الخليج اونلاين-
بعد أيام فقط على محاولة الاستجوابات النيابية "الصاخبة" التي كان محورها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، ووزير الإعلام بالوكالة، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، والتي انتهت بتقدّم 10 نواب بطلبٍ لطرح الثقة عنه، وجدت الحكومة الكويتية نفسها في مواجهة "فاصلة" مع مجلس النواب، أحد أقدم الديمقراطيات الخليجية، ما جعلها تستلم وتقدم استقالتها.
أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قبِل مساء الاثنين الـ30 من أكتوبر، استقالة رئيس مجلس الوزراء، وذلك بعد جدل أثير حول استجواب وزير، قبيل رفع مجلس النواب الثقة عنه في الجلسة التي كانت مقررة يوم الأربعاء الأول من نوفمبر.
وأصدر أمير الكويت أمراً بقبول الاستقالة، وتكليف الوزراء بتصريف العاجل من شؤون منصبهم لحين تشكيل الوزارة الجديدة.
بدوره أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، في جلسة المجلس العادية، الثلاثاء 31 من الشهر نفسه، رفع الجلسة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال "الغانم" في بداية الجلسة: "نظراً إلى استقالة الحكومة وصدور الأمر الأميري بقبول هذه الاستقالة، ونظراً إلى عدم وجود الحكومة وعدم اكتمال النصاب، وكذلك لعلمي بعدم حضور الحكومة أي جلسات مقبلة، تُرفع الجلسة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة".
وختم رئيس مجلس الأمة حديثه الموجه إلى النواب برفع الجلسة حتى تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب ما أكدته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية.
واندلعت أزمة الحكومة الكويتية، وهي الثانية خلال العام، بعدما انتهى استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، ووزير الإعلام بالوكالة، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، بتقدّم 10 نواب بطلبٍ لطرح الثقة عنه.
وتضمّنت صحيفة الاستجواب، الذي تقدّم به النائبان العدساني والكندري، في وقت سابق هذا الشهر، 5 محاور؛ هي: الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والبطالة، والإعلام، والتضليل في الأسئلة البرلمانية، وإدارة الفتوى والتشريع.
وردّ وزير الإعلام بالوكالة على محاور الاستجواب محاولاً تفنيدها، في جلسة ماراثونية، لكن النائبين المستجوبين نجحا في حشد 10 نواب لتقديم طلب طرح الثقة.
- الأزمة الثانية خلال العام
ومنذ ولادة البرلمان الحالي قبل عام كثرت الاستجوابات البرلمانية، آخرها في أبريل الماضي، بحق وزير الإعلام أيضاً.
وأيضاً في الرابع من فبراير الماضي، هددت الحكومة الكويتية بالاستقالة؛ احتجاجاً على طريقة استجواب وزير الإعلام وزير الدولة للشباب الشيخ سلمان الحمود، وعدم التزام الكتل النيابية مع الحكومة، وذلك قبل يومين من تقديم الحمود استقالته، بعد استجوابه وطلب عشرة نواب حجب الثقة عنه.
وما يميز هذا البرلمان هو عودة المعارضة الكويتية بعد صيامٍ عن الانتخابات التشريعية استمر أربع سنوات، فتح صفحة جديدة في مسار الحياة السياسية في البلاد.
فقد نجحت المعارضة، التي يهيمن عليها الإسلاميون، في الفوز بـ24 مقعداً من إجمالي 50 مقعداً تشكل المجلس.
ويبدو مجلس الأمة الكويتي الحالي أكثر "نضجاً" و"تماسكاً" في تركيبته وتعبيره عن شرائح المجتمع الكويتي المطالبة بالإصلاح، وإخراج البلاد من مأزق "الإيقاف الدولي" الذي جمد النشاطات الرياضية الكويتية دولياً، وحرمها من المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016، وتصفيات كأس العالم في روسيا عام 2018، كما يقول لسان حال المعارضة.
وإذا كانت الحكومة قد نجحت، في السابق، باتباع أسلوب "تدوير الوزراء" لتجنب المواجهة مع المجالس السابقة، قبل أن تصل إلى طريق مسدود لاحقاً وتقدم استقالتها إلى أمير البلاد، الذي بدوره يقوم بحل مجلس الأمة غالباً، وتفرض على الجميع الاحتكام إلى صندوق الانتخاب، للخروج من أي انسداد سياسي تواجهه؛ فإن طبيعة تركيبة المجلس الحالي أشارت منذ البداية إلى مواجهات "ساخنة" و"مبكرة" قد لا تنفع معها الحلول التقليدية.
وبات من الواضح رغبة الدولة بـ"استمهال" المجلس الحالي لإجراء تغيير حقيقي في بنيتها وسياساتها، وما استقالة وزير الإعلام في فبراير الماضي، سوى "الثمن" الذي قبلت بدفعه الحكومة "مؤقتاً" لإعادة حساباتها السياسية مع مجلس الأمة، قبل أن تضطر إلى الاستقالة.
كما يظل مجلس الأمة الكويتي رهن تجاذبات المعارضة والحكومة، في حين تبقى المحكمة الدستورية، ومن قبلها أمير البلاد، أصحاب القول الفصل في هذه المنازعات التي أطاحت ببرلمانات سابقة، وتم حل مجلس الأمة 9 مرات على مدى 40 سنة من عمر الحياة النيابية الكويتية.
ويشار إلى أن الكويت هي الدولة النيابية الأولى خليجياً، فقد أبصر البرلمان الكويتي النور في العام 1963.