صحيفة «واشنطن بوست»-
حذر الكاتب «ديفيد إغناطيوس»، من أن «موقع الأردن كصديق أبدي لأمريكا يواجه تحديًا جديدًا من السعودية»، لأسباب متعددة، أبرزها سعي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» لمنافسة الأردن على المكان الذي ظل يحتله مع الأمريكيين «بتشجيع من الإسرائيليين».
وقال «إغناطيوس»، في مقال له بصحيفة «واشنطن بوست»، كتبها خلال زيارة إلى العاصمة الأردنية عمان، إن الأردنيين لا يزالون يعرفون أنهم شريك مهم للولايات المتحدة، لكنهم يشعرون بأن «محبتهم منسية»، على حد تعبيره، خلال التقرير الذي ترجمته «القدس العربي».
الإسلام المعتدل
وأضاف أن «بن سلمان» يحاول «إعادة تغليف المملكة وتقديمها كصوت للإسلام المعتدل، والذي كان مهمة الأردن الخاصة، ويقدم نفسه كصوت تغيير في العالم العربي وهو الموقع الذي احتله الملك عبدالله الثاني».
وألمح الكاتب إلى أن «بن سلمان» يدعم بشكل هادئ «صفقة القرن» التي يدعو إليها «ترامب» لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، رغم شكوك الأردن منها.
وأكد أن الأردن بدأ يخاف من أن تطاله «شظايا دبلوماسية ترامب التخريبية»، والتي تجلت خلال قراره، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهو القرار الذي سيسبب متاعب للأردن، التي يعيش به أعداد كبيرة من الفلسطينيين.
علاقة باردة
وتشهد العلاقات بين الأردن والسعودية برودا واضحا، والسبب يعود لرفض الأردن إرسال قوات لدعم الحملة العسكرية في اليمن، وتردد عمان في اتخاذ موقف واضح من الأزمة مع قطر، وأخيراً عدم موافقة الأردنيين على ملاحقة السعودية لـ«الإخوان المسلمون»، إذ تعتقد أن احتواء المخابرات لهم أكثر فعالية.
ورغم كل ما سبق، يلفت «إغناطيوس» إلى صعوبة تحقيق السعودية نتيجة ملموسة في هذا التحدي أمام الأردن، على الأقل في الوقت الحالي، نظرا للعلاقة شديدة المتانة التي تربط بين واشنطن والمخابرات العامة الأردنية.
تعاون ذهبي
وقال إن «أجيالاً من عناصر المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) بنوا سجلهم العملي وهم يديرون عمليات مشتركة مع المخابرات الأردنية لملاحقة الجماعات الفلسطينية والقاعدة وتنظيم الدولة»، وما تميزت به المخابرات الأردنية هو قدرتها على تجنيد عملاء في أماكن لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الوصول إليها، وهو ما يجعلها شريكاً قوياً في مكافحة الإرهاب.
ويؤكد الكاتب أن الدعم القوي الذي يتلقاه الأردن من الكونغرس و«سي آي إيه» والبنتاغون والخارجية الأمريكية، لن يقل، بل سيزيد، حينما يوقع الطرفان، في 13 فبراير/شباط «مذكرة تفاهم» تمدد الدعم المالي الأمريكي إلى خمسة أعوام وزيادته إلى مليار ونصف المليار دولار عن المساعدة الحالية وهي 1.275 مليار دولار.
ويرى «إغناطيوس» أن المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الأردن تعد أحد أسباب التوتر المكتوم بين عمان وواشنطن، رغم كل ما سبق من أوجه التعاون.
وفصل الكاتب بين التعاون المخابراتي والأمني، والذي يزداد ويتطور بين الجانبين، وبين الواقع الاقتصادي قائلا إن «الأردن يملك جيشاً ومخابرات قوية لكنه لا يستطيع موازنة البندقية مع السمن».
وأضاف أن «أول شيء سمعه في دائرة المخابرات العامة هو حاجة الأردن لاتفاقية مساعدات عاجلة مع صندوق النقد الدولي».
ويختم الكاتب بالقول إنه من السهل التعامل مع الأردن كحليف مضمون، فقد عقد معاهدة سلام مع (إسرائيل) وانفتح على العالم المدني العلماني، لكنه يبدو أنه يسير مثل الطائرة التي تعمل على المحرك الآلي.
ويتابع: «لكن لو تفكك الحكم الهاشمي مثل ما حدث للجيران فستكون آثاره كارثية».