السلطة » خلافات سياسية

إصلاحات «بن سلمان» لن تغطي سجل قمعه في السعودية واليمن

في 2017/12/21

الخليج الجديد-

«محاولات الإصلاح التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتي لقيت دعما إيجابيا مثل قيادة المرأة وفتح دور السينما لا يمكن أن تغطي على سجل الأمير، وانتهاكاته لحقوق الإنسان في اعتقال عدد من أفراد النخبة السعودية، وكذا مسؤوليته عن الكارثة الإنسانية المتواصلة في الجارة اليمن».

بهذه الكلمات، كتبت نائب مسؤول الأمم المتحدة في منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية «أكاشايا كومار»، في صحيفة «واشنطن بوست»، داعياً الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات عليه.

كما انتقدت تواطؤ بعض الدول مع «بن سلمان»، وعدم اتخاذ خطوات جدية ضد انتهاكاته، خاصة في اليمن.

إصلاحات

وأشادت «كومار»، بإعلان الحكومة السعودية، قبل فترة عن فتح المجال أمام المرأة لقيادة السيارة التي كان يحظر عليها، وكذا السماح لفتح دور السينما، وتدريس الرياضة البدنية للبنات في المدارس، وهي خطوات مهمة في مجال المساواة بين الجنسين.

وأضافت: «أعطت هذه الأمور ولي العهد الفرصة لكي يفوز بتصويت قراء مجلة (التايم) وانتخابه رجل العام».

انتهاكات

ولفتت إلى أنه «في الاحتفال بهذه الخطوات، حاول الكثيرون التغطية على سجل الأمير الإشكالي، مثل قرار الأمير المفاجئ اعتقال  عدد من أفراد النخبة السعودية في فندق خمس نجوم بالرياض (ريتز كارلتون) بتهم تجاوزات فساد بدون إجراءات قانونية مناسبة».

ومنذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جرى احتجاز عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، على خلفية تحقيق تجريه لجنة جديدة لمكافحة الفساد يرأسها ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، بينما لم يستبعد مراقبون أن يكون من بين أهداف الحملة القضاء على أي معارضة من داخل الأسرة، لتولي الأمير الشاب السلطة.

ولم يكن الكثير من المتتبعين يتوقعون أن تتخذ «اللجنة العليا لمكافحة الفساد»، التي يترأسها «بن سلمان»، قرارات باعتقال شخصيات مهمة، منها رجال أعمال معروفون لهم ثقل اقتصادي كبير في السعودية وخارجها، فضلا عن أمراء من العائلة الحاكمة ومقربين منها.

وعبرت منظمات حقوقية عن مخاوفها من أن تكون الحملة مجرد غطاء للتخلص من الخصوم، وأفادت مصادر باحتجاز الأمراء والمسؤولين المعتقلين في عدد من فنادق الرياض، بينما فوجئ المتابعون بنبأ مصرع الأمير «منصور بن مقرن» إثر سقوط مروحية كانت تقله.

عقوبات واجبة

وفيما يتعلق بالوضع في اليمن، قالت «كومار»، إن الحرب في اليمن ودور الأمير البارز فيها لا يتناسب مع الرواية التي تقدمه «كرجل رؤية» وقائد ميال للإصلاح.

ومنذ مارس/آذار 2015، تقود السعودية وعددا من الدول حملة ضد الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء.

ولا يوجد ما يشي بالجرأة والتغيير بشأن تحالف يقوم بقصف جوي لا يرحم للمدنيين اليمنيين وإنكار تحمل قواته المسؤولية عن جرائم الحرب في الوقت نفسه، بحسب «كومار».

وأضافت: «وكذا فرض القيود على استيراد المواد الغذائية وانتشار أمراض يسهل علاجها».

وتابعت: «لهذا فلا يستحق ولي العهد بن سلمان بطاقة مجانية تحلله من المسؤولية، بل وعلى العكس يجب أن يتم معاقبته والقادة البارزين في التحالف من قبل المجتمع الدولي».

واقترحت المسؤولة الحقوقية، فرض عقوبات محددة تتعلق بالقصف الذي لا يميز، والحصار غير الشرعي الذي يمنع وصول المواد الأساسية للمدنيين، والتي تقع ضمن صلاحيات الأمم المتحدة.

