السلطة » خلافات سياسية

تركيا والإمارات.. حرب باردة على النفوذ تتجاوز حدود السياسة

في 2018/03/28

وكالات-

تتوسع دائرة الحرب الباردة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا، فكل منهما تحاول زيادة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتوجيه ضربات ناعمة لغريمتها في محاولة لإضعافها.

تركز الصراع بين أنقرة وأبوظبي في السنوات الأخيرة على النفوذ في القارة السمراء، وخاصة منطقة القرن الأفريقي المطلة على طرق التجارة الدولية البرية والبحرية، والتي تمثل نقطة اتصال مع الجزيرة العربية الغنية بالنفط، والموانئ الاقتصادية الحساسة الموجودة هناك، كما أن حاملات النفط والغاز والبضائع وحتى الأسلحة تمر من تلك المنطقة.

وامتدت الحرب إلى ظهور محاولات إماراتية لإيجاد موطئ قدم لها في المؤسسات المالية التركية الخاصة، والانضمام إلى اللوبي المالي في البلاد المعارض لحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة لإضعاف حكومته.

وفي سياق هذا الصراع الذي يوقده التوتر السياسي بين تركيا والإمارات، تحاول الأخيرة شراء بنك "دنيز" التركي بعد أن حصلت على حصة سابقة في بنك "فيبا بنك".

وفي المقابل، يرفض الرئيس أردوغان صفقة بيع بنك "دنيز"، رغم أن قيمتها تصل إلى نحو 5.3 مليارات دولار.

وعلى الصعيد الأفريقي أنشأت أبوظبي 5 قواعد عسكرية لها في القرن الأفريقي، إضافة إلى سيطرة شركة "موانئ دبي" على عدد من الموانئ المطلة على ساحل البحر الأحمر، والتي من أهما ميناءي عدن اليمني، و"العين السخنة" المصري.

وبينما تملك أنقرة قاعدة عسكرية واحدة لها على ساحل البحر الأحمر، فإن لديها قاعدة اقتصادية واسعة وشبكة متشعبة من العلاقات السياسية مع دول المنطقة، أثبتت نجاعتها مؤخراً، بعد إقرار الصومال قانوناً يمنع شركة "موانئ دبي" من العمل في البلاد، بما يشمل جمهورية "أرض الصومال" التي توجد فيها الشركة، وأعرب الصومال بالمقابل عن ثقته بالولوج التجاري إلى أوروبا عبر تركيا، الذي وقع معها عقوداً عديدة.

وفيما يلي رصد أعده "الخليج أونلاين" لأهم معالم الحرب الباردة بين تركيا والإمارات على الصعيد الداخلي، وفي أفريقيا والقرن الأفريقي على وجه الخصوص.

أولاً: الصراع في أفريقيا - النفوذ التركي

يطغى الحضور السياسي والاقتصادي لتركيا في أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي خاصة على وجودها العسكري، فهي تملك قاعدة عسكرية واحدة افتتحتها في 30 سبتمبر 2017، جنوب العاصمة الصومالية مقديشو.

وتعد القاعدة، التي تضم ثلاث مدارس عسكرية بجانب منشآت أخرى، أكبر معسكر تركي للتدريب العسكري خارج البلاد.

وتقع القاعدة التركية على ساحل المحيط الهندي، وتعمل بطاقة تدريب تصل إلى 1500 جندي صومالي.

والهدف الرئيسي من إقامة هذه القاعدة هو المساعدة في إنشاء جيش صومالي قوي قادر على مواجهة حركة الشباب المتشددة وغيرها من الجماعات المسلحة.

وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي تملك تركيا، بحسب تصريحات أدلى بها رئيسها أردوغان في ديسمبر 2017، 39 سفارة بدول أفريقيا، والخطوط الجوية التركية تصل إلى 51 وجهة في 33 دولة أفريقية.

ولم تكن التحركات التركية في أفريقيا وليدة السنوات الأخيرة، بل سبقتها تحركات أخرى منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي، وإن كانت على استحياء، قبل أن تتحول إلى شكل أكثر جدية بوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، وبعدها بثلاث سنوات شهدت التوجهات طفرة حينما أقرت أنقرة عام 2005 عاماً لأفريقيا.

