أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-
لم تمضِ ساعات قليلة على إعلان نيّته الترشّح لخوض انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة 2018، حتى خرج رئيس الوزراء الأسبق، ومرشح الرئاسة السابق، أحمد شفيق، متفاجئاً إثر منعه من مغادرة الإمارات.
هذا المنع الذي رسم علامات استفهام كثيرة، وضعه متابعون في خانة التدخّل الإماراتي بشؤون الدول العربية الأخرى؛ في محاولة لتحقيق مصالح سياسية تستفيد منها أبوظبي.
فبعد أن قال شفيق في تصريح لوكالة "رويترز": "إنني أتشرّف بأن أعلن رغبتي في التقدّم للانتخابات الرئاسية (..)"، أعقبه بإعلان أن الحكومة الإماراتية منعته من مغادرة أراضيها دون أسباب واضحة.
وقال شفيق، في كلمة بثّتها قناة "الجزيرة": "كنت قد أعلنت عن عزمي الترشّح للرئاسة، وكنت أنوي القيام بجولة بين أبناء الجالية المصرية بالخارج قبل العودة لأرض الوطن، لكنني فوجئت بمنعي من السفر لأسباب لا أفهمها".
- ذراع الإمارات في مصر
ومما لا شكّ فيه أن الإمارات تحدّد مواقفها مما يجري في الشرق الأوسط وفقاً لما يخدم مصلحتها، وهو ما ينطبق على انتخابات الرئاسة المصرية 2018، وتحديد سلوكها في دعم السيسي أو شفيق.
وكانت الإمارات قد دفعت بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ليكون ذراعها في الدولة الأكثر ثقلاً في الشرق الأوسط، بعد انقلاب عسكري نفّذه ضد مرشح جماعة "الإخوان المسلمين"، محمد مرسي، في يوليو 2013.
ويرى مراقبون أن الإمارات تعتبر شفيق ورقة للتلاعب بالسيسي والضغط عليه لتنفيذ كل ما تطلبه، إذ تحدّثت تقارير إخبارية عن سماح الأخير للإمارات بشراء أصول كبيرة في مصر مقابل عدم ترشّح منافسه المزمع.
- تحقيق لرغبة السيسي
وعلى ما يبدو فإن الإمارات تحاول تحقيق رغبة السيسي بعدم السماح لشفيق بالعودة إلى مصر وخوض سباق الترشّح أمام "الفريق"؛ فزياراته المتكرّرة إلى أبوظبي ثارت حولها توقّعات بطرح ملفّ ترشّح رئيس الوزراء الأسبق.
وما يترجم رفض السيسي عودة شفيق، الهجوم الذي تشنه وسائل إعلام موالية للنظام الحالي، ومملوكة لرجال يتبعون للمؤسسة العسكرية، في محاولة للنيل من المؤيدين لترشحه.
وتحارب الإمارات من أجل تصدير السيسي في واجهة المشهد المصري، في حين يرى متابعون أنه يخدم مصالحها السياسية في الشرق الأوسط، المتمثّلة في محاولة فرض سيطرتها على القرار العربي ومحاربة محور الإسلاميين.
وهذا ما يؤكده تحقيق صحفي لمجلة "تيليراما" الفرنسية، الذي كشف مؤخراً أن الإماراتيين تفاوضوا مع شركة "أميسيس" عام 2013، ودفعوا مبلغ 10 ملايين يورو لقاء نظام تجسّس.
هذا النظام أهدته أبوظبي فيما بعد للسيسي بعد وصوله إلى الحكم، "ليستعمله في حملته ضد الإخوان المسلمين"، الذين جاؤوا إلى الحكم بانتخابات ديمقراطية بعد سنوات من حكم الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك.
وقبيل الانقلاب وعقبه، داومت أبوظبي في الحفاظ على موقع السيسي؛ وهو ما يترجم خطوتها في منع شفيق من العودة إلى القاهرة عقب إعلان نيّته الترشح للرئاسة، في محاولة لوضع العصا في دواليب منافسي رجل الإمارات بمصر.
كما كشف موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي، في أكتوبر الماضي، عن رسائل جديدة مسرّبة من بريد السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، تظهر "كيف دفعت الإمارات تكلفة حملة علاقات في واشنطن لتحسين صورة نظام السيسي القمعي".
لكن ما سبق يضع علامة استفهام أيضاً أمام استضافة الإمارات شفيق فترة طويلة، وهو ما يعني أن الرجل لديه علاقات قوية قد تعبّد الطريق أمامه لرئاسة مصر، وقتما تشعر أبوظبي أن السيسي قد انتهت صلاحيته.
وخلال أكتوبر الماضي، تناقلت وسائل إعلام أنباء عن رفض السيسي عرضاً إماراتياً بعودة شفيق لمصر مقابل عدم الترشّح للرئاسة، شريطة ألا يزجّ به إلى السجن بتهم ملفّقة.
وكان شفيق قد غادر إلى الإمارات بعد خسارته أمام الرئيس المعزول، محمد مرسي، في الانتخابات التي جرت عام 2012، ولم يعد منذ ذلك الحين، رغم وعود متكرّرة بالعودة.