وتحذر الأمم المتحدة أن اليمن أصبح «على حافة واحدة من أكبر المجاعات في العصر الحديث».

ويبرر التحالف القيود التي يضعها بسبب استخدام قوات الحوثيين وصالح الصواريخ الباليستية التي يقولون إنها هربت من إيران لضرب السعودية ودول الخليج.

وقال السعوديون، إنهم أسقطوا صاروخا جديدا أمس، فيما قامت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة «نيكي هيلي»، بتقديم أدلة مع صور لما قالت إنه صاروخ إيراني لكي تثبت أن طهران متورطة بدعم الحوثيين.

جرائم متبادلة

وبعيدا عن حديث «كومار»، فلا مجال للشك أن استهداف الحوثيين لمطار الرياض الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني يعد جريمة حرب.

لكن القوانين التي تسمح باستخدام الحصار كتكتيك حربي محظور لأنه يؤثر على حياة المدنيين.

وقرر «التحالف العربي» لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إغلاق جميع المنافذ اليمنية، ردا على إطلاق «الحوثيين»، قبل يومين من هذا التاريخ، صاروخا باليستيا اعترضته قوات الدفاع الجوي فوق العاصمة الرياض.

واعتبرت «الأمم المتحدة» و14 منظمة دولية عاملة باليمن، في بيان مشترك، أن إغلاق المنافذ أمام إيصال المساعدات الإنسانية هو إجراء «قد يرقى إلى عقاب جماعي للملايين»، و«يفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

وبعد مرور أسبوع من قرار إغلاق جميع المنافذ جوا وبحرا وبرا، استثنى «التحالف العربي» من الحظر الموانئ والمطارات الخاضعة للحكومة اليمنية الشرعية.

يشار إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية ليس الطرف الوحيد المتهم بانتهاكات، فقد وثقت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، اعتقالات عشوائية واختفاء قسري ومعاملة سيئة لناشطين سياسيين وصحافيين ارتكبها الحوثيون الذين يقومون بحصار المدن وقصفها.

وتم اتهام القوات الموالية للرئيس الراحل «علي عبدالله صالح» بجرائم حرب مماثلة.

ولكن الأمم المتحدة فرضت منعا وجمدت حسابات على أفراد وقادة حوثيين ومن جماعة «صالح».

وهناك أدلة تشير لعمل شيء مماثل مع قوات التحالف بمن فيهم قادة من السعودية والإمارات، إلا أن حلفاء السعودية في مجلس الأمن، كالولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا لم يتحركوا.

ورغم الكارثة الإنسانية المتسارعة  لم تصدر عن مجلس الأمن  ولا كلمة واحدة منذ ستة أشهر عن اليمن، وهو ما جعل قوات التحالف أكثر جرأة لممارسة تدمير أوسع.

مسؤولية «بن سلمان»

وبالعودة إلى «كومار»، فإن الأمير «بن سلمان» يجب أن يتحمل المسؤولية بصفته وزير الدفاع أيضا.

وطلب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، في بداية الشهر الجاري، من السعوديين تغيير مسارهم ولكنهم لم يفعلوا.

ودعت الحقوقية الدولية، إلى أن يضيف «ترامب» التهديد لمطلبه، ويدعو سفيرته «هيلي» البدء محادثات في مجلس الأمن من أجل فرض العقوبات على قادة التحالف.

وأضافت «قد يرى البعض أن هذا طموح كبير إلا أن الموجة الدولية في تحول، فحتى البريطانيين يقترحون أن فرض الحصار على دخول المواد الضرورية يعتبر خرقا للقانون الدولي».

وختمت بالقول إن «استمرار حماية السعوديين يعني التخلي عن ملايين اليمنيين الذي يواجهون البؤس والموت، ويجب أن لا يسمح لولي العهد إخفاء انتهاكاته من خلال الحديث عن الإصلاح».

ومنذ نحو 3 أعوام، تشهد اليمن حربا عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس «عبدربه منصور هادي»، المدعومة من قوات «التحالف العربي» من جهة، ومسلحي جماعة «الحوثي» المدعوم من إيران من جهة أخرى.