السلطة » خلافات سياسية

البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية (23)

في 2018/02/23

من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-

 

في الحلقة الثالثة والعشرين تستعرض البرقيات المسربة صفحات من العلاقات بين السعودية والعراق التي مرت بفترات تميزت مرة بالتقارب وأخرى بالتباعد، حيث حدثت قطيعة بينهما بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، وبعد سقوط صدام وصعود حزب الدعوة سعت حكومة نوري المالكي عبر البوابة السعودية إلى الحصول على دعم خليجي للتغيير السياسي الذي حصل بالعراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، والذي كانت الرياض تنظر إليه بكثير من الريبة واتهمت بغداد السعودية بتصدير مقاتلين متشددين لإذكاء العنف الطائفي في العراق، وسادت فترة من الجمود لم تتغير إلا بعد وصول حيدر العبادي إلى رئاسة الوزراء في العراق نهاية عام 2014. وفي ديسمبر 2015 بعد انقطاع دام أكثر من 25 عاما، تم الإعلان عن افتتاح السفارة السعودية بالعراق وسط انتقادات من أحزاب شيعية وترحيب الأطراف السنية.

وأرسلت الرياض سفيرها ثامر السبهان الذي واجه موجة انتقادات شديدة من أطراف سياسية شيعية اتهمته بالتدخل بالشؤون الداخلية بعد تصريحات قال فيها "إن الحشد الشعبي غير مرحب به من قبل السنة العرب والأكراد".

وتم تعيين سفير جديد هو عبد العزيز الشمري في اكتوبر 2016. وفي فبراير 2017 زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد والتقى رئيس الوزراء، وكانت أول زيارة لوزير خارجية سعودي للعراق منذ نحو 27 عاما، ليقوم بعدها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزيارة للرياض في يونيو من نفس العام وفي يوليو 2017 قام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بزيارة السعودية بدعوة رسمية، وكانت الأولى له منذ آخر زيارة قام بها للرياض قبل 11 عاما.

عدم ثقة
اصطدمت مسيرة علاقات بغداد والرياض بملف الارهاب، حيث اتهمت بغداد الرياض بتمويل وتدريب عناصر القاعدة وداعش الذين تسببوا في تخلف العراق قرونا عديدة بفعل التفجيرات التي شهدتها البلاد.

وتعكس برقيات الخارجية مناخ عدم الثقة بين الجانبين، حيث سعت السعودية الى توطيد علاقتها مع القبائل والعشائر العراقية وطلبت الاستخبارات دعم القبائل بالمال واستمالة شيوخها لكسب تأييدهم للمملكة والعمل على تغيير قناعتهم وإبعادهم عن الوضوع في براثن إيران حسب البرقية.

تقارب مع كردستان
وتكشف البرقيات سعي السعودية الى التقارب مع اقليم كردستان وقبلت وساطات عدة في هذا المجال منها ما قام به سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية حيث زار الاقليم والتقى مسعود برزاني وأبلغ السعودية انهم حذرون من بغداد وحكومة المالكي وطلب من السعودية التقارب مع الاقليم لمنعهم من الارتماء في الحضن التركي أو الغربي وأقنع جعجع السعودية بأن لدى كردستان القدرة على تحريك بعض الأمور في سوريا والعراق وإيران وتركيا.

وتكشفت أنباء عن سعي الرياض لاحقا الى فصل الاقليم نكاية في بغداد وتقاربها مع ايران ونكاية في تركيا. وتكشف البرقيات أن الاكراد عولوا كثيرا على المملكة لما تمثله والدور الذي تقوم به لمساندتهم ولما لها من ثقل عربي ودولي والتدخل لحسم الملفات العالقة بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان ومنها المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها مدينة كركوك وملف توزيع الثروات والنفط والغاز.

ورحبت الرياض بدعم بعض رجال الاعمال العراقيين للتقارب مع اهل السنة في العراق، وأفادت سفارة السعودية في عمان بأنه من المفيد دعم مركز رجال الاعمال العراقيين للتقارب مع المملكة وحتى لا تترك الساحة العراقية لمشاركة جهات أخرى وقبلت التعامل مع بعض رجال الاعمال الشيعة واعتبرتهم " شيعة علمانيين" حسب وصف البرقية.

خذلان لأهل السنة
وتكشف البرقيات رفض الديوان الملكي طلبا من سعود الفيصل وزير الخارجية لمناصرة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي في وجه طغيان نوري المالكي الذي سعى لاستئصال السنة من العراق ومن الحكم وإبعادهم عن الحياة السياسية. حيث طلب الفيصل من الديوان الملكي حماية الهاشمي لأن في ذلك حماية للسنة من طغيان نوري المالكي ونصح بأن تقوم السعودية بالاتصال بالجانب الاميركي لوقف ملاحقة نوري المالكي للهاشمي وأن في هذا مدعاة لتطوير السياة الأميركية في التعامل العادل مع سنة العراق، لكن الديوان الملكي تجاهل ملاحقة المالكي للهاشمي وقيل لسنة العراق إن الديوان لن يدعم الاخوان المسلمين (يقصد الحزب الاسلامي العراقي بزعامة طارق الهاشمي).

ولم يكن الهاشمي فقط هو من خاب أمله في دعم الرياض لأهل السنة في العراق، فقد رفضت السعودية طلبا تقدم به المحامي خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين المتضمن رغبته في اللجوء الى المملكة وبررت عدم الموافقة كما جاء في البرقية " تمشيا مع الأمرين الكريمين القاضيين بعدم فتح الباب أمام طلبات اللجوء الانساني من مواطنين عراقيين الى المملكة، رغم ان مندوب وزارة الداخلية طلب الموافقة على الطلب لاعتبارات انسانية، إلا أن اللجنة الدائمة للاجئين السياسيين للمملكة قالت "بعد استعراض الموضوع والمعلومات المتوافرة عن المذكور لاسيما اتجاهاته ونشاطاته رأت اللجنة عدم الموافقة على طلبه. وهو الامر الذي تكرر مع عشرات العراقيين من اهل السنة الذين طلبوا مساعدة السعودية لكنها نظرت لهم بشك وريبة حتى تفاجأ العرب السنة بالتقارب الغريب الذي وصل لاحقا الى حد مشاهدة عناصر الحشد الشعبي يطوفون حول الكعبة ضمن وفود رسمية عراقية حظيت بما لم يحظ به العرب السنة من أهل العراق!!

للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا