واشنطن بوست- ترجمة هند القديمي -
علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على الأزمة الكندية السعودية، إثر استدعاء المملكة سفيرها لدى كندا للتشاور، وتجميد التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة معها.
وجاءت تلك الإجراءات السعودية ردا على بيان لوزارة الخارجية الكندية، قال إن كندا تشعر بقلق بالغ إزاء الاعتقالات لناشطي وناشطات المجتمع المدني وحقوق المرأة في المملكة، بما في ذلك "سمر بدوي"، شقيقة الناشط المعتقل "رائف بدوي"، التي تم اعتقالها الأسبوع الماضي.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المملكة لانتقادات خاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، ولا المرة الأولى التي تنتقد فيها كندا الحكومة السعودية منذ اعتقال الناشطات في مايو/أيار الماضي.
لكنها نقلت عن محللين إن ولي العهد السعودي الشاب "محمد بن سلمان"، والذي كان معروفا في الماضي بموقفه المتباطئ في الشؤون الخارجية، بدأ يتعامل مع التحديات الملحوظة من الخارج بتسرع وغضب، حيث أبرزت الأزمة التصعيد السعودي الحازم والسريع تحت وصاية "بن سلمان".
ففي الوقت الذي نال فيه "بن سلمان" المديح لتوجهاته بتغيير المملكة محاولاً تنويع اقتصادها وتخفيف بعض القيود الاجتماعية، تسبب أيضا في إشراك السعودية في صراعات خارجية بما في ذلك حرب أهلية في اليمن وخلاف مع قطر، تكافح المملكة من أجل الخروج منه الآن.
ويقول الباحث "كريستيان أولريتشسين"، بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس: "لقد أصبح نمطًا، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أصبحت القيادة غير قابلة للتنبؤ، وأكثر تقلبًا، إنها تضخ الكثير من عدم اليقين في وقت يحتاج فيه الناس إلى دخول السعودية والتعامل معها".
واعتبر أن القرار السعودي بمواجهة كندا لم يكن اعتباطيا، فهو يرسل رسالة إلى الآخرين الذين قد يفكرون في انتقاد السياسة السعودية، كما فعلت العديد من الدول الأوروبية مع ما يحدث في اليمن.
واتهمت النيابة العامة السعودية بعض الناشطات بإجراء اتصالات مشبوهة مع أطراف أجنبية لم يكشف عن اسمها، لكنها التزمت الصمت بشأن أسباب اعتقالات الأخريات.
وتكهنت مجموعات حقوق الإنسان بأن الهدف من الحملة هو إرسال رسالة مفادها أن القيادة السعودية لن تتسامح مع أي تلميح إلى النشاط السياسي.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، الإثنين، إن الولايات المتحدة "طلبت من الحكومة السعودية معلومات إضافية حول احتجاز عدة ناشطين، وشجعت السعوديين على "احترام الإجراءات القانونية السليمة ونشر المعلومات حول وضع القضايا القانونية".
وفي بيان صدر الإثنين، وصفت وزارة الخارجية السعودية انتقادات كندا لعمليات الاعتقال بأنها "تدخل صارخ في شؤون المملكة الداخلية، ضد المعايير الدولية الأساسية وجميع البروتوكولات الدولية" و "إهانة غير مقبولة لقوانين المملكة وعملية القضاء".
وأعرب البيان عن غضبه بوجه خاص لدعوة كندا إلى إطلاق سراح الناشطين، واصفاً إياها بأنها "تستحق الشجب".
وقالت وزيرة الشؤون الخارجية الكندية "كريستيان فريلاند"، في تغريدة لها قبل أيام إنها "شعرت بجزع شديد" لمعرفة اعتقال "سمر" وإن الحكومة "ستواصل المطالبة بقوة بالإفراج عن كل من رائف وسمر بدوي".
وفي وقت لاحق، نشرت السفارة الكندية لدى السعودية بيان وزارة الخارجية الذي يدعو إلى الإفراج عن المدافعات عن حقوق المرأة على حسابها على "تويتر" باللغة العربية، لضمان أن يقرأه السعوديون على نطاق أوسع.
وقال "أولريتشسين": "بما كان هذا الأمر هو السبب في هذا الرد".
وفي بيان صدر الإثنين، قالت "كريستيان" "إن كندا ستدافع دائما عن حماية حقوق الإنسان ، بما في ذلك حقوق المرأة ، وحرية التعبير في جميع أنحاء العالم".
وتعد السعودية هي ثاني أكبر سوق تصدير في كندا بمنطقة الخليج؛ وتجاوزت الصادرات الكندية إلى المملكة 1.4 مليار دولار كندي في عام 2017 ، وفقًا لإحصاءات كندية.
الغالبية العظمى من الصادرات إلى السعودية هي المركبات والمعدات والتي تضمنت صفقة بقيمة 11.5 مليار دولار لبيع أكثر من 900 سيارة مدرعة خفيفة إلى السعوديين.
هذا الاتفاق الذي تم توقيعه عام 2014 من قبل حكومة المحافظين لرئيس الوزراء وقتها "ستيفن هاربر" تعرض لانتقادات شديدة من قبل جماعات الحقوق المدنية التي قالت إنها كانت مبهمة وأثارت مخاوف من أن الأسلحة سوف تستخدم لتنفيذ انتهاكات حقوق الإنسان.
ووافق "جاستن ترودو"، خليفة "هاربر"، على الصفقة في ربيع عام 2016 عندما بدأت حكومته في إصدار تصاريح التصدير، مشيرا إلى أنه ليس لديه خيار سوى احترام العقود التي وقعتها الحكومة السابقة.
وقالت "كريستيان" في فبراير/شباط إن تحقيقات وزارتها في تقارير تفيد بأن السعودية كانت تستخدم أسلحة كندية الصنع لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان "لم تقدم أي دليل قاطع" لدعم هذه المزاعم.
ولفتت "واشنطن بوست" في سياق تهور القيادة السعودية تحت وصاية ولي العهد إلى حادثة اعتقال السلطات السعودية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" وإجباره على الاستقالة من منصبه. (تراجع عن موقفه فيما بعد).
فعندما بدا أن وزير خارجية ألمانيا ينتقد حادثة "الحريري"، استدعت السعودية السفير الألماني واعتبرت ما صدر عنه "ملاحظات مشينة وغير مبررة".