السلطة » خلافات سياسية

البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية (18)

في 2018/02/15

من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-

في الحلقة الثامنة عشرة تكشف البرقيات بين الجهات السعودية والبريطانية وبرقيات السفارة السعودية في بريطانيا كيف رصد النظام السعودي الميزانيات الخاصة بالشعب لرصد من يعارض النظام داخل بريطانيا سواء من النواب أو المسؤولين أو الحقوقيين وكيف سعت لندن لتسليح النظام خاصة عندما ازدادت الانتقادات للرياض بسبب جرائم الحرب في اليمن التي يتورط فيها تحالف السعودية، كما اهتمت السفارة بملاحقة المواطنين المعارضين والموالين على السواء.

ويتضح من البرقيات أن مهمة السفير السعودي في لندن تركزت في ملاحقة المعارضين وتتبع آثارهم في بريطانيا، وكونها الراعي الأكبر للقمع في المنطقة سعت السعودية لدى الحكومة البريطانية لرفع حظر تسليح قوات الأمن في البحرين والذي فرضه المجتمع الدولي بعد إفراط نظام البحرين في قمع المعارضة والاكتفاء بشماعة الطائفية كمبرر للقمع، على نحو ما تكشفه برقية ممهورة باسم سعود الفيصل موجهة إلى السيد وليام هيغ وزير خارجية المملكة المتحدة ويقول فيها إن البحرين هي البوابة الرئيسية لحفظ الأمن والاستقرار وسلامة دول المجلس والركيزة الأساسية في تكامل منظومة مجلس التعاون الدفاعية والأمنية والسياسية وتركيبته السكانية وإنها أصبحت تواجه تحديات وأعمالا عدوانية مدفوعة من قوى إقليمية مجاورة تضع في أجندتها المساس بسيادة مملكة البحرين والتدخل في شؤونها الداخلية مما يؤثر على سلامة أمنها الوطني وأمن وسلامة دول مجلس التعاون.

وكانت هذه المقدمة مسوغا للقول بأن تعزيز قدرات البحرين الدفاعية والأمنية يتطلب شراء بعض الأسلحة التي تمكنها من الدفاع عن نفسها والحفاظ على ترابها الوطني وحماية نظامها السياسي طالبا بذل المساعي البريطانية لرفع حظر السلاح المفروض على مملكة البحرين من قبل الجهات المختصة في المملكة المتحدة.

وتتعلق بعض البرقيات برصد أنشطة التيارات الإسلامية في بريطانيا وخاصة الشيعية منها وتلك التي تتعرض بالنقد للنظام السعودي ورصد أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا والمراكز التي تمثل التنظيم، حيث رصدت السفارة أنشطة دعوية لمنتدى الوحدة الذي أسسسه الدكتور كمال الهلباوي أحد قيادات الإخوان المسلمين ودار الرعاية الاجتماعية ورابطة مسلمي بريطانيا ومسجد فنسبري بارك. ورصدت مواقف الحكومة والأحزاب تجاه الجالية المسلمة في بريطانيا، حيث خلصت الدراسة الاستقصائية إلى القول بأن هناك تخطيطا موجها وعملا دؤوبا للتكوينات الشيعية بهدف عزل التوجه السلفي من المملكة وتمزيق علاقاته مع المكونات السنية الأخرى سعيا لعزله وإضعافه وأن الأمر قد يصل إلى التحالف مع الصوفية ضد السعودية. وأوصت السفارة بتفعيل حضور المملكة والمؤسسات التابعة لها في المجالات الإسلامية والثقافية في بريطانيا من خلال دعمها ماليا ومعنويا، وتشجيع رموز الصوت الشيعي المحارب من قبل إيران والتواصل مع المرجعيات الشيعية العربية المستقلة عن النظام السياسي والديني الإيراني، حتى لا تتفرد إيران باحتكار الطائفة الشيعية في العالم .

تحايل

وتكشف البرقيات القنوات الخفية التي اتبعتها السعودية للتحايل على حظر تسليحها بالقنابل المحظورة، حيث تعاونت مع سفارة بريطانيا في المملكة بهدف مناقشة التدابير الأولية وإجراءات المتابعة من جانب المملكة المتحدة بخصوص قرار الولايات المتحدة رفض طلب شركة ريثيون بيع قنابل الطائرات Pave way IV إلى المملكة العربية السعودية .

وحرصت سفارة السعودية على الاقتراب من الجهات والشخصيات والنواب في البرلمان البريطاني التي تعارض تصدير السلاح إلى السعودية نظرا لملفها المتردي في حقوق الإنسان، ورصدت المتحدثين عن تورطها في اليمن ودعمها للقمع في البحرين.

وتتعلق إحدى البرقيات بإقدام سفير بريطانيا لدى السعودية بمقابلة عدد من الناشطين الشيعة السعوديين، حيث احتجت لدى الخارجية البريطانية عن هذا التصرف واصفة إياه بأنه مسلك مرفوض واعتبرته تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة.

ما اضطر السفير إلى الاعتذار وأن اللقاء كان بطلب من الخارجية البريطانية للقاء مجموعة من ممثلي المنظمات غير الحكومية بمن فيهم بعض المنتمين إلى الطائفة الشيعية في العراق ولم يكن بينهم سعودي.

