السلطة » خلافات سياسية

الخلافات السياسية بين السعودية وروسيا تهدد انتعاش أسعار النفط

في 2018/04/19

معهد الشرق الأوسط-

قال ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، للصحفيين في نيويورك الأسبوع الماضي، إن المملكة تبحث توسيع اتفاقها الخاص بتخفيض إنتاج النفط مع روسيا، لمدة تتراوح بين 10 و20 عاما.

ولم يتناول «ديمتري بيسكوف»، السكرتير الصحفي للرئيس «فلاديمير بوتين»، ذلك الاتفاق تحديدا عندما سئل عن العلاقات بين روسيا والمملكة العربية السعودية، في أعقاب تصريح ولي العهد، لكنه قال إن البلدين سيواصلان العمل معا بشأن مسائل الطاقة. وتعاونت المملكة وروسيا منذ أواخر عام 2016 للحد من الإنتاج العالمي ورفع سعر النفط، معقل اقتصادات كل منهما.

ويعد ذكر ولي العهد لعلاقات النفط السعودية الروسية خلال زيارته التي استغرقت أسبوعين للولايات المتحدة، حليف المملكة، تجسيدا لسياسة خارجية جديدة تتمثل في التحوط من الرهانات مع اللاعبين العالميين والإقليميين، بدلا من البقاء في معسكر واحد.

علاقات متنامية

وحتى الآن، تعززت العلاقات السعودية الروسية المتنامية انطلاقا من حاجة المملكة للحفاظ على ارتفاع أسعار النفط العالمية. لكن هذه التصريحات الأخيرة تشير إلى أن علاقاتهما قد تتوسع. ويجب أن يكون هذا مقلقا بالنسبة للولايات المتحدة.

وقد وقعت روسيا والسعودية عقدا بقيمة 3 مليارات دولار من عقود الطاقة بعد زيارة الملك «سلمان» لروسيا العام الماضي، بحسب وزير الطاقة الروسي «ألكسندر نوفاك». وكانت هذه هي أول زيارة رسمية يقوم بها ملك سعودي لروسيا. وشملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بشأن بناء مصنع بتروكيماويات في المملكة بقيمة 1.1 مليار دولار، من قبل شركة «سيبور» الروسية، وإنشاء صندوق استثماري مشترك بتكلفة مليار دولار لتطوير الطاقة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى اتفاق بين شركة النفط الوطنية المملوكة للمملكة وشركة «غازبروم» الروسية على تشارك تكنولوجيا الحفر.

كما تسعى روسيا إلى إبرام اتفاقية طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى المملكة. وكان «خالد الفالح»، وزير الطاقة في المملكة، واحدا من كبار الشخصيات الذين حضروا احتفالا يوم 8 ديسمبر/كانون الأول عام 2017، بمناسبة أول تحميل على متن السفن للغاز المسال من مشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال في روسيا في القطب الشمالي.

وكانت رسالة «بوتين» إلى السعوديين واضحة: «اشتروا غازنا وستوفروا النفط».

وفي هذه القضية، تكون مصالح البلدين متكاملة. وتريد المملكة أن تقلل اعتماد قطاع الطاقة المحلي على النفط الخام، بينما تبحث روسيا عن أسواق للغاز الطبيعي المسال.

التعاون الهش

وجاء ذكر «بن سلمان» لصفقة طويلة الأجل بين روسيا والسعودية فيما تواصل الولايات المتحدة النظر في إلغاء الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران. وجاء تعيين إدارة «ترامب» مؤخرا للصقور المعادين لإيران «مايك بومبيو» و«جون بولتون» في المراكز العليا للسلك الدبلوماسي والأمن الوطني كأحدث إشارة إلى أنه يمكن التخلي عن الاتفاق.

وفي هذه الأثناء، قد يؤدي تصاعد التوتر بين السعودية وإيران، اللتان تتنافسان على الدور القيادي في الشرق الأوسط، إلى ارتفاع أسعار النفط. وقد يؤدي ذلك إلى ثني روسيا عن الالتزام بتخفيضات الإنتاج على المدى الطويل، عندما تظهر المسألة مرة أخرى في يونيو/حزيران.

وفي الواقع، يسري شعور متنام بين بعض شركات النفط والغاز بأن روسيا يجب أن تتخلى عن الصفقة؛ حيث أنها منذ إنشائها، أدى ذلك إلى انخفاض إنتاج النفط الروسي بنسبة 0.8%. ودعا رئيس «لوك أويل»، أكبر شركة نفط خاصة في روسيا، الحكومة إلى الانسحاب من الصفقة، إذا بقيت الأسعار عند 70 دولار للبرميل لمدة 6 أشهر.

وقد يؤدي إلغاء الاتفاق النووي الإيراني في مايو/أيار قبل اجتماع أوبك في يونيو/حزيران لتمديد صفقة «أوبك» الحالية مع منتجي النفط من خارج أوبك، إلى ثني إيران عن تمديد صفقة خفض الإنتاج التي تقودها السعودية وروسيا. ولقد حققت إيران بالفعل معدلات الإنتاج ما قبل فرض العقوبات، وهي مهتمة بقوة بزيادة صادراتها النفطية.

وذكرت التقارير أن روسيا لعبت دورا محوريا في إقناع إيران بالانضمام إلى الصفقة. وبالتالي، فمن مصلحة المملكة ترسيخ اتفاقية طويلة الأجل مع روسيا في أقرب وقت ممكن، من أجل ضمان دعم موسكو لصفقة خفض الإنتاج في يونيو/حزيران.

ويعتبر التعاون الحالي بين الرياض وموسكو حديث عهد وهش. وعلى الرغم من ظهور القليل من التفاصيل الخاصة باقتراح خفض الإنتاج على المدى الطويل، فإن الهدف واضح، وهو الحفاظ على أسعار النفط في المستقبل المنظور.

وتحاول المملكة تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. لكن نجاح برنامج ولي العهد «رؤية 2030» سيعتمد على عائدات صادرات النفط الخام المتبقية.

والسؤال الرئيسي هو ما إذا كان بإمكان الرياض وموسكو الحفاظ على تعاونهما في مجال الطاقة بينما يضعان خلافاتهما حول النزاع السوري وعلاقات روسيا المزدهرة مع إيران جانبا.

وعلى الرغم من أن دول الخليج، خاصة السعودية وقطر، ستبقى من بين أكبر مصدري الطاقة في العالم على مدى عقود، إلا أن الولايات المتحدة أصبحت أقل اعتمادا بكثير على واردات النفط وأقل اعتمادا على نفط الشرق الأوسط. لكن الطبيعة العالمية لأسواق الطاقة تعرض الاقتصاد الأمريكي لتقلبات أسعار النفط والغاز.

ويجب على واشنطن منع روسيا من التفوق عليها إذا أرادت زيادة نفوذها على سياسة الطاقة العالمية، وبالتالي الأسعار. ويجب على الولايات المتحدة أن تراقب عن كثب العلاقات بين أهم حليف لها في الخليج ومنافسها الروسي.