السلطة » خلافات سياسية

ما قصة الحفريات والآبار الجديدة حول الكعبة؟

في 2017/12/13

الخليج أونلاين-

مع استمرار أعمال مشروع تأهيل بئر زمزم في الحرم المكي الشريف، التي بدأت أواخر أكتوبر الماضي، وأغلقت على إثرها مساحات واسعة من صحن المطاف، انتشرت العديد من الأنباء والصور حول اكتشاف آبار جديدة، في حين اعتبرها البعض مياهاً جوفية لا علاقة لها بزمزم.

أحد العاملين بمشروع تأهيل بئر زمزم، نشر مؤخراً مقطعاً مصوراً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر حفرة تشبه البئر مملوءة بالمياه، قال إنه اكتشافٌ لبئر مياه "زمزم" جديد.

الخبر تم تداوله على نطاقٍ واسعٍ، وانتشر الفيديو بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في السعودية لنفي صحة الخبر المتداول.

 

 

 

 

وأفادت الرئاسة العامة لوسائل الإعلام المحلية أن ما ظهر في الفيديو المتداول بئر جوفية قديمة اكتُشفت أثناء أعمال المشروع التطويري القائم حالياً.

وقال المتحدث الرسمي لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أحمد المنصوري، أن "حقيقة الفيديو المتداول حول اكتشاف عين جديدة لبئر زمزم، وبناءً على ما ورد من توضيحات مدير إدارة المشاريع بالرئاسة، فإن تلك المياه لبئر جوفية قديمة تم اكتشافها ضمن عمليات المشروع التطويري وليس كما هو متداول بأنها عين جديدة لبئر زمزم".

- آبار تحيط بزمزم

تنقل كتب التاريخ عن المؤرخين المكيين أن صحن الطواف حول الكعبة، ومحيط المسجد الحرام، مليء بالآبار الجوفية، ويبلغ عددها 28 بئراً، وقد تكون البئر التي اكتشفت أثناء الحفريات إحدى هذه الآبار، وهو ما يرجحه الباحث في معالم السيرة والتاريخ المكي الدكتور سمير أحمد برقة.

إذ يقول لصحيفة "سبق" السعودية: "البئر المكتشف قد يكون بئراً قديماً لمياه جوفية، وقد يرجع احتمالاً إلى أحد الآبار التاريخية الثلاث القريبة من بئر زمزم، والتي تشمل ثلاث آبار، الأول بئر "الداودية" التي تبعد عن زمزم بنحو 80 - 100 متر تقريباً، وهذه البئر جزء من المدرسة الداودية التي كانت في منطقة الحرم الشريف، وهي في الجهة الغربية من الحرم المكي قبل باب العمرة".

وأضاف: "الاحتمال الثاني أنها تعود لبئر (شوذب)، ويقع في صحن المطاف عند باب بني شيبة، وهو أقرب إلى الشرق أمام الكعبة، وخلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام والمسافة بين البئر وبين الحجر الأسود نحو 18م".

وبيَّن برقة بالقول: "شوذب حفرها مولى معاوية بن أبي سفيان بأمر منه في عهده عندما تولى الخلافة في 41هـ، وظل البئر كما يذكر المؤرخون سقيا لأهل مكة والحجيج حتى عهد الخليفة العباسي محمد المهدي في توسعته للمسجد الحرام، فدخل البئر في المسجد وهو حالياً في داخل صحن المطاف".

وعن الاحتمال الثالت قال برقة: "بئر (رم) ويقع في الجانب الشمالي الشرقي للمسجد الحرام، وهو الآن في داخل صحن المطاف، وتقول مصادر التاريخ إن من حفرها عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية، وأدخلت في المسجد الحرام في توسعة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور".

- مراحل تطوير زمزم

عام 2006 كانت رئاسة شؤون الحرمين الشريفين؛ وهي الجهة التي تتولى مسؤولية العناية بالمسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة، أكملت مشروع التوسعة الأولى لصحن الطواف المحيط بالكعبة المشرفة، وقامت بردم مدخل البئر السابق في الجنوب الشرقي من واجهة الكعبة المشرفة، وسقفت سطحه المفتوح ليدمج مع صحن الطواف، ثم نقلت المدخل إلى خارج الحرم من جهة الصفا في المسعى باتجاه جبل أبي قبيس، بهدف مواجهة كثافة أعداد الحجاج والمعتمرين المتنامية عاماً بعد عام.

وقديماً كان على البئر بناء تعلوه قبة مساحتها 88.8 متراً مربعاً يحتوي على غرف مستودعات ومستبرد لدوارق ماء زمزم تم هدمه ما بين عام 1961- 1968 لتوسعة المطاف.

وتم عمل بدروم مكيف أسفل المطاف بمدخل منفصل للرجال والنساء، وكان يمكن رؤية البئر من خلف حاجز زجاجي شفاف، كما استبدلت أيضاً طريقة الشرب القديمة التي كانت تعتمد على جلب الماء بالدلاء من جوف البئر إلى اعتماد أنظمة حديثة توفر ماء زمزم عبر نظم سقاية حديثة لتوفيره مفلتراً وبارداً ومعالجاً بالأشعة فوق البنفسجية.

وفي أكتوبر الماضي، وضمن أعمال توسعة الحرم المكي التي أجريت في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، انطلقت أعمال مشروع تأهيل البئر، وكان ينقسم إلى قسمين؛ الأول يتم خلاله استكمال إنشاء العبّارات الخاصة ببئر زمزم، وهي 5 عبارات من الجهة الشرقية للمطاف، ويصل عرض العبّارات إلى نحو 8 أمتار وطولها نحو 120 متراً.

أما القسم الثاني من المشروع فيشمل الانتهاء من المرحلة الأخيرة من عملية تعقيم ماء زمزم، والمعالجة البيئية الخاصة بجميع المناطق المحيطة بالبئر، والانتهاء من معالجة الخرسانات والحديد الخاص بقبو المسجد الحرم؛ للحد من نسب المواد التي تضر مياه زمزم بوضع نسب محددة من مواد التعقيم العالية الجودة، والعمل على ضخ ماء زمزم للبئر؛ لتسهيل عملية خروج الماء بشكل مثالي.

جدير بالذكر أن "زمزم" بئرٌ يقع في الحرم المكي على بعد 21 متراً من الكعبة، ويعتبر ماؤها من الأمور المقدسة عند المسلمين؛ لما يحمله من معانٍ دينية، ويبلغ عمق البئر 30 متراً.

وهي نبعٌ فجره الله تعالى معجزةً تحت قدمي نبي الله إسماعيل عليه السلام، عندما تركه سيدنا إبراهيم مع أمّه في مكة.

وسميت "زمزم" لأنّ السيدة هاجر، زوجة نبي الله إبراهيم وأم إسماعيل، كانت تجمع مياه هذا النبع بيدها فتزمّه زمّاً.