أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-
تُواصل الإمارات مدّ ذراعها في الساحة التونسية وتحريك قطع الشطرنج بالشكل الذي تراه مناسباً، ما يحدد شكل العلاقات بين البلدين، والتي دخلت توتراً ملحوظاً خلال الأيام الأخيرة.
فقرار منع أبوظبي التونسيات من ركوب طائراتها برّرته الإمارات بما سمّته "معلومات أمنية"، وهو ما دفع تونس إلى الرد بحظر دخول شركات الخطوط الجوية الإماراتية أراضيها.
القرار الإماراتي أثار جدلاً واسعاً في تونس، رغم التراجع عن الإجراء المفاجئ في وقت لاحق؛ بل وصعّد موجة جدل انتقلت من وسائل الإعلام المحلية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية.
وكانت شركة الطيران الإماراتية منعت تونسيات، باستثناء الحاصلات على الإقامة أو صاحبات جوازات السفر الدبلوماسية، من السفر على متن طائراتها المتجهة من تونس إلى دبي.
وبعيداً قليلاً عن أزمة السفر، فإن الإمارات وصلت إلى تونس من بوابة محاولة إفشال التجربة الديمقراطية؛ عقب فوز مرشح حركة النهضة الإسلامية بالأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي 2011، بالأغلبية، وانتخابه رئيساً لتونس.
العلاقات بين البلدين كانت على الحال الذي تفضّله الإمارات وترغب به، في عهد الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، إلى أن وصل "الإسلاميون" الذين تُكنّ لهم أبوظبي خصومة ظهرت في محاولة إفشالها تجربتهم في الساحة العربية.
- رفض الانصياع
ما يوضح حقيقة توتر العلاقات بين تونس وأبوظبي التحالف الذي ظهر مؤخراً بين حركتي "نداء تونس" وحركة "النهضة" (الإسلامية).
التوافق في تشكيل الحكومة التونسية مع الإسلاميين لم يرُق للإمارات، التي قرّرت معاقبة الرئيس الباجي قايد السبسي بتوقيف مشاريع اقتصادية ترعاها أبوظبي، حسب تقارير إعلامية.
وكانت شرارة توتّر العلاقات بين البلدين بعد أن أعلنت السلطات الإماراتية تجميد مشاريع كانت قد وعدت بإنجازها في تونس؛ على غرار مشروع "سما دبي"، و"مدينة تونس الرياضية".
هذا التجميد وعدم الرضا عن السبسي، أكدته معطيات متطابقة حصل عليها "الخليج أونلاين" من مصادر مختلفة، تكشف غضباً إماراتياً دفع أبوظبي لرفض استقباله حتى الآن.
الغضب الإماراتي لم يتوقّف عند هذا الحدّ، ففي يونيو 2015، منعت أبوظبي التونسيين من الحصول على تأشيرة الدخول إلى أراضيها لمتابعة أعمالهم، ما أدّى لتعطيل مصالحهم.
ويبدو أن أبوظبي سلكت طريقاً آخر، من خلال عدد من الأحزاب اليسارية المتطرّفة في تونس، قالت مصادر سياسية مطّلعة إنها "تتلقّى تمويلات بملايين الدولارات من الإمارات".
المصادر ذاتها أكدت سابقاً لـ "الخليج أونلاين" أن الهدف من دعم هذه الأحزاب يتمثّل في تعطيل الانتقال الديمقراطي في البلاد، وهو ما تجلّى في عدد من القرارات التي اتّخذتها هذه الجبهة في ملفّات حسّاسة.
- تونس تقرر الانحياز
وبعد الأزمة الخليجية، التي بدأت في 5 يونيو الماضي، قال وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي: "لا نريد مزيداً من التفرقة، ونتمنّى تجاوز الخلافات في الخليج وإيجاد حلٍّ يرضي جميع الأطراف".
هذا الأمر أيضاً لم يرُقْ للإمارات، إذ ذكرت تقارير إعلامية أنها والسعودية ضغطتا على تونس لتقطع علاقاتها مع قطر، مقدمين وعوداً كبيرة إذا ما قرّرت الاصطفاف معهم.
وأواخر 2015، نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرين متتاليين، اتّهم فيهما الإمارات بالوقوف خلف عدم الاستقرار في تونس؛ لرفض الرئيس التونسي تكرار نموذج السيسي في مصر بالسعي لـ "سحق الإخوان".
وكشفت مصادر مطّلعة لـ "الخليج أونلاين" أن الإمارات "ضخّت أموالاً طائلة مع بداية الأزمة لشراء ذمم عدد من الإعلاميين والسياسيين المعروفين بمهاجمتهم المتكرّرة لدولة قطر".
وأضافت المصادر أن وسائل إعلام إماراتية معروفة قدّمت عروضاً مالية مغرية لبعض الصحفيين والكتاب المعروفين من أجل كتابة مقالات تهاجم الدوحة، لكن الإغراء الإماراتي لم ينجح بعد رفض هؤلاء "قطعاً".
وفي نوفمبر الماضي، علم "الخليج أونلاين" أن "العقود الإشهارية" المغرية التي أبرمتها شركة "طيران الإمارات" مع بعض وسائل الإعلام كانت عبارة عن "رشوة" لمهاجمة قطر والتركيز على أنها "تدعم الإرهاب".
وقبل بداية الأزمة، لم يعتد التونسيون مشاهدة إعلانات خاصة بطيران الإمارات على وسائل الإعلام المحليّة، وهو ما رآه مراقبون محاولة من أبوظبي للتأثير في الخط التحريري لبعض وسائل الإعلام التونسية.