السلطة » خلافات سياسية

الدوحة لا تشعر بالضغط.. وأحلام الحصار في الإطاحة بـ«تميم» تبخرت

في 2017/07/19

واشنطن بوست- ترجمة شادي خليفة -

مضى أكثر من شهر على قيام أربع دولٍ عربية بحظر طرقها البرية والبحرية والجوية على قطر، ولكن في مراكز التسوق الخليجية الغنية في البلاد وفي الفنادق الفاخرة، لا توجد دلائل تُذكر على أي أثر لذلك الحظر.

وقد امتلأت متاجر الملابس الراقية بأحدث موضات الصيف. ومحلات البقالة مليئة باللحوم والجبن من أوروبا وتركيا، وفي الشهر الماضي فقط، تلقت الموانئ الرئيسية في البلاد 4300 من الأبقار والأغنام من أستراليا.

وفي فنادق فاخرة مثل دبليو وسانت ريجيس، تُقدم الوجبات الفخمة على مدار الساعة، ويستمر تدفق الكحول للزوار. والتقى «سيرجيو بوسكيتس» و«جوردي ألبا» و«جيرارد بيكيه»، لاعبي كرة القدم المشهورين في نادي برشلونة، مع المشجعين الأسبوع الماضي في أحد مراكز التسوق في العاصمة الدوحة، التي ستستضيف بطولة كأس العالم 2022.

وكانت السعودية والبحرين والإمارات ومصر قد بدأت عزل قطر مطلع يونيو/حزيران، وأعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية وإغلاق المجال الجوي والممرات الملاحية أمام قطر، زاعمةً دعم الدوحة للجماعات الإسلامية في المنطقة، والتي تصنف في العديد من الدول العربية كمنظماتٍ إرهابية. وتنفي قطر دعم التطرف، وتدين عملية الحصار، واصفةً إياه بالاعتداء على سيادتها.

وقد هرع السكان المذعورون إلى محلات البقالة وقاموا بتفريغ رفوف منتجات الألبان والواردات الغذائية الأخرى بعد أن أغلقت السعودية الحدود البرية الوحيدة في قطر، ولكن امتلأت تلك الرفوف من جديد.

وإذا كانت الدول العربية تعتزم إحداث تغييرٍ في الحكومة القطرية، فيبدو أنّ هذه الآمال قد تبخرت بسبب الدعم الشعبي الواسع الذي اكتسبه الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، الأمير البالغ من العمر 37 عامًا، جراء الأزمة. وأصبحت صورته على السيارات واللوحات الإعلانية، والتي كتب تحتها «تميم المجد.. كلنا قطر».

وفيما يلي نظرة على كيفية مواجهة قطر للأزمة:

الكثير من المال

بعد وقتٍ قصير من بدء الأزمة، بدأ حساب تويتر يسمى «الدوحة تحت الحصار» توثيق الحياة في العاصمة القطرية تحت الحصار. وأظهرت إحدى المشاركات بوفيه فندق مجهز بالكامل، وقال: «بدأت المجاعة. رأيت شخصيًا العديد من الرجال في منتصف العمر يتشاجرون على آخر رغيف من الخبز».

ونشير هنا إلى حقيقة أنّ قطر غنية بشكل خيالي. وهي واحدة من أغنى دول العالم من حيث متوسط دخل الفرد، الأمر الذي يجعل مواطنيها أكثر ثراءً في المتوسط ​​من أولئك الموجودين في دول الخليج المجاورة.

ويبلغ عدد سكان قطر حوالي 2 مليون نسمة، منهم أكثر بقليل من ربع مليون فقط من القطريين، وهذا يعني أنّ الحكومة لديها الكثير من الثروة التي يمكن أن تنفقها.

ولدى قطر نحو 340 مليار دولار من الاحتياطيات. وقال محافظ البنك المركزي القطري أنّ ما قيمته حوالي 40 مليار دولار من النقد بالإضافة إلى الذهب، وأكثر من 300 مليار دولار موجودة في احتياطيات جهاز الاستثمار القطري. وقد استثمر صندوق الثروة السيادية في قطر استراتيجيًا على مر الأعوام في العلامات التجارية العالمية الفاخرة والعقارات في المدن الكبرى مثل نيويورك ولندن.

