السلطة » خلافات سياسية

قلق أردني بالغ من ارتماء السعودية بأحضان (إسرائيل)

في 2017/11/17

وكالات-

أعرب مسؤول أردني مقرب من البلاط الملكي عن قلق بلاده البالغ من تجاوز السعودية الأردن في اندفاعها نحو تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) والارتماء بأحضانها، وتقديم تنازلات فيما يتعلق بملف اللاجئين الفلسطينيين بما يعرّض استقرار المملكة الهاشمية ومركزها للخطر كحارس للأماكن المقدسة في القدس.

جاء ذلك في تقرير للكاتب «ديفيد هيرست»، نشره موقع «ميدل إيست آي»، الخميس، تحت عنوان: «الأردن قلق من اندفاع القيادة السعودية نحو معانقة إسرائيل».

واتهم المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» بمعاملة الأردن بازدراء، وقال إنه «يتعامل مع الأردنيين والسلطة الفلسطينية كما لو كانوا عبيد وأنه السيد، وعلينا أن نتبع ما يفعله ولا يتشاور ولا يستمع لنا».

يأتي هذا القلق الأردني بعد تسريب الرسالة شبه الرسمية لوزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إلى «محمد بن سلمان» والتي تكشف استعداد السعودية للتنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في مقابل وضع القدس تحت السيادة الدولية كجزء من اتفاق سلام في الشرق الأوسط من شأنه تسهيل إقامة تحالف سعودي إسرائيلي لمواجهة إيران

ومن شأن هذا الاتفاق أيضا أن يضر بالوضع الخاص للأردن بوصفه حارسا للحرم القدسي الشريف، كما جاء في معاهدة السلام التي أبرمها الأردن مع (إسرائيل) في عام 1994.

وفي هذا الصدد، نقل الموقع عن المسؤول الأردني قوله، إن «نصف سكان الأردن فلسطينيون، وإذا كان هناك حديث رسمي في الرياض حول إنهاء حق العودة، فإن ذلك سيسبب اضطرابات داخل المملكة وهي قضايا حساسة بالنسبة للأردنيين من الضفة الشرقية والفلسطينيين».

والواقع أن 65% من سكان الأردن فلسطينيون، معظمهم من الضفة الغربية المحتلة، ولديهم الجنسية الأردنية ويحصلون على الرعاية الطبية، ولكنهم غير ممثلين تمثيلا كافيا في البرلمان، ولهم وجود قليل في الجيش الأردني والأجهزة الأمنية، وفق «ميدل إيست آي».

وحول الاتفاق المتعلق بحق العودة، قال المسؤول الأردني، إن ما عُرض على الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» هو أسوأ مما سبق (دون تفاصيل)»، مضيفا أن «بن سلمان» مهتم بتطبيع العلاقات السعودية مع (إسرائيل) ولا يهتم لأي شيء آخر.

ضغوط لمناهضة إيران

من جهة أخرى، نقل «ديفيد هيرست» عن المسؤول الأردني ذاته، أن البلاط الملكي في عمّان قلق من الضغوط التي تمارس على الأردن من أجل الانضمام للحملة المناهضة لإيران والعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على ما يعتبره الأردنيون سياسات سعودية متهورة.

وأوضح المسؤول الأردني أن «الأمور في سوريا تجري لمصلحة إيران وحلفائها، وأن السياسة الأردنية كانت تقوم على فتح قنوات مع إيران وروسيا وتهدئة الإيرانيين والتوصل إلى اتفاق ما في الجنوب».

وتابع أن السعودية ستجد نفسها في مواجهة شاملة مع إيران، وإذا أردات الأخيرة أن ترد «فإنها سترد على المنطقة بأسرها ويمكن أن تؤثر على الأردن مباشرة».

أما السبب الثالث للقلق الأردني فهو الأداء السعودي على المستوى الاقتصادي، حيث أن الأردن خسر الكثير من الأموال نتيجة مقاطعة قطر وهو يخسر حاليا ما كان يحصل عليه من عائدات عمليات نقل البضائع عبر حدوده من العراق، بسبب إعادة فتح معبر عرعر عند الحدود العراقية السعودية والذي ظل مغلقا لسبعة وعشرين عاما منذ غزو صدام للكويت.

ونقل الموقع عن مصدر أردني آخر أن الغضب يسود البلاط الملكي الأردني جراء عدم إيفاء السعودية بوعودها للأردن نتيجة موقفه من قطر حيث لا توجد أي إشارات إلى وصول الأموال إلى المصارف الأردنية.

وشكك المسؤول الأردني في دخول (إسرائيل) في حرب ضد «حزب الله»، معتبرا أن «محمد بن سلمان» أخطأ في تقديره ردة الفعل في لبنان في أعقاب الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء «سعد الحريري» من الرياض، مضيفا أنه «لا إسرائيل ولا أمريكا ستذهبان إلى الحرب وأن الأردنيين سيعانون من عواقب المواجهة المباشرة مع إيران وسيدفعون ثمنها».

التطبيع السعودي

من أسباب الانزعاج الأردني أيضا وفق المسؤول نفسه أنه لم يتم إطلاع عمان على مشروع «نيوم» السعودي المعلن عنه مؤخرا، مما يعزز الشك بأن المستفيد الرئيسي من بناء المدينة لن يكون الأردن أو مصر، إنما (إسرائيل).

وفي سياق غير بعيد، نقل «هيرست»، عن مصدر غربي على تواصل مع الأمراء السعوديين تأكيده أن (إسرائيل) هي أحد العوامل المهمة وراء موجة الاعتقالات الأخيرة التي استهدفت أمراء ورجال أعمال وشخصيات سعودية مؤثرة حيث إن العديد من هؤلاء كانوا يتولون عملية نقل أموال سعودية إلى (إسرائيل) لكن «بن سلمان» أراد أن تكون هذه العلاقات حكرا عليه.

وقبل يومين، وصفت شبكة «إن بي سي» الأمريكية الدفء في العلاقات السعودية - الإسرائيلية بـ«السر المعلن»، معتبرة هذا التحالف «غير مريح» وقائما على مواجهة التأثير الإيراني بالشرق الأوسط.

وقالت كاتبة التقرير «فيفيان سلامة» إنه «مع محاولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الدفع باتجاه تحالف معاد لإيران تقدم إسرائيل نفسها على أنها حليف مستعد وبتشجيع من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».

وأضافت أن الشهية لتطوير علاقات بين حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة زادت مع تلاقي المصالح الأمنية المشتركة بينها، فيما تنظر السعودية و(إسرائيل) إلى التأثير الإيراني على أنه تهديد وجودي، وتريدان محو جماعات إسلامية متشددة مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» وجماعات وكيلة لإيران مثل حزب الله.