السلطة » خلافات سياسية

اختفاء "نواف الرشيد" يعيد الجدل حول تصفية "آل سعود" لعائلته

في 2018/05/15

الخليج أزنلاين-

أثار اختفاء، أو اختطاف، المواطن القطري - السعودي نواف طلال الرشيد، الأحد (13 مايو 2018)، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، مع تداول أنباء عن تسلم السلطات السعودية، الرشيد، الذي تعتبره معارضاً لحكم عائلة "آل سعود".

ونواف الرشيد، شاب سعودي يحمل الجنسية القطرية، وهو ابن الشاعر الشهير طلال الرشيد، الذي قتل في ظروف غامضة بالجزائر أواخر العام 2003، أثناء مشاركته في رحلة صيد قرب جبل بوكحيل في ولاية الجلفة، وأفصح عنها المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، العام الماضي، بعد اندلاع أزمة حصار قطر.

واشتهر للرشيد الوالد قصيدة "يا صغيّر" الهجائية، التي ألقاها في مقابله أجرتها معه فضائية "MBC"، بعدما تراجعت مذيعة البرنامج عن وصفه بـ"الأمير" في بداية الحلقة، نزولاً عند رغبة مالك المحطة، الشيخ محمد آل إبراهيم، الذي اتصل بها في الفاصل وطالبها بوصفه فقط بـ"الأستاذ، والشيخ الشاعر".

وكان نواف صغير السن حين اغتيل والده، وانتقل للعيش في قطر ومُنح الجنسية القطرية. وبعيد الأزمة الخليجية، تقول وسائل إعلام خليجية إنه كان يحظى بـ"حراسة مُشددة" خشية اغتياله مثل والده، الذي لا تزال ظروف اغتياله تثير جدلاً بين العائلتين؛ آل سعود وآل الرشيد.

- استمرار لتداعيات الحصار

الرشيد يعد ثاني مواطن قطري يجري اعتقاله خلال أقل من شهر، إذ احتجزت قوات "التحالف العربي" بقيادة السعودية، المواطن القطري محسن صالح سعدون الكربي، في المنفذ الحدودي الواقع بين اليمن وسلطنة عُمان، بتاريخ 21 أبريل الماضي، في أثناء توجهه لزيارة أقاربه في اليمن.

لم تراعِ سلطات المملكة أن الكربي يبلغ من العمر 63 عاماً، ويعاني بعض المشاكل الصحية المزمنة التي تتطلب الرعاية الصحية المستمرة؛ بل إن جيوشها الإلكترونية تروج على وسائل التواصل الاجتماعي أن الشخص "مُخبر".

قصة الكربي والرشيد هي غيض من فيض تداعيات الأزمة الخليجية التي قضت على آمال وحدة شعوب مجلس التعاون، التي لطالما حلموا بها ودعوا لتطبيقها.

حيث تؤكد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر أنها تلقت 2451 شكوى حقوقية وإنسانية من جراء سياسات دول الحصار في يونيو 2017.

- مغردون.. أين اختفى الرشيد؟

عبر موقع "تويتر"، تداول ناشطون من عائلة الرشيد، وقبيلة شمر، اللتين تقطنان حائل شمالي الرياض، أنباء اختفاء الشاعر السعودي، إذ اختلفت الروايات فيما بينهم حول حقيقة الاختطاف.

وقال مغردون إن نواف الرشيد كان في زيارة إلى الكويت، واختُطفت طائرته من قبل السلطات السعودية خلال توجهها إلى الدوحة، بينما طالبت لجنة حقوق الإنسان القطرية السلطات السعودية بالإفصاح عن مصير الرشيد، إذ تسعى الرياض إلى اعتقاله منذ سنوات.

في حين أشارت صحيفة "الراي" الكويتية إلى أن الحكومة الكويتية سلمت السعودية نواف الرشيد، بحكم أنه مطلوب، وتنفيذاً للاتفاقيات الأمنية بين الطرفين.

وأعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، الأحد (13 مايو 2018)، أن السلطات السعودية اعتقلت الرشيد دون توجيه أي تهم له، وطالبت المنظمات الدولية بالتدخل لإطلاق سراحه.

