السلطة » خلافات سياسية

بعد السعودية.. القدس تفضح دور الإمارات وتقاطع أموالها وإفطاراتها

في 2018/05/23

الخليج أونلاين-

رغم أنهم في أَمَسِّ الحاجة للدعم المالي لتعزيز صمودهم وتحدّيهم لصدّ المخطّطات الإسرائيلية والغربية التي تستهدف مدينتهم لتغيير واقعها وسرقة مكانتها المرموقة، فإن أهل القدس يقاتلون على جبهة أخرى ويواجهون بكل قوة التدخّل العربي "المشبوه" في المدينة الذي يجري تحت غطاء "المساعدات".

فبعد كشف فضيحة السعودية ودورها في شراء ذمم المقدسيّين لقبول "صفقة القرن" الأمريكية، بحسب ما صرّح به الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتلّ عام 48، في حوار سابق لـ "الخليج أونلاين"، بدا دور الإمارات يظهر تدريجياً وتتكشّف مخطّطاتها في المدينة المقدسة.

الإمارات طالما كانت توجَّه نحوَها سهام الاتهامات من قلب مدينة القدس بالتحالف مع تل أبيب؛ في شراء منازل وعقارات قريبة من المسجد الأقصى وبيعها للاحتلال من خلال سماسرة وعبر شركات إسرائيلية وأمريكية موجودة على أراضيها.

- على خُطا الرياض

وبعد الهجوم المركّز عليها وحملات الغضب الفلسطيني على الدور "المشبوه" الذي تؤدّيه في القدس، حاولت الإمارات إسكات الأصوات الغاضبة من خلال تبييض صفحتها بتقديم الأموال ووجبات الإفطار للصائمين بالقدس والمسجد الأقصى، إلا أنها تلقّت رداً لم تتوقّعه من أهل المدينة.

المقدسيّون اتّحدوا جميعاً برفض كافة الوجبات الغذائية التي تقدّمها الإمارات لإفطار الصائمين، بل وأكثر من ذلك؛ إذ أُطلق وسم (هاشتاغ) تصدَّر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "#مش_جعانين"، وحظي بتفاعل كبير للتعبير عن رفضهم للدور الإماراتي بالقدس في ظل سعيها للتطبيع والمساعدة بتصفية القضية الفلسطينية.

ويقول خالد أبو لبن، الناشط المقدسي وأحد القائمين على حملة "#مش_جعانين": إن "أهل مدينة القدس بأكملها يعلمون ماذا تريد الإمارات من هذه الأموال والوجبات الغذائية التي تقدّمها لهم في شهر رمضان وغيره من أيام السنة".

ويضيف أبو لبن في تصريح لـ "الخليج أونلاين": "الإمارات تؤدّي دوراً مشبوهاً وخطيراً في القدس، مثل السعودية، وهدف الدولتين واضح؛ هو تمرير صفقة القرن الأمريكية وشراء ذمم المقدسيين بالأموال للقبول بالصفقة رغم مخاطرها على المدينة والتي تستهدف وجودها ومكانتها الكبيرة والمرموقة".

ويشير إلى أن الدور السعودي قد كُشف للجميع سابقاً، ولكن الدور الإماراتي لم يكن ظاهراً حتى الشهور الأخيرة؛ حين تم الكشف عن دورها في شراء عقارات قريبة جداً من المسجد الأقصى المبارك عبر جمعيات وشركات خاصة تابعة لها وبيعها لدولة الاحتلال، وسعيها المحموم لفتح باب التطبيع عبر اللقاءات السياسية والاقتصادية وتنظيم الأنشطة الرياضية.

ويؤكّد الناشط المقدسي أن الإمارات تسعى للتطبيع الكامل مع "إسرائيل" عبر بوابة القدس، وتجاوزت كافة الدول العربية في ذلك، والخطوات التي تقوم بها في المدينة المقدّسة "مشبوهة" وخطيرة وهدفها مساعدة الاحتلال في السيطرة على المدينة وتنفيذ مخطّطاته العنصرية والتهويديّة.

