السلطة » خلافات سياسية

بالكلام المعسول.. دول الحصار تخطب وُدّ قطر

في 2018/10/30

الخليج أونلاين-

لم تَسلم قطر، خلال 16 شهراً مضت، من حرب شنتها دول الحصار، بدأت ببث تصريحات مشبوهة ومفبركة نُسبت إلى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتصاعدت وتيرتها باتهام الدوحة بـ"دعم الإرهاب"، وزادت بعد فرض الحصار المتواصل منذ 5 يونيو 2017.

لا أحد يستطيع نسيان ليلة 5 يونيو 2017، تلك الليلة التي اجتمعت فيها السعودية وحلفاؤها على قطر، وقرروا حصارها اقتصادياً وقطع كل العلاقات معها.

فهؤلاء اتهموا الدوحة بـ"دعم الإرهاب"، وجيّشوا الكلمات والتصريحات و"الذباب الإلكتروني" على مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه سمعة قطر، التي أكدت أنها تتعرض لمحاولة السيطرة على قرارها السيادي.

لم تكتفِ دول الحصار بذلك؛ بل اتخذت "إجراءات" تستهدف مواطني قطر، واستمرت في حربها الإعلامية على الدوحة، في محاولة لعزلها، لكنها لم تنجح، بشهادة مراقبين.

وبعد أكثر من 500 يوم، ونجاح قطر في تجاوز المحنة خلال أشهر قصيرة من بداية أسوأ أزمة يشهدها الخليج، جاءت قضية خاشقجي لتربك السعودية وتهز مكانتها بالعالم، في ظل تورطها بحرب اليمن وتضييق الخناق على الناشطين والدعاة بها.

تراجع حدّة الهجوم 

استمرت دول الحصار، وعلى رأسها السعودية والإمارات، في كيل التهم التي تستهدف قطر، وفرض إجراءات تعسفية على مواطنيها، ومحاولة تأليب الرأي العام عليها، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وخلال فترة الحصار المتواصلة حتى الآن، بدت دول المقاطعة أكثر تعنتاً وتشدداً في بنودها التي وضعتها كشرط لرفع الحصار عن قطر، في حين واصلت الأخيرة مدّ يد المصالحة، لكن دون شروط مسبقة.

شهر أكتوبر 2018 شهد متغيراً كان الأبرز ضمن أحداث العام كله، انعكس -فيما يبدو- على الأزمة الخليجية، التي لم تنجح أية وسيلة في حلّها، وسط تعنُّت دول الحصار، لكنه بدأ يتراجع مؤخراً.

فقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية الرياض في إسطنبول، أثَّر -بما لا يدع مجالاً للشك- في سير الأزمة التي أحدثت شرخاً في العلاقات الخليجية.

هذا الأمر يمكن ربطه بأن الجريمة وقعت على أرض تركيا، التي تربطها علاقات طيبة بقطر، وما تبعها بعد ذلك من إدانات دولية للسعودية واتهامات بتورط ولي العهد محمد بن سلمان، وسط تصاعد المطالبات بعزله ومحاكمته.

ومن هنا، فإنَّ تصاعد وتيرة الغضب الدولي ضد السعودية حصرها في زاوية ضيقة، فحاولت -على ما يبدو- خفض رأسها لتنجو من العاصفة؛ ولتفلت من عواقب الجريمة، التي حشدت الرأي العام الدولي ضد الرياض.

فالسعودية، التي قاطعت قطر وحاولت حشد العالم ضدها، تحاول اليوم التودد إلى الدوحة؛ في محاولة لتخفيف حدة الغضب الدولي، كما أنها تفعل الأمر نفسه مع تركيا، التي لم تَسلم كذلك من حملات المقاطعة السعودية.

هذا التحليل تترجمه خطوات غير مسبوقة، لم يكن ليراها المواطن الخليجي أو يسمعها، خاصة بعد مقاطعة قطر وفرض الحصار عليها، وهو ما خلق أزمة وُصفت بأنها الأسوأ في تاريخ المنطقة الخليجية.

بن سلمان يتغزل بقطر

خلال كلمة له في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، عزف بن سلمان على وتر العلاقة مع قطر، في محاولة منه –على ما يبدو- للتخفيف من حدة الحملة التي يشنّها العالم عليه.

وقال في حديثه عن اقتصاد الشرق الأوسط: إن "اقتصاد قطر قوي، وسيكون مختلفاً ومتطوراً بعد 5 سنوات.. دول المنطقة هي أوروبا الجديدة اقتصادياً"، على حد تعبيره.

وهذا التصريح الذي يتحدث عن قطر يعدّ الأول من نوعه لأمير سعودي، منذ إعلان المملكة، إلى جانب الإمارات والبحرين ومصر، مقاطعة الدوحة وحصارها.

والتغير الطارئ بالموقف السعودي تجاه تركيا وقطر فسّره مراقبون، بأنه تحوّل ناتج عن زلزال اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، في 2 أكتوبر الجاري؛ والذي دفع المجتمع الدولي لصب جام غضبه على بن سلمان.

وفي الوقت الذي قال فيه محللون إن بن سلمان يحاول حماية رأسه من ضربات دولية قد تنهال عليه، ذهب آخرون للربط بين تغزل ولي عهد السعودية بقطر وفشل سياسته الخارجية.

وزيرا خارجية.. غزل صريح!

يسأل سائل: "هل يُصدّق أن يخرج عادل الجبير وزير خارجية السعودية، ونظيره الإماراتي أنور قرقاش، بتصريحات تمدح قطر، وتدعو إلى تجاوز الأزمة معها؟!".

الإجابة: نعم، فالوضع الذي تمر به السعودية حالياً يراه مراقبون محرجاً لها؛ وهو ما يدفعها، هي وحليفتها في حصار قطر، إلى إطلاق الكلام المعسول ومدح البلد الخليجي المحاصَر.

الجبير تحدث، السبت الماضي، بكلام فيه الكثير من التودّد إلى دولتي قطر وتركيا، على خلاف ما جرت عليه عادة الدبلوماسية السعودية منذ حصار الدوحة.

وقال في مؤتمر صحفي جمعه بنظيره البحريني، خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، على هامش "حوار المنامة"، الذي يُعقد سنوياً في البحرين: إن "تركيا دولة صديقة، والتنسيق العسكري مع قطر لم يتأثر بالتوترات".

وأضاف: إن "دول الخليج العربي، ومعها مصر والأردن، ماضية في المشاورات حول تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، المعروف باسم (ميسا)، أو (الناتو العربي)"، معرباً عن اعتقاده أن "النزاع مع قطر لن يكون له تأثير على التحالف".

وأشار إلى "وجود تمارين بين دول الخليج تشمل قطر، إضافة إلى وجود مسؤولين سعوديين في قاعدة العديد العسكرية القطرية"، مؤكداً أن "التحالف المرتقب لن يتأثر بالخلاف السياسي مع الدوحة".

وفي تغريدة لقرقاش نشرها بتاريخ 27 أكتوبر الجاري، قال: إن "الجبير ونظيره العُماني يوسف بن علوي اتفقا في ردودهما، على محورية مجلس التعاون وديمومته، وقدرة المجلس على تجاوز أزمة قطر".