وقام رئيس الوزراء، آنذاك، رجب طيب أردوغان بزيارة كل من إثيوبيا وجنوب أفريقيا، ليكون بذلك أول رئيس وزراء تركي يزور دولة جنوب خط الاستواء.

وفي العام نفسه حصلت تركيا على عضوية بصفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، وفي أثناء القمة الأفريقية بأديس أبابا عام 2008 تم إعلان اعتبار تركيا شريكاً استراتيجياً لأفريقيا، التي استضافت في العام نفسه مؤتمر التعاون التركي الأفريقي، بمشاركة ممثلين عن 50 دولة أفريقية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية التركية.

وفي السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ الوصول إلى الرئاسة قبل أكثر من 3 سنوات، قام الرئيس أردوغان بـ22 زيارة إلى دول بالقارة الأفريقية.

وأبرمت أنقرة خلال زيارات أردوغان للقارة الأفريقية العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية المهمة مع دول أفريقية، في شمال القارة وبالقرن الأفريقي وفي جنوب الصحراء، منها الصومال والجزائر والسودان وإثيوبيا وجيبوتي.

وبعد هذا الهدف العسكري تسعى تركيا أيضاً لاكتساح أسواق جديدة على غرار ما فعلته كل من الصين، و"إسرائيل"، والإمارات العربية المتحدة، واليابان، والولايات المتحدة.

ووصل حجم تجارة تركيا في أفريقيا جنوب الصحراء إلى نحو 6 مليارات دولار عام 2016، وتضاعف حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة الأفريقية أربع مرات خلال السنوات الـ15 الأخيرة، إذ بلغ العام الماضي 20.6 مليار دولار، علاوة على امتلاك أنقرة استثمارات بالقارة السمراء تزيد على 6 مليارات دولار.

ولعل أهم الدول التي نجحت تركيا في نسج علاقات سياسية واقتصادية متينة معها في القارة الأفريقية هي إثيوبيا؛ ففي عام 2000 كان حجم التبادل التجاري بين البلدين في حدود 27 مليون دولار أمريكي، ليقفز في 2005 إلى 140 مليون دولار، وفي 2012 إلى 441 مليون دولار أمريكي، ليصل لـ500 مليون دولار في 2016.

يضاف إلى ذلك أن عدد الشركات التركية في إثيوبيا الآن يزيد على 100 شركة، وهي تعد من أهم الشركاء الاستراتيجيين للبلاد، حيث تعمل في مجالات حيوية ومشاريع استراتيجية وتشغل أكثر من 64 ألف عامل، ويأتي على رأسها مشروع السكك الحديدية الذي تهدف إثيوبيا من خلاله إلى ربط البلاد بشبكة من السكك الحديدية السريعة.

كما دخلت تركيا كشريك استراتيجي لإثيوبيا في الصناعات الكهربائية، وفي المجال الزراعي وصناعة النسيج.

وفي محاولة لتجاوز أهمية ميناء "عصب" الإرتري على البحر الأحمر الخاضع لسيطرة الإمارات، عملت تركيا على تمويل الطريق الذي يربط شمال إثيوبيا بجيبوتي وهو طريق (تاجورة- مقلي)، حيث تتولي أنقرة تمويل الجزء الذي يقع داخل الأراضي الإثيوبية، في حين تمول الهند الجزء الذي يقع داخل الأراضي الجيبوتية.

وبتمويل هذا الطريق تكون تركيا قد مكنت أديس أبابا من تجاوز أهمية ميناء "عصب" لها، فالطريق سيوجد اتصالاً مباشراً لواردات إثيوبيا وصادرتها من أقاليمها الشمالية عبر منفذ جيبوتي، بدلاً من الميناء الإرتري، الذي سوف تتضاءل أهميته الاستراتيجية بالتأكيد.

وضمن محاولاتها المتواصلة لتعزيز نفوذها بالقارة السمراء لا تتوانى تركيا عن إرسال البعثات الإنسانية والصحية إلى القارة، وكذلك المنح الدراسية للجامعات التركية التي تستقطب عدداً كبيراً من الطلبة الأفارقة.

