السلطة » خلافات سياسية

هل ينصّب محمد بن زايد نفسه رئيساً للإمارات في 2018؟

في 2018/01/06

يوسف حسني - الخليج أونلاين-

تشهد الساحة الإماراتية سلسلة خطوات، خلال السنوات الأخيرة، تقود حلقاتها إلى فرض أمر واقع يتعلق برئاسة الدولة، يعتمد على "إخفاء منطقي" للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وتنصيب البديل عنه، الذي يقود الدولة حالياً؛ أملاً في أن تمضي الأمور دون خلافات في الإمارات السبع أو لدى أبناء العوائل الحاكمة نفسها.

إذ يعتقد كثير من متابعي الشأن الإماراتي على وجه الخصوص، أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، يقترب من تنصيب نفسه رئيساً للبلاد خلال هذا العام 2018، في ظل غياب شبه مستمر للرئيس الحالي خليفة بن زايد، الذي لا يُسمع اسمه إلا مع القرارات الرسمية التي يفرض القانون صدورها باسمه.

وينظر هؤلاء إلى ولي عهد أبوظبي على أنه الحاكم الفعلي للبلاد، خاصة أنه صاحب الحضور الدائم والتأثير في كل القرارات والمغامرات التي تخوضها، لا سيما المتعلقة بسياسات البلاد الخارجية والتي غالباً ما تأتي مقرونة باسمه.

وخلال 47 شهراً مضت، لم يظهر رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد، وهو الشقيق الأكبر لولي العهد، إلا مرة واحدة في الـ25 من يونيو 2017، قبل أن يغادر البلاد بعد نحو أسبوع، في ظل تعتيم كبير على حالته الصحية التي تثير التساؤلات.

وآنذاك، ظهر بن زايد، الذي تولى الحكم في نوفمبر 2004، كاشفاً قدرته على الحركة والكلام، لأول مرة منذ الإعلان عن مرضه عام 2014، حيث تقبّل التهاني بعيد الفطر من الحكام، ونواب الحكام، وولاة العهود، إلا أنه ظهر بشكل يختلف عما يعرفه عنه الإماراتيون؛ بل وجاء في ظل كثرة التشكيك في أنه ما زال على قيد الحياة أو أنه تحت الإقامة الجبرية.

غير أن هذا الظهور لا ينفي حقيقة أن ولي عهد أبوظبي هو الممسك فعلياً بزمام الأمور، وأنه هو صاحب كافة القرارات التي تصدر باسم شقيقه، فضلاً عن أنه هو ما يقوم بكافة الجولات الرسمية كافة، ويستقبل كل الضيوف الرسميين الذين يزورون الإمارات، ويُجري المباحثات كافة على كل الأصعدة.

وفيما بدا أنه مقدمة لانتقال الحكم إلى ولي العهد، أصدر رئيس الإمارات مرسوماً أميرياً، في سبتمبر 2017، عيَّن بموجبه محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بجانب ولاية عهد الإمارة، وولاه منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

- تلميع بن زايد

ومؤخراً، دشن ناشطون إماراتيون حملة لشكر محمد بن زايد، على خدماته التي قدمها للإمارات والمواطنين الإماراتيين، استجابةً لتوجيه محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذى طالب بتوجيه الشكر لولي عهد أبوظبي.

وفي يناير 2013، أطلق محمد بن راشد اسم محمد بن زايد على أحد أهم شوارع البلاد وهو "طريق الإمارات"، وقد حمل هذا التغيير رمزية كبيرة، حيث حلّ اسم بن زايد محل اسم بلاده.

ودشن الإماراتيون وسماً (هاشتاغاً) على موقع "تويتر" بعنوان #شكرا_محمد_بن_زايد، قدموا فيه الشكر لولي عهد أبوظبي، وقد شارك فيه سعوديون.

وفي السياق، أمر حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، بوضع جملة "شكراً محمد بن زايد"، على برج خليفة، وذلك بالتزامن مع يوم جلوس بن راشد، الذي يوافق الرابع من يناير.

وصممت هيئة الطرق والمواصلات لوحات و100 علم، تضمنت صورة محمد بن زايد آل نهيان إلى جانب وسم # شكرا_ محمد_ بن_ زايد، حيث تم وضع لوحة كبيرة تحمل صور بن زايد على شارع الشيخ زايد، ولوحات رقمية على جسور شارع الشيخ زايد، في تجاهل واضح لرئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد.

ووضعت الهيئة لوحات إعلانية على شارع الشيخ زايد وشارع الشيخ محمد بن زايد، وشارع بني ياس، إضافة إلى تزيين جسر قناة دبي المائية بشارع الشيخ زايد، وجميع اللوحات المرورية الذكية، وثلاث عبّارات بالقناة المائية، وقاربي "فيري".

كما وُضعت اللوحة على جميع شاشات المترو والترام والحافلات، فضلاً عن تزيين اللوحات الرقمية داخل المبنى، ومراكز إسعاد المتعاملين التابعة لها.

- دور قديم

وقبل وقت طويل من تعيينه نائباً لولي العهد في نوفمبر 2003، بزغ نجم محمد بن زايد قبل عام من وفاة الشيخ زايد آل نهيان (مؤسس الدولة)، والذي خالف ما كان قد أعلنه قبل ذلك بعدة سنوات من أن وريثه الشرعي الشيخ خليفة بن زايد سيتولى اتخاذ كل القرارات المستقبلية، وضمنها ولاية العهد.