وبموازاة مع العلاقات السياسية التي شهدت تطوّراً كبيراً في الفترة الأخيرة، احتفت "إسرائيل" بمشاركة الإمارات والبحرين في سباق دولي للدراجات الهوائية، والذي انطلق لأول مرة من مدينة القدس المحتلة احتفالاً بالذكرى 70 لتأسيسها، وهو ما يسميه العرب والمسلمون "نكبة فلسطين".

وهذه ليست الخطوة التطبيعية الأولى بين الإمارات و"إسرائيل"؛ إذ شهد شهر مارس المنصرم مشاركة سائقين من الدولة العبرية في "رالي أبوظبي الصحراوي" للسيارات، كما احتضنت العاصمة، أواخر أكتوبر 2017، بطولة "غراند سلام أبوظبي للجودو"، وشهدت مشاركة لاعبِين "إسرائيليِّين"، وتُوّج بعضهم بميداليات.

- لا نُشترى بالمال

وتساءل أبو لبن خلال حديثه لـ "الخليج أونلاين": "كيف لنا أن نقبل أموالاً ووجبات غذائية مصدرها دولة تطبّع مع الاحتلال وتشتري العقارات الفلسطينية وتبيعها للمحتلّ لتشريع وجوده، وتساعده في تصفية القضية الفلسطينية وبيع القدس بأرخص ثمن؟".

وأكّد أن كافة الوجبات التي قدّمتها الإمارات لإفطار الصائمين في المدينة والمسجد الأقصى تم رفضها وتركها في مكانها، مضيفاً: إن "تلك الوجبات لن يقبلها أي مقدسي شريف، خاصة أنه يعلم تماماً مصدرها الحقيقي".

وشدّد أبو لبن على أن أهل مدينة القدس لا يمكن أن تشتريهم بالمال أو الوجبات الغذائية، وسيبقون صامدين ويدافعون عن مدينتهم في وجه كل المخططات التي تُحاك ضدها من قبل الدول العربية و"إسرائيل" والغرب.

وفي ذات السياق قال كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل: إن "الإمارات أعطت الضوء الأخضر لإنهاء القضية الفلسطينية، وشاركت الاحتلال في تنفيذ مخطّطاته ضد مدينة القدس".

وفي تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين"، يؤكّد أن دولة الإمارات تُقدّم الوجبات للصائمين، وهذا الدور "الإنساني" ما هو إلا غطاء لدور آخر تؤدّيه في شراء العقارات المقدسية وبيعها للاحتلال الإسرائيلي.

ولفت الخطيب إلى أن الدور الإماراتي في مدينة القدس شهد تطوّراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وحاولت من خلال بعض المشاريع "الإنسانية" التي تقدّمها في المدينة تحسين مظهرها والتغطية على الجرائم والصفقات التي تجريها مع الاحتلال من تحت الطاولة.

وشدّد على أن الشعب الفلسطيني يفضّل الموت جوعاً على أن يأكل من الأموال التي تُدفع لشراء الذمم والعقارات المقدسية وقتل المسلمين، موضّحاً أن دور الإمارات بات مكشوفاً للجميع، وكل أموالها وتبرّعاتها ستقاطَع من قبل الفلسطينيين.

ويُذكر أنه خلال الأعوام القليلة الماضية شهدت العلاقات العربية-الإسرائيلية تطوّرات متسارعة وغير مسبوقة، وصلت إلى مرحلة الزيارات المتبادلة، منها الرياض وأبوظبي والمنامة، وذلك على ضوء الملفّات الساخنة والشائكة التي تمرّ بها المنطقة.

والأسبوع الماضي، كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية عن لقاء جمع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وسفيري الإمارات والبحرين بالولايات المتحدة، جرى في مارس الماضي.