السلطة » خلافات سياسية

كواليس خطاب عباس والعرض السعودي لبيع القدس

في 2018/01/16

الخليج أونلاين-

أثار الخطاب المطوّل الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس المركزي بمدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، الأحد، والذي استمرّ لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، عاصفة من التساؤلات والانتقادات حول الألغاز والاتهامات التي أطلقها.

الرئيس عباس ركّز في خطابه على توجيه انتقادات حادّة لحركة "حماس" وقادتها؛ بسبب رفضهم المشاركة في الاجتماع، كما تطرّق لملفّ العلاقات مع "إسرائيل"، والإدارة الأمريكية، ومشروع التسوية، وأوسلو، وهجومه غير المسبوق على الرئيس دونالد ترامب، بعد كشفه عن بعض تفاصيل "صفقة القرن"، وعروض "العاصمة البديلة".

وللمرة الأولى يصرح الرئيس "أبو مازن"، بأنه تلقّى عرضاً بإعلان بلدة "أبو ديس"، قرب القدس المحتلة، عاصمة للدولة الفلسطينية، وقال عباس في خطابه: "يعرضون علينا حالياً أن تكون أبو ديس عاصمتنا، وأبلغنا (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب أننا لن نقبل مشروعه، وصفقة القرن هي صفعة وسنردّها".

كما انتقد رفض حركة حماس والجهاد الإسلامي المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي؛ احتجاجاً منهما على مكان استضافة الاجتماعات.

وتابع: "نحن لا نأخذ تعليمات من أحد، ونقول لا لأيٍّ كان إذا كان الأمر يتعلّق بمصيرنا وقضيّتنا وبلدنا وقضيتنا وشعبنا، لا وألف لا"، وقال: "قلنا لا لترامب ولن نقبل مشروعه، وصفقة العصر هي صفعة العصر ولن نقبلها".

وفي إشارة إلى تغريدات ترامب وتهديده بقطع المساعدات عن السلطة واللاجئين، قال: "ما يحمّلونا جَميلة (أي منّة) بدفع أموال لنا"، وبشأن رفض المنظمة للمفاوضات قال: "يخرب بيتك (موجّهاً الحديث لترامب)، من متى رفضنا المفاوضات، فقد ذهبت لأمريكا 4 مرات وأنا جاهز للصفقة، التي بان أنها "صفعة، هذا عيب".

- اعترافات خطيرة

قيادات فلسطينية كانت حاضرة في اجتماع المجلس الوطني، كشفت لـ "الخليج أونلاين" عن بعض كواليس وأسرار الجلسة الأولى للمجلس المركزي، وما جرى بعد خطاب الرئيس عباس داخل الغرف المغلقة والبعيدة عن أعين وسائل الإعلام والصحافة.

وقالت: إنه "ولأول مرة يكون الرئيس الفلسطيني صريحاً لهذا الحدّ، ويكشف لنا عن أسرار لم يكن يتوقّعها أحد"، مشيرةً إلى أن عباس تحدث عن كل تفاصيل صفقة القرن، وكذلك العروض العربية التي قُدّمت له، والإغراءات المالية للقبول بالصفقة.

ولفتت القيادات الفلسطينية (التي فضّلت عدم ذكر اسمها) إلى أن عباس أبلغ العديد من القيادات التي كانت حاضرة في اجتماع المجلس المركزي أن السعودية هي التي تقود مهمّة "توريط الفلسطينيين" بالصفقة الأمريكية، وأنها حاولت الضغط بكل الطرق للقبول بها.

وأشارت إلى أن مقترح الاعتراف بـ "أبو ديس"عاصمة للدولة الفلسطينية مقترح سعودي بالأصل، وتم عرضه بصورة رسمية على الرئيس عباس خلال زيارة الرياض الأخيرة، مع تقديم الكثير من الإغراءات المالية؛ كتسديد كافة ديون السلطة الخارجية، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للفلسطينيين، وتسريع إعمار قطاع غزة وفكّ حصاره، وزيادة الدعم المالي المقدّم لموازنة السلطة سنوياً بمليارات الدولارات، إلا أن عباس رفض ذلك.

القيادات الفلسطينية أضافت، أن عباس أبلغهم كذلك أن الإمارات هي التي تسبّبت بخروج وزير الخارجية، رياض المالكي، من اجتماع وزراء الخارجية العرب السداسي الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمان، في السادس من شهر يناير الجاري، وشاركت فيه "فلسطين، والسعودية، ومصر، والأردن، والإمارات، والمغرب"، بعد تطاول وزير الخارجية الإماراتي على السلطة بأنها لم تسمح بخروج مسيرات ضد قرار ترامب حول القدس.

وفي خطابه، هاجم الرئيس (أبو مازن) وزيراً عربياً لتقليله من شأن الانتفاضة ضد الاحتلال على خلفية قرار ترامب بشأن القدس، كما دعا دولة عربية أخرى، دون أن يسمّيها، إلى ترك القضية الفلسطينية وشأنها.

وقال: "قبل أسبوع حصل لقاء وزاري بين الوزراء العرب ليناقشوا القضية، فقال أحدهم: عتبنا على الشعب الفلسطيني الذي لم يهبّ بقوة وبشراسة وينتفض بعنفوان، ردّ عليه وزيرنا: قبل أن نقول لك ماذا لدينا حتى هذه اللحظة، أسألك هل سمح بلدك لمواطن واحد يقف في ميدان جانبي ليقول قدساه".

- الخطاب الأخير

كما كشفت القيادات الفلسطينية لـ "الخليج أونلاين"، أن عباس أبلغهم بأن خطابه الذي ألقاه في اجتماع المجلس المركزي، الأحد، قد يكون الأخير له، وأن السلطة الفلسطينية ستتخذ خطوات داخلية وخارجية هامة للغاية خلال المرحلة المقبلة قبل رحيله عن كرسي الرئاسة.

خطاب الرئيس عباس أثار عاصفة من الانتقادات الفلسطينية، ورأى الكثير من الفصائل أنه كان "فاشلاً، ولم يعبّر عن خطورة المرحلة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، في ظل التصعيد الأمريكي والإسرائيلي".

وهنا يقول محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، في تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين": إن "عباس يحاول أن يبيع الوهم من جديد لأبناء شعبه، وخطابه الذي استمرّ لـ 3 ساعات متواصلة كان فاشلاً، ولا يتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية".

وأضاف الزهار: "كل ما تحدّث به عباس مخالف للواقع، ومحاولة منه لتجميل صورته أمام شعبه والخارج، لكنه لم يقدّم أي حلول عملية للأزمات التي يعيش فيها شعبنا نتيجة رهانه الفاشل على التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتمسّك بالمفاوضات العبثية".

وأعلن القيادي في حركة "حماس" صراحةً أن حركته لن تعترف ولن تلتزم بأي قرارات تصدر عن المجلس المركزي"، مؤكداً أن هذا الاجتماع "مجرّد مسرحية هزلية"، لا فائدة منها أبداً.

وانطلقت اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني، مساء الأحد، في مدينة رام الله، وهي الأولى منذ مارس 2015.

وتُعقد الاجتماعات التي تستمرّ ليومين ضمن الدورة الـ 28 للمجلس المركزي الفلسطيني، بعنوان: "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين".

وتنعقد هذه الدورة الطارئة لتأكيد الموقف الوطني الفلسطيني الموحّد، ووضع كل الخيارات أمامه، عقب إعلان الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.