قرار التعيين نفسه رغم مفاجأته لأوساط إماراتية عديدة، فإن هذه الأوساط نظرت إلى القرار باعتباره تحصيل حاصل؛ إذ كان يُنظر لمحمد بن زايد حينها باعتباره الأكثر تأثيراً بين إخوته، لا سيما بعد إدارته جولات مفاوضات معقدة مع الولايات المتحدة لشراء 80 طائرة من طراز "إف 16 بلوك 60" ضمن ما سوّقه على أنه خطة شاملة لتحديث سلاح الجو الإماراتي.

كما حرص محمد بن زايد على تقديم نفسه كولي للعهد وحاكم فعلي للإمارات مع ضعف أخيه المريض "خليفة".

ولمحمد بن زايد نفوذ واضح على شبكة إعلامية ضخمة، من الصحفيين المعروفين الذين يعملون لتنفيذ أجندته، ومن بينهم الكثير من الإعلاميين السعوديين والمصريين، فيما يسميه البعض "خلية الإمارات"، يديرها مستشارون له.

- سلاح الاستثمار والانقلابات

ولم تُخفِ السلطات الإماراتية، تحت قيادة محمد بن زايد، عداءها للربيع العربي ولا لمن جاء به الربيع العربي إلى السلطة، ولا يختلف في ذلك إسلاميو مصر أو يساريو تونس أو ثوار ليبيا، الجميع مثَّلوا تهديداً وجودياً من وجهة نظر السلطات الإماراتية.

وخلال الأعوام الأخيرة، استثمر محمد بن زايد مليارات الدولارات في العديد من مناطق العالم، وهي استثمارات تبدو مسيّسة في معظمها، لكن بعضها يأتي في كثير من المناطق المثيرة للتساؤل عن أهدافها، لا سيما إذا لم تكن الجدوى الاقتصادية واضحة.

على سبيل المثال، الإمارات هي رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، ما يجعلها الدولة الأكثر تسليحاً في العالم بالنسبة لعدد مواطنيها الذي لا يزيد على مليون. لكن صفقات السلاح هي واحدة من أهم وسائل الدبلوماسية والتقارب مع الدول الكبرى والتي يتم اتباعها بكثافة مؤخراً.

الاستثمارات الإماراتية في أوروبا الشرقية، وتحديداً حول استثماراته المتزايدة في صربيا، تتزايد الأسئلة عن أجندة وأهداف محمد بن زايد منها، لا سيما أن تلك الدولة تحظى بسمعة سيئة للغاية بين الجماهير العربية والمسلمة؛ بسبب ارتباط اسمها بالمذابح التي ارتُكبت ضد المسلمين في كوسوفا والبوسنة والهرسك على خلفية انتمائهم الديني.

ويبدو بن زايد حريصاً على ضمان الدعم الإسرائيلي، ورغم أنه لا توجد سفارة لإسرائيل لدى الإمارات، فإنه يمكن رصد ملامح التعاون بين الإمارات وإسرائيل على المستوى الرسمي، والتعاون مع رجال أعمالها كذلك. ففي نهاية عام 2013، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريراً عن رجل أعمال إسرائيلي أمريكي يُدعى طل كينان، قالت الصحيفة: إنه "يُدير ملايين العرب من أبراج تل أبيب".

وفي التقرير، تحدث كينان عن أنه يجد معظم زبائنه عن طريق الصداقات المشتركة في الإمارات، حيث يُرشحه زبائنه العرب لأصدقائهم الذين لا يجدون غضاضة أبداً في التعامل مع رجل الأعمال الإسرائيلي.

ورغم عدم اعتراف الإمارات رسمياً بدولة الاحتلال، فإن تقارير تحدثت عن رحلة طيران سرية تتحرك بين مطار بن غوريون في تل أبيب ومطار أبوظبي الدولي من قِبل شركة الطيران الخاصة "برايفت إير" التي تتخذ من جنيف مقراً.

خارجياً، وتحديداً في الولايات المتحدة، يظهر شكلٌ أبرز من التنسيق بين أبوظبي وتل أبيب. فبداية من الحرب العلنية التي يديرها السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، ضد حركات الإسلام السياسي، وضمنها حركات مناهضة الاحتلال كحركة حماس، وليس انتهاء بالاتفاق في الأجندات مع بعض أبرز أجنحة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.

التسريبات الأخيرة التي ظهر فيها سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، داعماً للانقلاب العسكري في مصر، وتدخُّل الإمارات في ليبيا من خلال دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ليست الأدلة الوحيدة على ذلك الموقف الإماراتي.

كما لعب بن زايد دوراً كبيراً في الأزمة الخليجية الأخيرة، ودعم محاولات خلق الاضطرابات في قطر، وسبق أن تحدثت وثائق ويكيليكس عن رغبة بن زايد في قصف القوات الأمريكية قناة "الجزيرة" الإخبارية، فضلاً عن الدور الكبير للعتيبة في محاولات تشويه صورة الدوحة.

ويعتبر العتيبة، الرجل المقرب من محمد بن زايد، وذراعه اليمنى في السياسة الخارجية؛ ومن ثم فإن هذا النفوذ الذي يتمتع به السفير الإماراتي في واشنطن، ليس إلا انعكاساً لما يملكه محمد بن زايد من سيطرة في بلاده.