وتمكنت تركيا من تحقيق انتصارات متلاحقة في القارة الأفريقية؛ فأعلن أردوغان خلال زيارته الخرطوم في ديسمبر 2017، موافقة السودان على وضع جزيرة "سواكن" المطلة على البحر الأحمر تحت الإدارة التركية لفترة غير محددة، بغرض إعادة بنائها وتنميتها سياحياً واقتصادياً.

وأثار هذا الإعلان غضباً مصرياً وإماراتياً، فالجزيرة ذات موقع استراتيجي ترى فيه الأولى تهديداً لأمنها القومي، ويحد من نفوذ الأخيرة في البحر الأحمر، فهي تقع على الساحل الغربي للبحر، وهي واحدة من أقدم الموانئ في إفريقيا، واستخدمها الحجاج الأفارقة قديماً لأجل الحج إلى مكة، كما استفاد العثمانيون بدورهم من موقعها الاستراتيجي.

ويوجد في الجزيرة ميناء يعد الأقدم بالسودان، وكان يستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية.

وفي السنغال، حصلت الشركة التركية القابضة "سوما أند ليماك هولدينغ" على حق الإشراف على المطار السنغالي الدولي الجديد (بليز دياغني) لمدة تصل إلى 25 عاماً.

كما حصلت تركيا عبر شركة "البيرق" على حق إدارة ميناء مقديشو، بعد أن منحتها الحكومة الصومالية الاتحادية حق تشغيل الميناء عشرين عاماً في سبتمبر 2014، على أن تعطي 55% من عائداته السنوية لخزانة الحكومة الصومالية.

- النفوذ الإماراتي

في المقابل، فإن الإمارات وسعت نفوذها في أفريقيا وخاصة منطقة القرن الأفريقي في محاولة منها للسيطرة على مضيق "باب المندب"، وإحكام قبضتها على ساحل البحر الأحمر لإضعاف أي وجود تركي أو قطري هناك.

ومن أهم الموانئ التي تسيطر عليها الإمارات في البحر الأحمر ميناء عدن اليمني؛ لما له من أهمية استراتيجية، فهو أكبر ميناء بالمنطقة، وتم تصنيفه في الخمسينيات من القرن الماضي على أنه ثاني أكبر ميناء عالمياً بعد "نيويورك" الأمريكي في تزويد السفن بالوقود.

كما أن ميناء عدن يربط ملاحياً بين الشرق والغرب، ويتميز بحماية طبيعية من الأمواج والرياح الموسمية من الاتجاهات الأربعة، فهو يقع بين جبلي "شمسان" و"المزلقم"، ما يمكّنه من العمل دون توقف طوال العام.

ونجحت أبوظبي في السيطرة على الميناء في العام 2008، عندما صادق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح على منح شركة "موانئ دبي" العالمية حق إدارة ميناء عدن لمدة 100 عام.

لكن الحلم الإماراتي كاد ينتهي بعد رحيل صالح عن السلطة في العام 2011، فقد قررت الحكومة اليمنية الجديدة، آنذاك، إلغاء الاتفاقية.

وقالت الحكومة الجديدة (يرأسها الآن أحمد بن دغر) إن الاتفاقية "مجحفة بحق اليمن ولا تراعي المصالح الاقتصادية للبلاد، علاوة على أنها تضمن تفوق الموانئ الإماراتية على حساب الميناء اليمني".

ولم يمض كثير من الوقت حتى عادت الإمارات تحت غطاء "التحالف العربي" ودعم الشرعية ومحاربة مسلحي "الحوثي"، لتسيطر على ميناءي عدن والمخا جنوبي اليمن، وأرخبيل "سقطرى" الذي حولته لقاعدة عسكرية تضم 5 آلاف جندي.

وفي خضم الحرب المستمرة في اليمن منذ 3 أعوام تقريباً، تسعى الإمارات حالياً للسيطرة على ميناء الحديدة الذي ما زال خاضعاً للسيطرة الحوثية.

ليست موانئ اليمن وحدها ما طالتها السيطرة الإماراتية، فبموجب اتفاق مع إرتريا حصلت شركة "موانئ دبي" على حق استخدام ميناء ومطار "عصب" المطل على ساحل البحر الأحمر لمدة 30 عاماً، وأنشأت فيه قاعدة عسكرية.