الطاقة

يعد المصدر الرئيسي للدخل في قطر هو الغاز الطبيعي، والذي استمر في التدفق دون انقطاع. وهي أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تقوم بتصديره عبر الناقلات إلى جميع أنحاء العالم. ويوفر خط أنابيب تحت سطح البحر الغاز إلى عمان والإمارات، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز القطري على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية.

وقالت «نهى أبو الدهب»، وهي زميلة زائرة في مركز أبحاث مركز بروكنغز الدوحة، أنّ الأزمة كانت بمثابة «نوع جيد من التجربة» للقطريين لتحديد كيفية إدارة اقتصادهم في مواجهة مثل هذا التحدي.

وقد زادت التكاليف بالنسبة للحكومة بسبب الطرق البديلة الأطول التي تحتاجها في نقل أو شحن المواد الغذائية وغيرها من السلع إلى البلاد، لكنّها تقول أنّ المصروفات المضافة لم يشعر بها العملاء بعد.

وتقول الحكومة أنّها تغطي زيادة تبلغ عشرة أضعاف في تكاليف الشحن للأغذية والأدوية.

المساعدة من الأصدقاء

وقد سارعت تركيا حليف قطر وجارتها إيران إلى سد أي ثغراتٍ في المواد الغذائية، وكذلك فعلت المغرب. وبدلًا من منتجات الألبان التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بالسعودية، يتم تخزين الأرفف الآن بالحليب والمنتجات من تركيا.

ومن بين الأسباب التي ذكرتها الدول العربية كمبررات لقطع العلاقات، علاقة قطر بإيران، التي تشترك معها في حقل غازٍ طبيعيٍ ضخم تحت سطح البحر. ولكن هنا أيضًا، يبدو أنّ الحصار كان له أثر معاكس. وقد أبقت إيران مجالها الجوي مفتوحًا أمام قطر، مما سمح للخطوط الجوية القطرية وشركات الطيران الأخرى بالتحايل على عمليات الإغلاق.

كما ساعدت الاستثمارات السابقة في الزراعة الصحراوية على التخلص من أي أزمة غذائية. وعلى الرغم من المناخ القاحل، والأرض القاحلة، وجد المزارعون طرقًا لزراعة المنتجات الطبيعية مثل الطماطم والخيار والكوسة والباذنجان وفطر عيش الغراب داخل الصوبات الزجاجية.

طرق جديدة

ومنذ إعلان الحصار الذي فرضته الدول الأربعة في 5 يونيو/حزيران الماضي، أطلقت قطر خمس خطوط شحن جديدة، اثنين إلى عمان، واثنين إلى الهند، وواحدًا إلى تركيا.

وقال مدير ميناء حمد الجديد جنوب العاصمة القطرية، «عبد العزيز ناصر اليافعي»، أنّ الميناء يعمل «بكامل طاقته». ولم يبدأ هذا المرفق، وهو جزء من مشروع البنية التحتية للموانئ الذي تكلف 7.4 مليار دولار، عمليات الشحن العامة سوى في أكتوبر/تشرين الأول، وكان يعمل بالكامل في ديسمبر/كانون الأول.

وقد قامت شركة «ميرسك لاين»، التي كانت قد قامت من قبل بشحن الكثير من شحناتها القطرية عبر جبل علي، بإعادة تجهيز عملياتها لاستمرار الشحن إلى قطر عبر سلطنة عمان.

واستقبل ميناء حمد 212 سفينة في شهر يونيو/حزيران، بسعة 24 ألف حاوية، و4300 سيارة، و61 ألف رأس من الماشية، و6400 طن من مواد البناء. وفي ليلة واحدة من هذا الشهر، قامت خمس سفن كبيرة في ميناء حمد بتفريغ الأغنام من أستراليا، والغذاء من تركيا، والسيارات المصنوعة في كوريا الجنوبية.

ويمكن للدولة الصغيرة أن تلجأ أيضًا إلى شركة النقل الوطنية التي قد تساعدها في نقل البضائع جوًا. وتدير الخطوط الجوية القطرية، إحدى أكبر شركات الطيران في المنطقة، 200 طائرة، منها 21 طائرة شحن.