خالد الجابر - لوب لوج-
أجرى ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" زيارة رسمية إلى الكويت في 30 سبتمبر/أيلول، واستغرقت زيارته عدة ساعات فقط. ومنذ عودته إلى المملكة العربية السعودية، تكهن الخبراء بأن الاجتماع جرى على نحو سيء، على الرغم من تصريح وزارة الخارجية الكويتية بالعكس من ذلك، بهدف إلغاء أي شكوك حول التحالف القوي بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ومع ذلك، يبدو أنه تم إحراز تقدم ضئيل في الاجتماع. ووفقا لتقارير إعلامية كويتية، تناولت الاجتماعات بين الوفد السعودي ونظيره الكويتي مجموعة واسعة من القضايا، من التجارة والأمن إلى الثقافة، وفي كل المجالات التي تسعى فيها كلتا الدولتين إلى زيادة التعاون الثنائي في إطار مجلس التنسيق السعودي الكويتي الذي تم إنشاؤه حديثا.
وكان أحد الأهداف الرئيسية لزيارة "بن سلمان" إلى الكويت أن يتناقش المسؤولون السعوديون والكويتيون حول حقول النفط في "الوفرة" و"الخفجي"، الواقعين في المنطقة المحايدة، التي تتقاسمها كل من الدولتين. وفي الواقع، دفعت الأسئلة المتعلقة بإدارة حقول النفط هذه الرياض والكويت إلى تشكيل مجلس تنسيق في وقت سابق من هذا العام.
وتريد كلتا الدولتين زيادة قدرتهما على إنتاج النفط بسبب عقوبات واشنطن على إيران. ومن المتوقع أن تؤدي التدابير الأمريكية إلى انخفاض إنتاج إيران من النفط، إلى جانب انخفاض إنتاج النفط في فنزويلا. لكن بسبب نزاعات السيادة، توقف إنتاج النفط في المنطقة المحايدة منذ عام 2014.
ووفقا لـ "بلومبرغ"، أخفقت المحادثات الأخيرة بين المسؤولين السعوديين والكويتيين في التوصل إلى قرار. ويبدو أن القضايا المتعلقة بدور "شيفرون" في المنطقة المحايدة أوقفت المحادثات.
ولم يتم حل المشكلة الرئيسية التي تتعلق بـ "قضايا السيادة" بين المملكة العربية السعودية والكويت خلال الأعوام الخمسين الماضية. ويريد الكويتيون أن يتم حل ذلك الآن قبل الاستمرار في الإنتاج من تلك المنطقة. وقال "بن سلمان"، في مقابلته مع "بلومبرغ": "أنا على ثقة من أن الحكومتين سيحلان الخلاف، ويبدآن الإنتاج".
وأضاف ولي العهد: "الأمر جيد بين للكويت والمملكة، لذلك أعتقد أن الأمر مسألة وقت حتى يتم حل المشكلة".
خلافات مكتومة
وقبل أن يسافر "بن سلمان" إلى الكويت، البلد الخليجي الذي يقود جهود الوساطة بين الأطراف المتورطة في أزمة قطر الخليجية، كانت هناك تكهنات بأن ولي العهد السعودي سوف يناقش الخلاف مع المسؤولين الكويتيين.
لكن خلو الزيارة الكويتية من الحديث عن الأزمة لم يكن مفاجئا. ويبدو أن الرياض وأبوظبي والقاهرة ليسا في عجلة من أمرهم للتصالح مع الدوحة.
وعلاوة على ذلك، فإن رفض الكويت الانضمام إلى دول حصار قطر، وحرصها على الحفاظ على العلاقات الدافئة مع قطر خلال النزاع داخل مجلس التعاون الخليجي، ما زال يؤجج التوترات بين الكويت والرياض.
وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن الدور المحدود للكويت في الحرب التي قادتها السعودية في اليمن هو ما يفضله "بن سلمان" من قبل حليف وثيق. ويعتقد السعوديون أن الكويت تدين لهم في جميع الشؤون الإقليمية، بعد أن خاضت المملكة حربا لتحرير الإمارة من المحتلين العراقيين عام 1991.
وهكذا، عندما تختلف الكويت مع المملكة حول قضايا أمنية إقليمية رئيسية، فإن القيادة السعودية تشعر بالإحباط. وفي الوقت نفسه، فإن لقضية "جمال خاشقجي" القدرة على زيادة الاحتكاك بشكل كبير بين المملكة العربية السعودية وتركيا، فضلا عن الخلافات بشأن أزمة قطر، والانقلاب العسكري في مصر عام 2013، الأمر الذي غذى التوتر في العلاقة بين أنقرة والرياض. ولذلك، فإن اتفاق التعاون العسكري الذي وقعته الكويت مؤخرا مع تركيا قد يزيد من غضب "بن سلمان"، مع انضمام أسرة "الصباح" إلى الجهد القطري في تسهيل وجود عسكري تركي في شبه الجزيرة العربية.
وعلى الرغم من أن كلتا الدولتين تريدان تعزيز تحالفهما، إلا أن العلاقات الكويتية السعودية تشهد بعض التوتر، وقد فشلت الزيارة الأخيرة في تخفيف حدة هذا الاحتكاك الذي أضر بالعلاقات الثنائية. ومع ذلك، تحاول الرياض الاستفادة من مسألة استئناف إنتاج النفط من المنطقة المحايدة؛ للضغط على الكويت لتغيير سياستها الخارجية الإقليمية تجاه قطر واليمن وإيران.
وفي فترة ما بعد تجميد مجلس التعاون الخليجي، تشكل السياسات الثنائية بيئة الخليج على حساب المصالح الكويتية. ولعقود من الزمان، كانت القيادة الكويتية ملتزمة بالسياسات الشمولية القائمة على مؤسسات قوية تعمق العلاقات العربية العربية والعربية الإسلامية، وتعزز الحوار للتغلب على النزاعات والصراعات.
وفي واشنطن في سبتمبر/أيلول 2017، ذكر أمير الكويت أن العمل العسكري السعودي الإماراتي ضد الدوحة كان خيارا بعد اندلاع أزمة قطر، لكن الوسطاء من الكويت ودول أخرى منعوا اندلاع الحرب. وهكذا تدرك الكويت التهديدات الأمنية الخطيرة لاستقلالها واستقرارها وسيادتها بسبب هذه الأعمال.
وعلاوة على ذلك، تفاقمت المخاطر التي تهدد المصالح الكويتية بسبب تهميش دور مجلس التعاون الخليجي. وفي هذه الأثناء، تتصاعد التوترات بين واشنطن وطهران؛ حيث تشجع إدارة "ترامب" الرياض وأبوظبي والمنامة على اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الجار الفارسي للكويت.
وتؤكد الفجوة بين موقف الكويت من الاتفاق النووي الإيراني، وموقف السعودية والإمارات والبحرين، عدم التكاتف المتزايد بين الكويت والسياسات الخارجية للمملكة وموقف إدارة ترامب العدواني تجاه طهران.
ومن المرجح أن تجد الكويت صعوبة في التنقل بين مناطق الخلاف مع المملكة العربية السعودية، ومع ذلك تظل دولتا شبه الجزيرة العربية الغنيتين بالنفط ملتزمتين بمجلسهما الثنائي للتنسيق. ووفقا للحسابات الكويتية لفترة ما بعد مجلس التعاون الخليجي، فهناك مصالح أساسية، بما في ذلك السيادة الوطنية، يجب على القيادة الكويتية أن تحميها، في وقت يتغير فيه النظام الجيوسياسي في الخليج بطرق تتحدى قدرة الكويت على الحفاظ على استقلالها عن النفوذ السعودي.