وينص الاتفاق على أن تدفع مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي مقابلاً سنوياً للسلطات الإرترية، إضافة إلى 30% من دخل الموانئ بعد تشغيلها.

ومع الميناء حصلت الإمارات على المطار الذي يحتوي على مدرج بطول 3500 متر، يمكن لطائرات النقل الكبيرة استخدامه في الإقلاع والهبوط.

وفي مصر أيضاً تملك دولة الإمارات نفوذاً على البحر الأحمر، ففي سبتمبر من العام 2017 وقع الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، وسلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لموانئ دبي العالمية، عقد شراكة لإنشاء شركة تنمية رئيسية لتطوير وتنمية منطقة ميناء "العين السخنة".

كما تسلمت "موانئ دبي" في مايو الماضي، إدارة ميناء "بربرة" على البحر الأحمر بموجب اتفاق مع جمهورية أرض الصومال (ألغته مقديشو مؤخراً وقدمت شكوى للأمم المتحدة).

ويقع ميناء بربرة على ممر بحري هو الأكثر استخداماً عالمياً، ويربط بين قناة السويس والمحيط الهندي، وهو قريب من إثيوبيا التي لا تحظى بأي منفذ بحري.

وأرض الصومال هي جزء من دولة الصومال تقع في الشمال، وفي عام 1991 أعلنت انفصالها عن الصومال معلنة حكماً ذاتياً من جانب واحد، وتحاول إلى اليوم انتزاع اعتراف دولي بها، دون أن تنجح في ذلك.

ولا تهدف دولة الإمارات من السيطرة على كل هذه الموانئ إلى توسيع نفوذها فحسب، بل أيضاً المحافظة على تفوق ميناء "جبل علي" في دبي، وإبقاء الأخيرة مركزاً إقليمياً وعالمياً للتجارة والسفر ونقل البضائع، عبر السيطرة على الموانئ المنافسة بالقرن الأفريقي لسنوات طويلة، حتى لا تؤثر على مكانة دبي التجارية.

ولا يقتصر الدور الإماراتي في أفريقيا على منطقة القرن الأفريقي، فهي تمتلك 45 مشروعاً استثمارياً ضخماً في أنحاء أفريقيا، تبلغ قيمتها نحو 6.8 مليارات دولار.

كما أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات ودول أفريقيا يصل إلى 38 مليار دولار سنوياً، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية.

ثانياً: ضربات داخلية

لا يتوقف الصراع التركي الإماراتي على مناطق النفوذ والمكانة الإقليمية والدولية، فخلال السنوات الثلاث الماضية بدأ الصراع يأخذ منحى مختلفاً، حيث نقلت أبوظبي جزءاً من تلك الحرب للساحة التركية الداخلية.

وحول ذلك يقول المختص الاقتصادي، أحمد مصبح: إنه "على الرغم من حجم العلاقات الاقتصادية على الصعيدين الاستثماري والتجاري بين الطرفين، فإن التوترات السياسية بين الطرفين ارتفعت وتيرتها بصورة ملحوظة".

وأشار مصبح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا وصل لقرابة 6 مليارات دولار، وهو الأكبر بين الدول العربية والشرق الأوسطية، إضافة إلى أن حجم التبادل التجاري السنوى بين البلدين يفوق الـ10 مليارات دولار.

وأضاف: "هذه الاستثمارات لم تمنع الإمارات من التدخل في شؤون تركيا، وقد تحدث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في يونيو الماضي، عن دور لأبوظبي في تدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في بلاده، عبر دفعها 3 مليارات دولار لجماعة فتح الله غولن".

كما حاولت الإمارات، والكلام لمصبح، التأثير على الاقتصاد التركي وسمعة أردوغان من خلال الضغظ على رجل الأعمال التركي رضا ضراب، أثناء اعتقاله في دبي عام 2015، ليتهم الرئيس التركي بالتورط في التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.

وهذا الاتهام يعني فرض غرامات أمريكية على المصارف التركية وتشديد القيود على الحوالات المالية، الأمر الذي ينعكس سلباً على تصنيف القطاع المصرفي التركي، ومن ثم التأثير المباشر على معدلات النمو.

