السلطة » خلافات سياسية

"ما خفي أعظم".. هكذا قادت دول حصار قطر انقلاب 1996

في 2018/03/05

الجزيرة القطرية-

كشفت قناة "الجزيرة" القطرية، في برنامجها الاستقصائي "ما خفي أعظم"، دور السعودية والإمارات والبحرين في التخطيط والإعداد لانقلابٍ محكمٍ في قطر عام 1996.

وأظهر التحقيق الذي بدأت القناة بعرضه، مساء الأحد، أن خليّة إدارة انقلاب قطر تشكَّلت بإشراف مباشر من الأمير سلطان بن عبد العزيز (من السعودية)، والشيخ محمد بن زايد (من الإمارات)، والملك حمد بن عيسى (من البحرين)، واللواء عمر سليمان (من مصر).

وكشفت وثيقةٌ سريّة أن ساعة الصفر في انقلاب قطر كانت الساعة الثالثة فجر يوم 14 فبراير عام 1996، بعد أن تم تقديمها ليومين من موعدها المقرر الأول؛ خوفاً من كشفها.

وقال سفير أمريكا الأسبق لدى قطر، باتريك ثيروس، خلال التحقيق: "كانت هناك محاولات من الدول المجاورة لاستقدام مرتزقة أجانب؛ تمهيداً لدخول الأراضي القطرية والانقلاب على نظام الحكم".

ويعرض التحقيق شهادة أبرز قيادات الانقلاب، بينهم فهد المالكي، المسؤول السابق في المخابرات القطرية، والمفرج عنه حديثاً بعد إلغاء حكم الإعدام بحقه.

وتظهر أيضاً شخصية فهد عبد الله جاسم -أحد المحكوم عليهم بالإعدام- وهو يتحدّث مع الصحفي الاستقصائي تامر المسحال.

- خلف الكواليس

وفي التفاصيل؛ أشار المالكي إلى أن حمد بن جاسم بن حمد، قائد الشرطة القطرية آنذاك، كان قائد الانقلاب، ونجح في تجنيد الضابط جابر حمد جلاب المري، والعميد بخيت مرزوق العبد الله، فضلاً عن تجنيده لاحقاً.

وقال: "ساعة الصفر كانت مقرّرة يوم 16 فبراير، المصادف لليلة السابع والعشرين من رمضان، قبل أن يتم تغيير الموعد بقرار من السلطات الإماراتية، التي أمرت بتقديم ساعة الصفر ليومين؛ بحجّة إمكانية انكشافها".

ولفت المالكي إلى أنه "تم اختيار شهر رمضان لضمان عامل المفاجأة تزامناً مع بداية استعداد الضباط لقضاء إجازة العيد، وبقاء 20% فقط مناوبين في الوحدات العسكرية".

وكشف أنه "اتّصل شخصياً بابن زايد، والذي شجّعه على المضيّ في المحاولة الانقلابية قائلاً له: "والنعم فيكم، وكفو، وأنتم رجالها".

وأشار إلى أن "بن زايد استقبل قائد الانقلاب حمد بن جاسم بن حمد، قائد الشرطة، قائلاً له: أعطيك أسلحة نوعية لكن لا تطلب بكمية كبيرة".

- دور دول الحصار

وكشفت وثيقة مسرّبة صادرة عن الاستخبارات السعودية - فرع الطائف، حجم الدعم والتسهيلات التي قُدِّمت للعسكريين القطريين المشاركين في المحاولة الانقلابية.

وتكشف هذه الحلقة (الجزء الأول من اثنين) مسلسل دعم السعودية الخفيّ لتغيير نظام الحكم في قطر منذ عام 1996، خلال محاولة انقلابية انتهت بالفشل.

في حين كشف المتورّطون عن الوسائل التي عملت السعودية بها، والتخطيط المحكم لقلب نظام الحكم بالدوحة، بحسب ما ذكر التحقيق.

وعن دور القاهرة، فإن المخابرات المصرية تكفّلت بدعم الانقلابيين بالأسلحة والمشاركة الاستخبارية من خلال تجنيد لواءين مصريَّين متقاعدَين كانا داخل قطر.

وكشف حمد جابر جلاب المري، المعاون الرئيس لقائد خلية الانقلاب، أن "كميات من الأسلحة المصرية دخلت الأراضي القطرية تمهيداً للانقلاب على نظام الحكم".

