وكالات-
يحتدم الصراع داخل قوات المشير «خليفة حفتر» والقوى السياسية بالشرق الليبي حول من يخلف الأخير، وهو صراع تتداخل فيه قوى إقليمية ودولية أبرزها مصر وفرنسا والإمارات، التي تبحث هي الأخرى عن تنصيب شخصية تلبي مصالحها.
وحسب مراقبين، بات «حفتر» -الذي تتضارب الأنباء بشأن حالته الصحية- عنوانا لأزمة جديدة تتمثل في البحث عن بديل سريع له، بعد أن بنت الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة له مشروعها في ليبيا على إعادة إنتاج «دكتاتور» لا على بناء دولة دفع الليبيون ثمنا كبيرا لها.
وتنحصر خيارات خلافة الرجل حاليا في 4 شخصيات هي: قائد غرفة العمليات العسكرية لـ«عملية الكرامة» «عبد السلام الحاسي»، ورئيس أركان قوات «حفتر» اللواء «عبدالرازق الناظوري»، واللواء «عون الفرجاني»، وهو من أبناء عمومة «حفتر» وأحد أهم مساعديه، والرائد «خالد» نجل «حفتر» الذي يقود إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده.
لكن حظوظ «الحاسي» و«الناظوري» تتصاعد في مقابل تراجع فرص «الفرجاني» و«خالد».
أين «حفتر»؟
آخر المعلومات عن «حفتر»، هو إعلان فرنسا، خضوع الجنرال الليبي، للعلاج بأحد المستشفيات العسكرية بباريس، وفقا ما نقلت إذاعة «فرنسا الدولية»، نقلا عن وزير الخارجية الفرنسي «جان إيف لودريان».
واكتفى «لودريان»، عقب الكشف عن وجود «حفتر» بباريس، بالقول: «صحته تحسنت»، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة الحالة، أو شكل التحسن في حالته.
وحسب مصادر، تحدثت لـ«الخليج الجديد»، فإن «حفتر»، لن يعود إلى حالته الطبيعية مرة أخرى، حتى وإن تعافى من أزمته الحالية.
وقالت المصادر، إن «حفتر»، ذهب أولا للعلاج في الأردن، وعندما أدركوا فداحة حالته، نصحوه بالذهاب لفرنسا فورا.
وأشارت إلى أن «حفتر» يعاني منذ مدة من سرطان في الغدة الدرقية، وكان يتردد على الأردن للعلاج، وأصيب مؤخرا بجلطة دماغية وصعوبة في التنفس.
ولفتت المصادر إلى أن التقييم الطبي في فرنسا يشي بخطورة حالته، مضيفة أنه حتى إن غادر المستشفى، فلن يتمكن من العودة لحياته السابقة.
ووفقا لمراقبين، فإن الإعلان الفرنسي، عن علاج «حفتر» بإحدى مستشفياتها العسكرية، يعد خطوة تعني أن باريس لم تعد قادرة على تجاهل الموقف.
وأضاف هؤلاء المراقبون أن هذا مؤشر على أنه لا تعافي قريبا متوقع في حالته الصحية.
وسبق أن كشفت مصادر ليبية مطلعة أن أجهزة مخابرات دولية أبلغت مصادر مسؤولة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني -عبر وسطاء- أن «حفتر» في حالة صحية حرجة لن تسمح له بالعودة لمنصبه من جديد.
وخلال الأيام الماضية، فرضت السلطات الفرنسية ستارا من الغموض حول مصير «حفتر».
ورجحت تقارير غربية وفاة «حفتر» (75 عاما)، فيما أفادت مصادر لـ«الخليج الجديد» بأن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» أصدر تعليمات بالتكتم على الحالة الصحية للرجل مؤقتا.
وجاءت خطوة «ماكرون» بتأجيل الإعلان عن حالة «حفتر» بطلب من أطراف إقليمية عربية، داعمة للرجل؛ حتى يتم ترتيب أمر من يخلفه في قيادة قوات الشرق الليبي.
أربعة مرشحين
ويبقى السؤال الأبرز في ظل الحديث عن استحالة عودة «حفتر»، عمن سيخلفه، وسط تداخل كبير لأطراف داخلية وخارجية في الاختيار، على رأسهم المخابرات الفرنسية، وخلية الأزمة الإماراتية المصرية، بقيادة مستشار الأمن الوطني الإماراتي «طحنون بن زايد آل نهيان»، ورئيس اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا اللواء «محمد الكشكي».
وحسب مصادر مطلعة، فإن أبرز المرشحين لخلافة «حفتر»، أربعة، هم اللواء «عبد السلام الحاسي» الذي يشغل منصب قائد غرفة العمليات العسكرية لـ«عملية الكرامة»، ورئيس أركان قوات «حفتر» «عبدالرازق الناظوري»، وهما المرشحان المفضلان للأطراف الثلاثة.
