السلطة » خلافات سياسية

خطاب الـ17 دقيقة.. أمير قطر يرسم رؤية ما بعد الأزمة والحصار

في 2017/07/22

الخليج أونلاين-

رسم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في خطابه ذي الـ17 دقيقة، رؤية دولة قطر لمرحلة ما بعد الحصار المفروض من قبل ثلاث دول خليجية شقيقة (السعودية والإمارات والبحرين)، وأشار إلى أن "دولة قطر تتحدث بعقلانية لتقييم المرحلة التي نمرّ بها، وتخطيط المستقبل الواعد".

وشدد على أن روح النبل والمحبة والألفة التي تسود قطر في هذه الفترة هي "ذخيرتنا وزادنا وعتادنا في التصدي للتحديات الكبرى التي تنتظرنا".

أمير قطر اعتبر في خطابه الذي حظي بمتابعة عالية؛ لكونه الأول منذ بدء الأزمة الخليجية، ويأتي بعد جولات مكوكية لعدد من المسؤولين الدوليين للتوصل إلى حل للأزمة بالحوار، أن الأزمة ساعدت قطر في تشخيص العثرات أمامها، وأضاف: "إننا مدعوون لفتح اقتصادنا للمبادرة والاستثمار، وننوّع مصادر دخلنا ونحقق استقلالنا (..) وتطوير مؤسساتنا التعليمية".

- رؤية جديدة

كما شدد على أن الأزمة الخليجية "ساعدتنا على تشخيص النواقص والعثرات أمام تحديد شخصيتنا"، مشدداً على الحاجة للاجتهاد والإبداع والتفكير المستقل والمبادرات البناءة، وقال: "أهدافنا واقعية، وتقوم على استمرار الروح التي أظهرها القطريون (..) فالمجتمع القطري استكشف مكامن قوته في وحدته وإرادته وعزيمته".

تصريح أمير قطر فُهم لدى الكثير من المحللين على أنه رسم لسياسة قطر واستراتيجيتها لمرحلة ما بعد الأزمة، فالأوضاع كافة المتعلقة بقطر قبل الأزمة ستختلف تماماً بعد الأزمة، أو في إطار مواجهة الأزمة، لا سيما فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية الداخلية والخارجية، والعلاقات مع الدول الخليجية المجاورة.

وقالوا إن خطاب أمير قطر حمل تعبيرات خاصة للأزمة، تحمل معاني ورؤية المرحلة المقبلة لدولة قطر، اقتصادياً، وذلك بعد تأكيد استقلالية قرارها السياسي، وعدم تأثره بأي ضغوط تمارس عليه، لا سيما فيما يتعلق بالسيادة وحرية التعبير.

- رسالة

كما حمل الخطاب رسائل نقد شديدة للتصرفات التي قامت بها الدول الشقيقة لقطر، وقال مخاطباً إياها: "إن أسلوب الحصار أساء لجميع دول مجلس التعاون، وعلى صورتها أمام العالم"، وتابع: "لقد حزنا كثيراً ونحن نتابع كيف تقوم بعض الدول باتباع أسلوب التشهير والافتراء على قطر بنوع من الوشاية السياسية ضدها في الغرب. فهذا في كل الأعراف عيب: أولاً لأن الادعاءات غير صحيحة، وثانياً لأنها مساس بغير حق بدولة شقيقة. ألا نعلّم أبناءنا منذ الصغر أن الوشاية والكذب هما رذيلتان من أسوأ الرذائل؟ أليس التشهير وتلطيخ السمعة جريمة يحاسب عليها القانون في جميع الدول المتحضّرة؟".

- تقييم للأزمة

تضمّن خطاب أمير قطر تقييماً للأزمة، حيث أكّد خطورة الحملة التي تعرّضت لها قطر من قبل دول الحصار.