كما تشير شهادات المالكي إلى تعهّد المخابرات المصرية بالدعم البشري والأسلحة لإنجاح المحاولة الانقلابية على ثلاث دفعات.

وأوضح أن أول دفعة من الأسلحة وصلت قبل أربعة أيام من ساعة الصفر؛ عن طريق الديوان البحريني عبر جسر الملك فهد، وتم تسليمها لحمد بن جاسم، الذي كان يقود الانقلاب.

وتضمّنت الأسلحة التي دخلت قطر بالفعل، بحسب المالكي، كلاشينكوف "الأشرم" (صناعة مصرية)، وقذائف "آر بي جي"، إلى جانب رشاشات عبارة عن مقذوفات مكتوب عليها اسم الإمارات، وصلت إلى قطر عبر البحرين.

من جانبه أشار شاهين السليطي، عميد متقاعد شارك في التحقيقات مع المتورّطين في المحاولة الانقلابية، إلى تورّط غبران اليامي (عسكري سعودي) في المحاولة الانقلابية.

وأشار إلى دور اليامي "الكبير" في إدخال 4 شاحنات أسلحة، والذي كان مجنّداً من قبل مسؤول المباحث السعودية لإدخال الأسلحة إلى قطر عبر منفذ سلوى مقابل 50 ألف ريال مكافأة له.

وحملت وثيقة مسرّبة توقيع أمير منطقة الرياض حينها -العاهل السعودي الحالي الملك سلمان بن عبد العزيز- تُظهر موافقته على جلب مليشيات قبليّة للمشاركة في الانقلاب، وإعادة الشيخ خليفة بن حمد إلى الحكم.

- ساعة الصفر

بدأ التجمّع لبداية المحاولة الانقلابية داخل الأراضي القطرية قرب منطقة مكينس بطريق سلوى، يوم 14 فبراير، حيث اجتمع الضباط لتكون نقطة الالتقاء والتجمّع انتظاراً لساعة الصفر.

وأُسند للمدعو "أبو علي" إعطاء إشارة بدء العملية الانقلابية، على أن تكون لحظة الصفر مع انقطاع الاتصالات في الهواتف.

واستهدف المخطّطون للانقلاب دخول بيت الأمير حمد بن خليفة آل ثاني في شارع الريان، لكن الشيخ خليفة قال لهم: "حتى إن قتلكم الأمير حمد واحداً واحداً لا تطلقوا عليه أي طلقة، وخذوا معكم ممرّضاً لأنه مريض بالسكري".

وبحسب ما كشف التحقيق، فإن قوات سعودية وبحرينية وإماراتية احتشدت على الحدود مع قطر لدعم المشاركين في الانقلاب.

وجرى تكليف اللواء الثامن السعودي المتمركز في منطقة الأحساء بالتوجه لمنفذ سلوى الحدودي لدعم الانقلابيين، في حين كانت قوة بحرينية خاصة تستعد لتنفيذ إنزال غرب الدوحة وتصطحب وحدة إعلامية في حال عدم السيطرة على التلفزيون (القطري).

كما تعهّدت قوة جوية إماراتية بالسيطرة على الأجواء القطرية وإنزال الشيخ خليفة بن حمد في قاعدة عسكرية بجوار مطار الدوحة.

- فشل قبل البداية

تم الكشف عن تأسيس غرفتَي عمليات لإدارة انقلاب قطر بالمنامة البحرينية للتنسيق والاتصال، وفي الخُبَر السعودية لقيادة العملية.

وقال السفير الأمريكي لدى الدوحة: "جرى إفشال محاولة انقلاب بعد أن كشفها أحد العسكريين المشاركين قبل ساعتين من ساعة الصفر".

وأضاف أنه "بعد كشف المحاولة بدأت عمليات اعتقال للمشاركين الذين تمكّن معظمهم من الهرب، واعتُقل بعضهم، وبينهم سعوديون".

ولفت ثيروس إلى غطاء الدول الجارة لقطر في دعم الانقلاب وإدخال الأسلحة.

ومن الجدير ذكره أن الدول التي قادت الانقلاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) تنفّذ حصاراً على قطر منذ 5 يونيو الماضي، إذ قطعت علاقاتها مع الدوحة بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة وتؤكّد أنها محاولة للسيطرة على قرارها السيادي.