السلطة » خلافات سياسية

السعودية والخليج العربي في مأزق

في 2017/11/22

محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-

عندي يقين بأنه لا يوجد في دول مجلس التعاون من هو أقرب إلى المملكة العربية السعودية من دولة قطر حكومة وقيادة وشعبًا، ولا أحتاج إلى أدلة وبراهين أرويها في هذا المجال، لكني أذكّر بأحاديث الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق على الهواء مباشرة في أكثر من محطة تلفزيونية، وكذلك الوزير عبد الله بن حمد العطية وزير البترول، وأخيرًا وليس آخرًا الدكتور خالد بن محمد العطية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدولة للدفاع في الأسبوع الماضي.

كلهم كانوا حريصين على أن العلاقة بين دولة قطر والسعودية كانت ولا تزال تتميز بعلاقات خاصة ولم يمس أي من الرموز القيادية القطرية بأي طرف سعودي من الأسرة الحاكمة أو النخب السعودية المرموقة، رغم ما أصابنا من قدح وذم وتشويه سمعة ومكانة من قبل قيادات سعودية وجوقة إعلام السلطة المقربة من صناع القرار في الرياض.

يعرف أهل الخليج جيدا أن قطر تعرضت لمحاولة انقلاب في 1996، وقبض على بعض الانقلابيين وأدلوا باعترافات، دون ضغوط، حول محاولاتهم الفاشلة ومن كان داعمًا لهم ومؤيدًا من دول الجوار. وتجاوزت قطر تلك المرحلة وأصبحت من التاريخ، وعادت العلاقات مع القيادة السعودية والإمارات وكأن شيئًا لم يكن.

أحداث 2013، 2014 لا تنفصل عن أحداث 1996 كما قال الوزير العطية في مقابلته التلفزيونية. أذكّر فقط بأن ذينك الحدثين قادا إلى إعلان سحب سفراء الدول الخليجية الثلات السعودية والإمارات ومملكة البحرين التابعة.

واتفاق الرياض 2014، 2013 كان اتفاقًا ملزمًا لكل أعضاء مجلس التعاون وليس حصرا على قطر كما يحلو ترديده من بعض رواد "العربية" و"الحدث" و"أبوظبي نيوز" وبعض صحفيي إعلام الأزمات في دول الحصار، وانتهت تلك الأزمة الارتجالية، وعادت الأمور إلى مجاريها.

وتفاعلت قطر فعلا مع عودة الأمور إلى ما كانت عليه بحسن نية، واعتبرت المسألة من الماضي.

فلماذا هذا العداء لقطر من الأشقاء، هل لأنها تصر على مبدأ السيادة والمساواة فيما بين الدول الأعضاء؟ هل لأن قطر أرادت أن يكون لها مكانة إيجابية على الساحة الدولية وهم لا يريدون لها ذلك؟

 في كل مناسبة تحدث اختلافات في وجهات النظر بين قطر والسعودية وتُستدعى قضايا أكل الدهر عليها وشرب وأشبعت مناقشات، ومن ثم تكال التهم جزافًا لقطر دون دليل. وفي هذا السياق طلب أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، وزير خارجية السعودية في حينه أن يقدم أدلة على كل ما تدعيه السعودية ضد قطر من اتهامات.

فرد الأمير سعود الفيصل قائلا: "أنا لا أثق فيكم". ويقيني أن الأمير سعود تجاوز الحدود الأدبية في مخاطبة الرؤساء والأمراء الأعلى منه درجة،. الشيخ تميم سأل الأمير سعود "هل تثق في الشيخ صباح؟"  فأجاب: "نعم". قال الشيخ تميم: "ليس لدينا مانع يا سمو الأمير سعود أن تقدم ما لديك من أدلة وإثباتات لكل ما تدعي إلى سمو الأمير الشيخ صباح أمير الكويت. ولم تقدم أي أدلة حتى بعد وفاته.

موضوع آخر يُستدعى في كل مناسبة، إنه موضوع ليبيا والمكالمات "الهاتفية" التي أشبعت بحثًا وتم تجاوزها بين القيادتين السعودية والقطرية على أعلى المستويات في عهد الملك عبد الله، ويشهد على ذلك الأمير متعب بن عبد الله والأمير خالد بن سلطان والأمير محمد بن نايف وخالد التويجري، وكلهم اليوم رهن الاعتقال، وقد تمت مناقشة تلك المسألة والملك عبد الله حاضر والأمير تميم أيضا، وصفيت المسألة ورضي الكل بما توصلوا إليه.

وقال الملك عبد الله في نهاية الجلسة: "أغلقنا الملف، صافي يا لبن". أن استدعاء هذه المسألة وغيرها في كل ما يجد من اختلاف في وجهات النظر، تذكرنا دائما بالتاجر المفلس الذي دائما يبحث في دفاتره القديمة لعله يستفيد من قيد محاسبي هنا أو هناك يعيد له الأمل فيما فقد.

آخر القول: أقول ما قال به الدكتور خالد العطية في مقابلته التلفزيونية بالأمس القريب: "لقد خسرت السعودية قطر"، وما كان لها أن تخسرها خاصة وهي تقود معارك في الداخل وفي اليمن وامتدت إلى لبنان.. والله المستعان.