وأكد الشيخ تميم أن دلالات ما حصل من حملة منسّقة مسبقاً بحق دولة قطر هي "فرض الوصاية"، كما أشار إلى أن دولة الحصار استخدمت لغة التهديد والتحريض والتهديد والإملاءات.

وأكّد أنه "تبيّن للقاصي والداني أن هذه الحملة والخطوات التي تلتها خططت سلفاً، وأقدم مخططوها ومنفّذوها على عملية اعتداء على سيادة قطر بزرع تصريحات لم تقل، لتضليل الرأي العام ودول العالم، وبغرض تحقيق غايات مبيّتة سلفاً".

وأشار أمير قطر إلى أن دول الحصار حاولت "المسّ بمبدأين ضحّت من أجلهما الإنسانية جمعاء؛ أولاً مبدأ سيادة الدول وإرادتها المستقلة، وثانياً حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة.

- كيف تعاملت قطر مع الأزمة؟

أشار أمير قطر إلى أن بلاده تتحدث بعقلانية "لتقييم المرحلة التي نمرّ بها، وتخطيط المستقبل الواعد الذي أثبت شعبنا أنه أهل له، وبوجدانية لأننا جميعاً تأثرنا بروح التضامن والتآلف والتحدّي التي سادت، وخيّبت آمال الذين راهنوا على عكسها لجهل بطبيعة مجتمعنا وشعبنا".

ولفت الانتباه إلى أن الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي منذ بداية الحصار، "وقد وقف الشعب القطري تلقائياً وبشكل طبيعي وعفوي دفاعاً عن سيادة وطنه واستقلاله".

وأشاد أمير قطر بـ "المستوى الأخلاقي الرفيع الذي يتمتّع به هذا الشعب في مقابل حملة التحريض والحصار الذي تلاها، وإلى جمعه بين صلابة الموقف والشهامة التي تميز بها القطريون دائماً، حيث أذهلوا العالم بحفاظهم على المستوى الراقي في مقاربة الأوضاع، على الرغم مما تعرّضوا له من تحريض غير مسبوق في النبرة والمفردات والمساس بالمحرمات، وحصار غير مسبوق أيضاً في العلاقات بين دولنا".

- مواقف أميرية

أكد خطاب أمير قطر عدداً من المواقف الثابتة لدولة قطر، وأوضح أنه "توجد حالياً خلافات مع بعض دول مجلس التعاون بشأن السياسة الخارجية المستقلّة التي تنتهجها قطر"، في إشارة إلى أن هذه الخلافات مستمرة، خصوصاً "في الموقف من تطلعات الشعوب العربية، والوقوف مع القضايا العادلة".

كما لفت النظر أيضاً إلى أن "دولة قطر لا تتفق مع السياسة الخارجية لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ولا سيما في التمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب، وغيرها من القضايا".

ومن المواقف التي أكّدها أمير قطر في خطابه أن الدوحة لا تحاول أن تفرض رأيها على أحد. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "بعض الأشقّاء اعتقدوا أنهم يعيشون وحدهم في هذا العالم، وأن المال يمكنه شراء كل شيء، فارتكبوا بذلك خطأ آخر، إذ ذكّرتهم دول ومؤسسات عديدة أنهم ليسوا وحدهم، وأن الكثير من الدول لا تفضّل المصلحة الآنيّة على المبدأ والمصلحة البعيدة المدى، وتبيّن لهم أنه حتى الدول الفقيرة لديها كرامة وإرادة، وأنه لا يمكنهم فرض أمور تجاوزها التاريخ".

وجدد الشيخ تميم تأكيد حرية التعبير، وقال: "لا معنى لحرية التعبير إذا لم يكن لدى المواطن الحق في الوصول إلى المعلومة. واحتكار المعلومة هو الذي كسرته قطر بالثورة الإعلامية التي أحدثتها، ولم يعد ممكناً العودة إلى الخلف، فقد أصبحت هذه الثورة إنجازاً للشعوب العربية كلها".