صوفي

وكان مجرد عدم اتباع نفس النهج الفكري السعودي لأي موظف بسفارتها في لندن أو أي جهة تابعة لها كفيل بالتوصية بفصله من العمل حيث تتعلق إحدى البرقيات بمواطن بريطاني الجنسية من أصل إرتري يعمل في مكتب الدعوة في لندن التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية السعودية، حيث أفادت الاستخبارات السعودية في لندن أنه صوفي مما يضعه في دائرة الشك خوفا من تتبعه لأنشطة الوزارة وتأثير ذلك على أداء مكتبها في لندن.

وتكشف البرقيات انزعاج السفارة السعودية من تقارير الخارجية البريطانية عن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية وغياب الشفافية في المحاكمات وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطق معينة في المملكة تعاني من التهميش وقد أبلغ وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الحكومة البريطانية وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء بهذه الأمور خلال لقائه في لندن، كما رصدت السفارة الحملات التي تثار ضد المملكة في بريطانيا حول عدم مشاركة المرأة السعودية في البطولات الرياضية والألعاب الأولمبية وضرورة معالجة مشاركة المرأة السعودية في الألعاب الأولمبية لتجنب انتقاد المملكة.

وترصدت الاستخبارات السعودية لتحركات المواطنين السعوديين في الخارج الموالين والمعارضين وحسب المؤلف فإن السفارة تشكك في الموالين أكثر من المعارضة كون الموالين على تواصل مع السفارات الغربية والمنظمات الحقوقية الغربية أكثر من المعارضين الذين ينظرون إلى السعودية وأصدقائها من نافذة واحدة باعتبار الأصدقاء يدعمون السعودية في نهجها القمعي، ومن ذلك منع عودة مواطن طلب دخول دولة خليجية لكنها رفضت ذلك وأعادته إلى لندن وطلبت منه التواصل مع السفارة السعودية لحل مشكلته مع النظام.

وتتعلق برقيات أخرى بمناقشات عن معتقلين في السجون السعودية من حقوقيين ومنها برقية من أحد الداعمين لمنظمة العفو الدولية "فيدريكو روس" يعبر فيها عن قلقه من سجن الدكتور سليمان الرشودي بالعزل الانفرادي في سجن الحاير في الرياض حيث ناشد الملك التدخل لإطلاق سراحه لأنه سجين ضمير اعتقل لممارسته حرية التعبير وطالب بتقديم ضمانات بشأن تلقي المعتقلين معاملة حسنة وعدم تعريضهم للتعذيب في السجون السعودية .

منظمة حقوق الإنسان في بريطانيا.. صداع في رأس المملكة

انتقدت المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا تجاوزات السعودية في مجال انتهاكات حقوق الانسان وطلبت رفض زيارة ولي العهد السعودي المرتقبة إلى لندن .

وبتاريخ 20 /12/ 2017 أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي إلى المملكة المتحدة مطلع العام 2018 دون تحديد اليوم.

وقالت المنظمة ان الحكومة البريطانية والنظام السعودي يجمعهم حلف قائم على المصالح المادية وصفقات الأسلحة دون أي اكتراث لمنظومة حقوق الانسان التي تنتهك داخل حدود المملكة العربية السعودية أو خارجها.

وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة داخل بريطانيا لهذه العلاقة النفعية والدعوات الكثيرة لوقف تصدير الأسلحة إلا أن الحكومة البريطانية تستمر في تصدير السلاح وتدريب قوات عسكرية وأمنية سعودية تشارك في حرب اليمن.

أكثر من عامين على تدخل السعودية في تحالف يشن حربا على اليمن تسبب في قتل وجرح وتشريد الآلاف وانتشار الأوبئة بين النساء والأطفال والشيوخ.

هذا إضافة إلى الحصار المشدد الذي أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية والطبية والوقود، كما أن الجرائم التي ترتكبها الإمارات في جنوب اليمن فاقمت معاناة اليمنيين.

وقالت المنظمة إن رئيسة الوزراء البريطانية والمسؤولين في حكومتها لم يتخذوا أي إجراءات لوقف الجرائم في اليمن سوى التعبير عن القلق مع مزيد من صفقات السلاح مما يجعلهم شركاء في حرب ذات طابع دولي.

كان يتوجب على رئيسة الوزراء البريطانية عدم الترحيب بولي العهد السعودي المسؤول عن الجرائم في اليمن كما أنه يعتبر مسؤولا عن انتهاكات خطيره في بلاده لجهة اعتقال النشطاء والمفكرين ورجال الاعمال بشكل تعسفي وتعذيبهم واختفائهم قسريا .

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا أن العلاقة بين المملكة المتحدة والسعودية في ضوء الجرائم المرتكبة في اليمن والانتهاكات الحقوقية الخطيرة في المملكة تعتبر خرقا جسيما لالتزامات بريطانيا الدولية وفِي مقدمتها اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية.

ودعت المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا رئيسة الوزراء البريطانية إلى أن تضفي بُعدا أخلاقيا على الأقل في علاقتها مع السعودية يمكن من وقف الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.

للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا