السلطة » خلافات سياسية

سلطات «محمد بن سلمان» لم تتكرر منذ عهد الملك «فيصل»

في 2017/07/25

بلومبيرغ- ترجمة شادي خليفة -

لم تكن المملكة العربية السعودية ديمقراطية أبدًا. لكن لعدة عقود، كان يحكمها إجماعٌ إلى حدٍ ما داخل العائلة المالكة نفسها. لكن، على ما يبدو، ليس بعد الآن.

وقد صعد ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، حتى لم يعد بينه وبين العرش إلا خطوة واحدة، وقد أصبح الشخصية المهيمنة في المملكة الصحراوية. وهو يسيطر تقريبًا على كل مفاصل السلطة في الحكومة، من وزارة الدفاع إلى البنك المركزي وحتى شركة أرامكو العملاقة للنفط، التي توفر غالبية الأموال للبلاد. وقد أعلن الأمير، البالغ من العمر 31 عامًا، خططًا جذرية لخصخصة شركات الدولة وخفض المرتبات العامة وتكثيف الصراع الإقليمي ضد إيران.

وكان ذلك قبل مؤامرة السلطة الشهر الماضي، والتي شهدت الإطاحة بابن عمه «محمد بن نايف». وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنّ «محمد بن نايف»، وزير الداخلية وولي العهد حتى ذلك الحين، والمقرب من الحكومات الأمريكية المتعاقبة، لا يزال قيد الإقامة الجبرية. وقبل يومين، جردت وزارته السابقة، وزارة الداخلية، من العديد من سلطاتها بمرسومٍ ملكي.

وقال «غريغوري غوس»، أستاذ الشؤون الدولية وخبير الشؤون السعودية، في جامعة تكساس إيه آند إم: «لم يسبق أبدًا تركيز السلطة في يد شخصٍ واحد بهذا الشكل منذ تولي الملك فيصل السلطة في أوائل الستينيات». ومنذ ذلك الوقت كانت السلطة موزعة في عدة أفرع من العائلة المالكة، لكنتّ هذا النظام «انتهى الآن».

في وقتٍ متأخر

وقد أتت الخطوة الحاسمة لدفع الأمير إلى السلطة في وقتٍ متأخر من إحدى ليالي شهر يونيو/حزيران، في هزة مفاجئة، جعلت منه وريثًا لعرش والده، الملك «سلمان». وفي الرياض، تنتشر الشائعات بأنّ الخطوة النهائية قد تأتي عاجلًا وليس آجلًا. وقد يتنازل الملك، البالغ من العمر 81 عامًا، عن العرش في أقرب وقتٍ، ويعتقد أن يكون قبل موسم الحج في سبتمبر/أيلول.

ويقول مسؤولون سعوديون أنّ قصة نيويورك تايمز لا أساس لها من الصحة، وأنّ «بن نايف» لم يتعرض للضغوط للتنحي أو وضعه تحت الإقامة الجبرية. لكنّ العديد من الدبلوماسيين والنخبة السعودية يقولون أنّهم يميلون إلى تصديقها. وتساءل العديد منهم لماذا لم ينشر الديوان الملكي صورًا أو مقاطع فيديو جديدة للأمير منذ ذلك الحين، إذا لم تكن الأخبار صحيحة.

وقد دعم التغيير في الخلافة 31 من أصل 34 عضوًا في هيئة البيعة، وهي هيئة استشارية للملك.

وقالت «جين كينينمونت»، نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن: «من الصعب حقًا معرفة مدى عدم الاستقرار داخل العائلة المالكة».

وأضافت: «إذا كان أحد الأمراء ساخطًا، فلن يقدم على الكثير من المخاطر. فإذا كان شخصٌ ما قويًا مثل محمد بن نايف، بدعمه الغربي ودعمه داخل وزارة الداخلية، قد يُطاح به بين عشيةٍ وضحاها، فلا أحد آخر يأمن على نفسه».

ووفقًا لـ«جوزيف كشيشيان»، الزميل البارز في مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية في الرياض، لا يعني صعود «بن سلمان» بالضرورة حكم الرجل الواحد. وقال أنّ الأمير «محمد» لن يكون لديه بديل سوى تفويض بعض السلطات.

المحرمات القديمة

وبالنسبة لولي العهد الجديد، قد يعتمد تعزيز السلطة على نجاح أجندة سياساته، المتمثلة في خطة الإصلاح الاقتصادي في الداخل، والموقف الأكثر صعوبة في الخارج، في الحرب اليمنية التي لم تسفر عن نتائج فورية.

وأصبحت المملكة الحذرة تقليديًا غارقة في النزاعات الإقليمية. وقد أثبتت الحرب في اليمن، والتي أطلقتها السعودية والإمارات في مارس/آذار عام 2015، مدى تكلفتها الكبيرة، وأنّها لا تزال تسير في طريقٍ مسدود. وقد جلب النزاع الأخير مع الجار الخليجي، قطر، قوىً خارجية إلى المنطقة، ليست في نفس الجانب مع السعودية. فقد أصبح لتركيا قوات قائمة في قطر، وقدمت لها إيران إمدادات الغذاء.

وقال «جيمس دورسي»، وهو زميلٌ بارزٌ وباحث بشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة أنّ «بن سلمان» يتمتع في الداخل بمزايا، من بينها القدرة على التواصل مع سكان المملكة الشباب «بطرقٍ لا يستطيعها الجيل الأكبر سنًا». وأضاف: «ويبقى مدى تحقيقه للتوقعات، وخاصةً من حيث الاحتمالات الاجتماعية والاقتصادية، هو المفتاح».

وإذا أصبح الأمير «محمد» ملكًا، فسوف يكون السابع، ولكن الأول من خارج أبناء مؤسس الدولة ابن سعود. وفي عهد الملوك السابقين، كان كبار الأمراء يسيطرون على الوزارات أو المحافظات الرئيسية، وتتم استشارتهم بشأن معظم قرارات السياسة العامة. وكانوا يُعتبرون حكام محافظاتهم الخاصة، ويمكن أن يمنعوا التحركات التي لا تعجبهم.

لكن الآن، ذهب كل اللاعبين الكبار الذين كانوا يملكون قوّة الاعتراض. ولا يلاقي «محمد بن سلمان» الكثير من المعارضين بقدر سابقيه، مما جعل من الأسهل عليه «كسر المحرمات القديمة». ويعد هذا ضروريًا للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، لكنّه أدى أيضًا إلى اتخاذ قراراتٍ محفوفة بالمخاطر، لم تحدث في الماضي، وفقًا لما قاله «ستيفن هيرتوغ»، من كلية لندن للاقتصاد، وهو كاتب عن الحكومة والنفط في المملكة العربية السعودية.