السلطة » خلافات سياسية

مطار "الخادم" يفضح أسرار التدخّل الإماراتي في ليبيا

في 2018/02/24

الخليج أونلاين-

ما زال الوضع في ليبيا يزداد تعقيداً وانفصالاً منذ الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي، من قبل الجماهير الليبية التي خرجت تطالب بتغيير النظام، في ذروة الربيع العربي، عام 2011.

ومنذ سقوط نظام القذافي تعيش ليبيا حالة من الفوضى الأمنية، وسط غابة من المليشيات المسلّحة، في حين تتنازع سلطتان في البلاد؛ حكومة الوفاق الوطني التي يعترف بها المجتمع الدولي وتتخذ من طرابلس مقراً لها، وسلطة ثانية في شرقي البلاد يدعمها المشير خليفة حفتر.

جهود ووساطات دولية مختلفة دخلت على خط الخلاف الليبي سعياً لإنهائه، لكن وبرغم إبرام اتفاق برعاية أممية ما يزال الصلح مجرّد اتفاق على ورق، وهو ما يؤكّده خليفة حفتر في تصريحات له.

حصول خليفة حفتر على الدعم الكامل الذي يحتاجه هو ما يساعده في استمرار قوته ونزاعه لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً. ولم يعد خافياً الدور الذي تؤدّيه دولة الإمارات في ليبيا، ومساندتها الكبيرة لحفتر، ما يجعل وضع التوتّر وعدم الاستقرار في ليبيا قائماً.

ومنذ ظهور اللواء حفتر على الساحة، في مايو 2014، حين أطلق ما سماها عملية الكرامة في بنغازي بحجّة مكافحة الإرهاب، بدأ دور الإمارات يتضح في ليبيا.

تقارير دولية عديدة أكّدت وقوف الإمارات وراء الإبقاء على استعار القتال في ليبيا والفرقة بين مكوّناته، ما يبقي البلد يعيش حالة عدم الاستقرار، ومن بينها التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا، الصادر 2017.

التقرير كان قد تحدّث عن خرق الإمارات، وبصورة متكرّرة، لنظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا؛ وذلك من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها منذ سنة 2011، عن طريق تقديم الدعم العسكري لقوات خليفة حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.

وتحدّث التقرير أيضاً عن تطوير الإمارات لقاعدة جوية عسكرية على بعد 100 كيلومتر عن بنغازي، وبناء حظائرها وتزويدها بالطائرات، وتُعرف بقاعدة "الخادم".

- قاعدة "الخادم"

تقع قاعدة "الخادم" جنوب مدينة المرج بنحو 65 كم، وتبعد نحو 100 كم عن مدينة بنغازي، وهي قاعدة سرّية أنشأها نظام القذافي في ثمانينيات القرن الماضي. وتبلغ المساحة التقريبية للقاعدة العسكرية 10 كيلومترات مربعة.

وبدأت أسرار السعي الإماراتي للسيطرة على هذه القاعدة في 2016، حين كشفت مجلة جانيس البريطانية المتخصصة بالأمن والدفاع عن صورة من القمر الاصطناعي Airbus Defence and Space satellite قالت إنها لقاعدة جوية إماراتية جديدة في شرق ليبيا، كانت حتى 27 يونيو 2016 عبارة عن مطار مهجور.

1650890_-_main

وأوضحت المجلة أن مطار الخادم في مقاطعة المرج شرقي ليبيا يحوي عدد 2 من الطائرات؛ منها MALE UAV من طراز Wing Loong، و6 طائرات من طراز AT-802 Air Tractor مطوّرة، وطائرتا UH_60 بلاك هوك لمساندة الجيش الوطني الليبي (جيش حفتر)، مؤكّدة أن الطائرات الإماراتية تنطلق أحياناً من القواعد الجوية الغربية لمصر.

بدوره كان المجلس الأعلى للدولة الليبي قد عبّر عن استيائه من وجود القاعدة الجوية الإماراتية شرقيّ البلاد، واعتبر أن الأدلة التي ساقها تقرير مؤسسة البحوث العسكرية "جانيس" موثّق بصور أقمار اصطناعية لا يرقى إليها الشك.

وطالب المجلس الأعلى في بيان حكومة الوفاق الوطني باتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف استمرار الانتهاكات، ومطالبة مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته.

واعتبر أن وجود هذه القاعدة يُعدّ تناقضاً مع الموقف الرسمي للإمارات الداعم للاتفاق السياسي الليبي ومخرجاته.

وأيضاً طالب المجلس الأعلى مجلس النواب بتحمّل مسؤولياته والتحقيق في هذا الانتهاك لتراب الوطن.

19190999_240440123127097_1342249167_n

- تسارع البناء في مطار "الخادم"

في ديسمبر 2017، أظهرت صور للأقمار الصناعية تسارع البناء في قاعدة "الخادم"، بحسب موقع "وور إز بورينغ" الأمريكي.

الموقع أكّد أن صور قمر "تيرا"، التابع لوكالة ناسا الفضائية وهو الرائد في نظام مراقبة الأرض، تعكس مدى اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالانخراط في الصراع داخل ليبيا، في ظل تورّط مصر أيضاً بالقتال هناك، ولذا تخطّط أبوظبي لتوفير دعم قوي للقوات المناهضة للإسلاميين هناك.

الأمم المتحدة بدورها اتهمت دولة الإمارات بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، وبتقديم مروحيات قتالية وطائرات حربية لقوات حفتر.

جاء ذلك في تقرير للأمم المتحدة، في يونيو 2017، أظهر صوراً لوقوف السيارات الكبيرة الجديدة، وملاجئ الطائرات التي يمكن أن تستوعب المقاتلات النفّاثة، وتؤكّد أيضاً السرعة التي يتقدّم بها العمل في المطار.

وأشار التقرير إلى أن الملاجئ الجديدة في القاعدة الإماراتية قادرة على استضافة طائرات مقاتلة، ومن ضمن ذلك "إف-16" و"الميراج".

وتسبّب التدخّل الإماراتي -بحسب مراقبين- بفوضى عارمة داخل البلاد، وانقسام سياسي داخل مؤسّسات الدولة، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتدهور الاقتصاد.