كما كان هناك مرشحان آخران، تراجع حظوظهما بشكل كبير، هما اللواء «عون الفرجاني»، وهو من أبناء عمومة «حفتر» وأحد أهم مساعديه، إلا أنه يواجه أزمة كونه من قبيلة في الغرب الليبي، وبالتالي ليس له شعبية في الشرق الذي يسيطر عليها جيش «حفتر»، وقد يواجه أزمة مع القبائل.
أما الرائد «خالد»، نجل «حفتر»، الذي يقود الكتيبة (106) إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده، فتراجعت حظوظه أيضا.
فرغم أنه يتمتع بقبول داخل القوات المسلحة، وبعلاقات قبلية جيدة، إلا أن عنصري السن والأقدمية، ليسا في صالحه، في ظل وجود قادة قد يرفضون اختياره، حسب المصادر المطلعة.
«الناظوري» و«الحاسي»
وبالعودة إلى المرشحين الأبرز «الناظوري» و«الحاسي»، يبدو أن صراعا بدا بينهما للظفر بالمنصب، وقد تكون محاولة اغتيال الأول، الأربعاء، جزءا من ذلك الصراع.
إذ تعرض موكب «الناظوري» لاستهداف بواسطة سيارة مفخخة بضاحية سيدي خليفة في مدينة بنغازي (شمال شرق)، لكن الرجل لم يصب بأذى.
وتعليقا على محاولة الاغتيال تلك، قال المستشار السياسي السابق لـ«حفتر»، السياسي الليبي «محمد بويصير»: «أولاد حفتر لا يريدون الناظوري، ويدعمون ترشيح الحاسي»، حسب صحيفة «العربي الجديد».
«الناظوري» خيار غير مقبول أيضا من قبل مصر والإمارات.
وحسب مصادر مطلعة، فإن الرجل لا يحظى بدعم كبير داخل المعسكر المصري الإماراتي؛ لكونه يفتقد للكاريزما والعلاقات مع القبائل والعشائر الليبية.
وأمام ذلك، باتت لجنة الأزمة الإماراتية المصرية (التي تشكلت لاختيار خليفة لحفتر)، مجبرة على اختيار سريع لـ«الحاسي».
إلا أن هذا الرأي، يواجه صداما مع «عقيلة صالح»، الذي يعد القائد الأعلى للقوات بصفته رئيس مجلس نواب طبرق؛ كونه يرى «الناظوري» الأفضل لخلافة «حفتر».
وحسب المصادر المطلعة، فإن اجتماع مرتقب للجنة الأزمة الإماراتية المصرية مع «صالح»، لإقرار الرأي النهائي.
ويؤكد حديث المصادر، ما تم تداوله في وسائل إعلام ليبية وعربية، عن وصول «صالح» إلى الإمارات، قبل أن يتم نفي هذا الأمر.
وأشارت المصادر إلى أنه لا يوجد أي تفاؤل مصري بالأجواء الحاصلة أو الأشخاص المرشحة.
وبينت أن القيادة المصرية مجبرة على الاختيار من بين الوجوه المطروحة على الساحة، ومرض «حفتر» لم يكن في حسبان صانع القرار المصري والإماراتي.
ووفق مراقبين، فإن الأطراف الداعمة لـ«حفتر» تخشى أن تقود وفاة الرجل إلى انشقاقات في جبهة الشرق الليبي؛ نظرا لكون الأخير كان يملك كل الخيوط في يده، حيث خلق نفوذه بشكل شخصي عبر توافقات مع قبائل الشرق.
ومن ثم، فإن تلك الانشقاقات قد تضعف جبهة الشرق، وتعزز بالمقابل جبهة الغرب الليبي، بقيادة حكومة الوفاق، المدعومة أمميا، حسب المراقبين.
كانت الإمارات ومصر تدعمان «حفتر» ماليا وعسكريا، في إطار سعيها للقضاء على أي نفوذ لإخوان ليبيا، في موقف يصب ضمن توجهها العام المعادي لكل جماعات الإسلام السياسي، وللقوى التي قادت ثورات الربيع العربي في 2011.
ويتهم «حفتر» بأن له علاقات قوية ببعض الدوائر السياسية والاستخباراتية الغربية، خاصة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).
وانضم الرجل لثورة 14 فبراير/شباط 2011، التي أطاحت بنظام العقيد «معمر القذافي»، لكنه تمرد على المؤسسات التي انبثقت عن هذه الثورة عام 2014، وحاول تنفيذ انقلاب عسكري ضد المؤتمر الوطني العام.