ونفى ناشطون من آل رشيد أن يكون لنواف بن طلال أي نشاط سياسي مخالف لتوجهات الحكومة السعودية، قائلين إن تردده على قطر يأتي بحكم مواطنته فيها، وزيارة أخواله من عائلة النعيمي.

وقال الأكاديمي السعودي المعارض عبد الله الشمري، إن الاتصال انقطع بمرافقي الرشيد. ولم يصدر عن السلطات السعودية، أو عائلة آل رشيد، أي توضيح رسمي حول أسباب توقيف نواف الرشيد.

وكان الرشيد زار الكويت بدعوة من الشاعر عبد الكريم الجباري، وكان في استقباله المئات من المواطنين الكويتيين.

فيما غرد الجباري لاحقاً بأن الرشيد لم يصل (لم يحدد وجهة وصوله إلى أين)، وأن وزارة الداخلية وحركة الطيران لم تتعاون معهم للكشف عن مصيره.

- عائلة الرشيد والصراع مع آل سعود

ولد الأمير طلال بن عبد العزيز بن سعود الرشيد، الذي ينتمي لقبيلة شمر، في مدينة الموصل العراقية عام 1962، وهو شاعر وكاتب ينتمي إلى بيت الإمارة في قبيلته، أسرة آل رشيد حكام إمارة نجد وعاصمتها منطقة حائل سابقاً.

ويعتبر الرشيد من مُجيِدي الشعر الشعبي على مستوى الجزيرة العربية، اتخذ لنفسه لقب "الملتاع"، وأسس مجلة فواصل في 1994، وأسس مجلة البواسل، لكنه اغتيل في 28 نوفمبر عام 2003، عندما كان في رحلة صيد قرب جبل بوكحيل بولاية الجلفة في الجزائر.

أعاد اختفاء الشاعر نواف الرشيد إلى الأذهان ظروف اغتيال والده طلال الرشيد، التي لا تزال غامضة، فبين اتهامات شبه رسمية لـ"جماعات إرهابية" بعملية الاغتيال، تشير العديد من الروايات والاتهامات حول تورط أمراء من آل سعود بالوقوف خلف الحادثة، كما أفصح عن ذلك سعود القحطاني، المستشار في الديوان الملكي السعودي في تغريدة عبر "تويتر" أزالها لاحقاً.

ولا يزال الراحل طلال الرشيد وأسرته يحظون بشعبية كبيرة في السعودية وعموم دول الخليج والعراق، من خلال إحيائه أمسيات شعرية، ومشاركته فنانين معروفين بكتابة كلمات أغانيهم، وعلى رأسهم: محمد عبده، وكاظم الساهر، وعبادي الجوهر، وأحلام.. وغيرهم.

- إمارة نجد وحائل

وتشير كتب التأريخ إلى أن عائلة آل رشيد حكمت نجد وحائل، ومناطق مختلفة من الجزيرة العربية في القرنين الماضيين، وكانت إلى جانب الدولة العثمانية بحكم ترابط قبيلة شمر مع دول الجوار مثل العراق والكويت وبلدان أخرى، قبل هزيمتهم من قبل الملك عبد العزيز آل سعود، الذي منحهم فيما بعد مزايا الأمراء من آل سعود، إلا أن تلك المزايا توقفت تدريجياً خلال السنوات الماضية.

ووفق الروايات التاريخية فإن عائلة الرشيد وقفت إلى جانب السلطنة العثمانية منذ أواسط القرن الثامن عشر الميلادي، مقابل وقوف عائلة آل سعود إلى جانب القوات البريطانية، حتى مشاركتها بإسقاط الحكم العثماني عام 1921، أثناء الحرب العالمية الأولى.

وخاضت العائلة مواجهات مع أسرة آل سعود، وراحت تتمدد قبل قبولها الانضمام إلى مملكة آل سعود في 1921، على أن يتولى إدارة منطقة حائل شخص من آل الرشيد.

وبعد سلب امتيازات عائلة الرشيد من قبل عائلة آل سعود تدريجياً، بدأت تصفية أفراد هذه السلالة في ظروف غامضة، لكن الشكوك لا تزال تحوم حول أمراء من العائلة الحاكمة حالياً، لكون العائلتين خاضتا تاريخاً من الصراع، يمتد منذ 1781 ولحد الآن.