السلطة » خلافات سياسية

بين موسكو وواشنطن.. السعودية في موازنة جيوسياسية حرجة

في 2018/08/29

أويل برايس- ترجمة شادي خليفة -

قال نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف"، الجمعة، إن "فلاديمير بوتين" يستعد لزيارة السعودية.

وجاء البيان بعد أن تلقى الرئيس الروسي دعوة من الملك السعودي "سلمان" في وقت غير محدد، وفقا للتقارير، وأضاف "بوغدانوف" أن الزيارة على جدول "بوتين".

وكان الملك "سلمان" قد أصبح أول عاهل سعودي يزور روسيا في أكتوبر/تشرين الماضي، واجتمع مع "بوتين" في الكرملين.

ويأتي الإعلان يوم الجمعة بعد أشهر فقط من زيارة ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" لموسكو لحضور حفل افتتاح كأس العالم 2018 حيث اجتمع مع "بوتين" خلال تلك الزيارة.

وفي الوقت الذي رفض فيه "بوغدانوف" الكشف عن ماهية المحادثات، من الواضح أن أسواق النفط العالمية ستكون على رأس جدول الأعمال، وكذلك التطورات في سوريا، كما قد يتم الحديث عن العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، وما قد تحدثه من تخفيض يصل إلى مليون برميل يوميا من النفط من الأسواق العالمية.

وكانت روسيا قد ساعدت السعودية في جلب الاستقرار لسوق النفط ورفع الأسعار، بعد أن فقدت المملكة جميع مقوماتها العملية التي ساعدتها لعقود طويلة على لعب دور المتحكم في أسواق النفط العالمية؛ حيث أحدث إنتاج النفط الصخري الأمريكي ثورة في الأسواق.

وفي أواخر عام 2014، حاولت السعودية دون جدوى مواجهة تلك الثورة بضخ المزيد من النفط إلى السوق وتسبب ذلك في جعل أسعار النفط تنهار إلى مستويات قياسية.

وبحلول عام 2015، كان السعوديون يسبحون في الديون، وكانوا مجبرين على اتخاذ تدابير تقشف غير شعبية سياسيا.

وفي النهاية، تحولوا إلى جمع الأموال بشكل لم يسبق له مثيل من خلال إصدار السندات الدولية، وبالتالي لم يكن أمامهم خيار سوى تشكيل ائتلاف مع منتجين من خارج "أوبك" بقيادة روسيا.

ومن حيث الجوهر، ورغم تحكم الرياض لأعوام في أسواق النفط، لم يعد باستطاعتها الاستغناء عن المساعدة الروسية، وهو موقف يضعف مكانة السعوديين.

وفي أوائل عام 2016، بدأت منظمة "أوبك" والشركاء من خارج "أوبك" في تقليص الإنتاج، ما أدى في النهاية إلى خفض مستويات المخزون النفطي للمنظمة إلى متوسط ​​5 أعوام، وإجبار أسعار النفط على الارتفاع.

وسمحت أسعار النفط الجديدة للمملكة باستعادة جزء كبير من أسواقها النفطية، والبدء في إعادة تعبئة الخزائن التي استنزفتها أعوام الأسعار المنخفضة.

كما سمح انتعاش الأسعار للرياض بتعليق اكتتابها العام لشركة النفط الوطنية "أرامكو". وقال أشخاص مطلعون على الأمر لـ"بلومبرغ"، الأسبوع الماضي، إن التأجيل لا يعني الإلغاء الدائم، ولكن في النهاية، يبقى أن نرى ما إذا كان الإكتتاب العام سوف يتم إنجازه.

قرار صعب

ولكن قد يتم إجبار السعوديين على اتخاذ قرار صعب.

وقالت وكالة "رويترز" للأنباء، إنه في وقت سابق من هذا العام، كان هناك حديث عن اتفاق سعودي روسي أكثر استدامة حول إنتاج النفط، لمدة 10 أو حتى 20 عاما.

لكن يتبقى لنا أن نرى، على الرغم من الاتفاق السعودي الروسي الأخير الناجح على استعادة السيطرة على أسواق النفط العالمية، ما إذا كانت منظمة "أوبك" أو الأطراف من خارج "أوبك"، سيستمرون في هذا الاتفاق على المدى الطويل أم لا.

وفي حين يبدو أن كلا البلدين يضعان جانبا الخلافات الصارخة حول سوريا، تظل هناك العديد من الخلافات الأخرى أبرزها حول كيفية التعامل مع طموحات تطوير الطاقة النووية الإيرانية.

ويتفق معظم الناس على أن السعوديين كانوا وراء إقناع "ترامب" في مايو/أيار الماضي بإعادة فرض العقوبات على إيران، ومع ذلك، خلال حملته لعام 2016، صعد "ترامب" أيضا التوترات مع المملكة العربية السعودية بشأن إنتاج النفط، والمشاكل الأمنية في الشرق الأوسط، وقضايا أخرى، ولكن كل هذا تم نسيانه الآن بعد عامين.

والآن، تستعد روسيا والولايات المتحدة لدخول مرحلة جديدة في سوريا، باستخدام ممثليها المحليين في محاولة أخيرة لإلحاق الهزيمة بالجماعات "المتشددة" على حد وصفها، وقد يضطر السعوديون لاتخاذ قرار صعب بشأن علاقاتهم مع واشنطن وموسكو.

وفي حين أنه من غير المرجح أن تقدم الرياض على إلحاق الضرر بالعلاقات مع أي من الجانبين، لكنها في نهاية المطاف قد تضطر إلى تفضيل أحدهما على الآخر.

وإذا كان الأمر كذلك، فالتاريخ يقف إلى جانب العلاقة الأمريكية السعودية، ومن ناحية أخرى، لم يعد السعوديون في وضع يسمح لهم بالتأثير في أسواق النفط العالمية، وبالتالي فإن رفاههم المالي يعتمد على بلد آخر منتج للنفط، وهي روسيا.