وفي نوفمبر الماضي اتهم ضراب، المعتقل حالياً في الولايات المتحدة، أمام محكمة في نيويورك، الرئيس التركي بالتورط في التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.

وألمح إلى أن أردوغان كان يعلم بعلاقاته مع "خلق بنك" الحكومي التركي، لمساعدة طهران على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، عبر خطط معقدة لتبييض العائدات الناجمة عن مبيعات النفط والغاز الإيرانية.

وقال ضراب إنه في "أكتوبر 2012، أعطى رئيس الوزراء (آنذاك) أردوغان تعليمات لمصارف عامة تركية أخرى، مثل بنكَي "زراعات" و"وقف"، لتشارك في هذه الخطة".

ولم تتوقف محاولات الإمارات لزعزعة الاقتصاد التركي والتأثير على الحكومة التركية بكل الوسائل المتاحة أمامها، وكانت آخر فصول هذه المحاولات توجه بنك "الإمارات دبي الوطني" إلى شراء بنك "دنيز" التركي.

ويجري البنك الإماراتي حالياً محادثات أولية لشراء بنك "دنيز" من بنك "سبير" الروسي (المالك لحصة بمصرف دنيز متوقع أن تصل قيمتها لـ5.3 مليارات دولار).

ووفق ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر خاصة، فإن الصفقة الإماراتية تواجه معارضة من الرئيس التركي.

وعلى الرغم من عدم السيطرة المباشرة للرئيس على البنوك فإنه يملك صلاحيات عرقلة الاتفاق، من خلال توصيته للهئية المشرفة على القطاع المصرفي بأن لا تسمح بها.

وحول ذلك، قال المختص الاقتصادي مصبح: إن "مقاومة الرئيس التركي للصفقة تأتي في ظل احتدام الخلافات بينه وبين البنك المركزي في البلاد في وجهات النظر حول السياسات النقدية المتعلقة بأسعار الفائدة، وبينه وبين اللوبي المالي المناوئ لسياساته الاقتصادية، والذي تلعب بعض البنوك أدواراً أساسية فيه".

وأضاف: "الإمارات تحاول من خلال شرائها لبنك (دينز) إيجاد مكان لها في هذا اللوبي للضغظ على الحكومة التركية، الأمر الذي يفسر مقاومة أردوغان لتلك الصفقة".

وكانت الحرب الباردة بين الإمارات وتركيا قد أخذت بعداً إعلامياً كبيراً في الفترة الأخيرة؛ فقد هاجم أردوغان أبوظبي وسياستها في أكثر من مناسبة؛ ما يدل على أن الخلافات وصلت لمراحل متقدمة تنبئ باحتمال قطع العلاقات نهائياً بين الطرفين.

ومنتصف العام الماضي، هاجم أردوغان الإمارات عندما هددت بسحب استثمارتها من تركيا، قائلاً: "بعض المساكين يهددون تركيا بقطع الاستثمارات والمال، هل تركيا تطورت بأموالكم؟ نحن لن نسكت أمام الظلم أبداً".

وأضاف ساخراً: "دول صغيرة تتجرأ لتهدد تركيا بسحب استثمارتها.. اقتصاد تركيا لا يقف على دراهمهم لأنه ليس اقتصاداً بدائياً أو نفطياً".

وفي حادثة أخرى، شن أردوغان هجوماً حاداً على وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد؛ وذلك لإعادته نشر تغريدة على حسابه في "تويتر" تسيء للقائد العثماني، فخر الدين باشا، الذي كان مسؤولاً عن حماية المدينة المنورة في بداية القرن الماضي.

وتساءل أردوغان في تصريحات له، في ديسمبر 2017، "حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟".

وأضاف مخاطباً بن زايد، دون أن يذكر اسمه: "عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب (التركي)، ولم تعرف أردوغان أيضاً، أما أجداد أردوغان فلم تعرفهم أبداً".

وتابع: "نحن نعلم مع من يتعامل هؤلاء الذين يتطاولون على تاريخنا وعلى شخص فخر الدين باشا، وسنكشف ذلك في الوقت المناسب".