذا صحت تحليلات المخابرات الأمريكية.

وقبل ساعاتٍ قليلة، في خطابٍ ألقاه «قرقاش» في قصر شاتام هاوس، اتهم قطر بعدم بذل المجهود الكافي لبحث المطالب التي طالبت بها دول الحصار.

وذلك في الوقت الذي خرج فيه السعوديون ليقولوا بأنّ المطالب «غير قابلة للتفاوض»، ويجب الامتثال لها بالكامل.

كما رفض «قرقاش» التقارير، التي وصفها بالمزيفة، بأنّ بلاده هددت بمقاطعة أية شركة تواصل أعمالها مع قطر. وقال: «هذا ليس صحيحًا». وعلى ما يبدو أنّنا ننسى التصريحات التي أدلى بها سفير الإمارات في موسكو «عمر غباش».

وقال «غباش»: «إنّ أحد الاحتمالات هو فرض شروطٍ على شركائنا التجاريين، ونقول، إذا كنت تريد العمل معنا، عليك أن تختار خيارًا تجاريًا واحدًاا».

ولم يكن تحريف تصريحات أمير قطر هي الأخبار المزيفة الوحيدة في هذا التوقيت.

ويوم السبت، ظهر أنّ قراصنة قد تمكنوا من زرع قصة تزعم أنّ ست دول عربية قد طالبت الفيفا بسحب تنظيم كأس العالم 2022 من قطر.

وظهرت هذه القصة في نشراتٍ سويسرية تطلق على قطر «قاعدة الإرهاب».

ونقلت وكالة رويترز نفي الفيفا تلقي مثل هذه الرسالة، ووصفتها بالتقارير المزيفة.

وتشير آخر الدلائل إلى أنّها بدأت على مواقع في الشرق الأوسط.

وعندما تفكر في كل المعلومات الخاطئة التي تخرج من تلك المنطقة، ليس من المستغرب أنّ تقريرًا جديدًا، عن حرية الصحافة الدولية، أعلن في أبريل/نيسان أنّ العالم قد دخل عصرًا جديدًا من «ما بعد الحقيقة والدعاية وقمع الحريات».

وأظهر مؤشر حرية الصحافة العالمية لعام 2017، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، أنّ الشرق الأوسط أصبح أسوأ منطقة في هذا الصدد.

وكان هناك احتجاجٌ دولي عندما اشتملت قائمة مطالب التحالف الذي تقوده السعودية على إغلاق شبكة تلفزيون الجزيرة، باعتبارها واحدة من مطالبها الأكثر إلحاحًا.

ولكن إذا نظرت في ما قاله «غباش» في ذلك الوقت، قد يقشعر بدنك.

وقال «غباش»: «نحن لا ندعي أنّ لدينا حرية صحافة، ونحن لا نعزز فكرة حرية الصحافة». وقال أن الخطاب فى الخليج «له سياقٌ خاص، وأنّ هذا السياق يمكن أن ينقل (الحالة على الأرض) من السلام إلى العنف فى أي وقت، لمجرد العبارات التي تم التحدث بها».

وكان هذا التحرك من أجل سيطرة الدولة على وسائل الإعلام واضحًا في المواقف المتغيرة حول مستقبل قناة الجزيرة.

وقال التحالف الذي تقوده السعودية، في مواجهة احتجاجٍ على طلب إغلاق شبكة الجزيرة، أنّه سيوافق بدلًا من ذلك على «تغييرٍ جذريٍ وإعادة هيكلة» للقناة الإخبارية باللغة العربية.

والآن، أنا لا أعرف كيف وقع ذلك عليك، لكن إذا بدأت حكومتي بالتحدث معي عن «التغيير الأساسي وإعادة الهيكلة» لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، سأكون قلقًا جدًا.

ويجب على قطر أن تقاوم أي محاولاتٍ لتضييق حرية الصحافة، وهو الأمر الذي يميزها عن باقي الأطراف، كما أظهر كشف هذا الأسبوع.