سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، سيتوجّه الرجال والنساء في البحرين إلى صناديق الاقتراع لاختيار من سيمثّلهم في "المجلس الوطني" الذي يتألّف من أربعين مقعداً على مدى السنوات الأربع القادمة. ويتمتع حوالي 366 ألف شخص من مواطني البلاد الذين يبلغ عددهم 1.3 مليون شخص بالأهليّة للمشاركة في الانتخابات، فلا يشكّلون بالتالي إلّا جزءاً من أكثر من مليونيْن من السكان الذين يدْعون هذه الجزيرة موطنهم، وهو رقمٌ يشمل عمّالاً مغتربين بالإضافة إلى 10 آلاف جندي أمريكي في مقر "الأسطول الخامس" في المنامة.
لكنّ الإحصاء الأكثر أهمية في الوقت الحالي هو نسبة المواطنين الشيعة مقارنةً بالمواطنين السنّة. ويشكّل الشيعة ما يقرب من 65 في المائة من السكّان، على الرغم من أن الحكومة التي يحكمها السنّة قد تجادل ذلك. وتشمل أرقامها الخاصة التي تنشرها حول المجموعات الدينية فئة "الإسلام" من دون أي تقسيم إضافي (لدى البحرين أيضاً مجتمع مسيحي كبير وعدد صغير من اليهود، من بين طوائف أخرى). كذلك، يكمن عنصر السياق الأكثر أهمية عبر الخليج العربي مباشرةً في إيران الشيعية، التي طالبت ذات مرّةً بالجزيرة كمقاطعة، وأصبحت الآن ملاذاً للمعارضين البحرينيين الشيعة ومعسكر تدريب للمسلحين البحرينيين الساخطين.
وقاطعت الجماعة السياسية الشيعية الأساسية في البلاد الانتخابات السابقة في عام 2014. وقد أُوقف عملها منذ ذلك الحين، ويُمنَع قادتُها من المشاركة في الجولة التالية. وهكذا، في الوقت الذي تجاهر فيه الحكومة بسجلّها حول منح المواطنين حق التصويت (ما يقرب من قرن من الزمن) وتوسيع نطاق المشاركة ليشمل النساء (منذ عام 1951)، إلّا أن العديد من المحللين سيركّزون على نسبة المشاركة.
ووفقاً للمنامة، أدلى 67 في المائة على الأقل من الناخبين المؤهّلين بأصواتهم في عام 2010، مما أدّى إلى فوز الجمعية السياسية الشيعية الأساسية، "الوفاق"، بأغلبية ثمانية عشر مقعداً. وفي أعقاب الاضطرابات التي نجمت عن أعمال الشغب المستوحاة من "الربيع العربي" والتي بدأت عام 2011، قاطعت جمعية "الوفاق" انتخابات عام 2014، وتراجعت نسبة المشاركة إلى 52 في المائة. ومع حظر جمعية "الوفاق" هذا العام، فقد تتراجع نسبة المشاركة إلى أقل من 50 في المائة، على الرغم من أن الحكومة ستحاول على الأرجح تجنّب هذا الإحراج من خلال تسليطها الضوء على المرشّحين الشيعة المستقلّين الذين يسعون إلى الفوز بمقاعد.
وعلى أي حال، سيبقى واقع هيكل السلطة في البحرين كما هو: استمرار هيمنة أسرة آل خليفة السنّية الحاكمة. ويرى الملك حمد نفسه ملكاً دستورياً على غرار الملكة إليزلبيث ملكة بريطانيا، على الرغم من تباين نظاميْ حكمهما إلى حدٍ كبير. والملك يسود، لكنّ عمّه - الشيخ خليفة، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء خلال العقود الأربعة الماضية - [هو الذي] يحكم. وهناك بعض أفراد الأسرة الأساسيين الآخرين يشغلون مناصب نائب رئيس الحكومة ووزراء المالية والخارجية والداخلية والعدل وقائد الجيش والسفير في واشنطن.
وتشكّل مساعدة البحرين على اجتياز توتراتها الداخلية والخارجية تحدّياً مستمراً للولايات المتحدة وكذلك لبريطانيا، القوة الإمبراطورية السابقة التي أعادت مؤخراً إنشاء قاعدة بحرية في الجزيرة، وإن كانت أصغر بكثير من الوجود الأمريكي. وقد رحّب كلا البلديْن بالحُكم الذي صدر في حزيران/يونيو والذي برّأ زعيم "الوفاق" الشيخ علي سلمان من التعاون مع قطر، الدولة الخليجية المجاورة التي دخلت معها البحرين والسعودية والإمارات في مواجهة دبلوماسية منذ منتصف عام 2017. وصُدِم البلدان عندما استأنفت الحكومة هذا الحُكم وفرضت حكماً بالسجن مدى الحياة على سلمان في وقتٍ سابق من هذا الشهر.
وربما تكون هذه الخطوة الأخيرة قد نشأت عن الضغوط التي مارستها الرياض وأبوظبي، اللتين اشتركتا مؤخراً مع الكويت لتقديم برنامج إنقاذ مالي كانت البحرين في أمس الحاجة إليه. وردّاً على ذلك، أشار متحدّثٌ باسم وزارة الخارجية الأمريكية بشكل ملحوظ إلى أن الولايات المتحدة "ستواصل المشاركة بانتظام مع حكومة البحرين في مجموعة من المصالح المشتركة، بما فيها أهمية حماية الحريات الأساسية وحقوق الإنسان". وكررت لندن هذه المشاعر في تصريحها الخاص حول هذه المسألة.
وفي الوقت الراهن، ما زال الاضطراب الطائفي المتصاعد في البلاد يولّد اشتباكاتٍ عرضية بين الشباب الشيعي وقوات الأمن. وتُظهر إحدى الخرائط على الموقع الألكتروني للسفارة الأمريكية مساحات كبيرة من الجزيرة (معظمها من القرى الشيعية في المنامة وحولها) محظورة على الموظفين الأمريكيين. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر، أصدرت السفارة الأمريكية إنذاراً يحذّر من "احتمال حدوث مظاهرات في مراكز الاقتراع الانتخابية في جميع أنحاء البلاد، بما فيها الأماكن العامة مثل مراكز التسوق". وبالإضافة إلى صياغتها إطار لمستقبل السياسة في الجزيرة، فقد تحدد عملية الاقتراع في نهاية هذا الأسبوع أيضاً ما إذا كان هذا العنف سيتأجج أو يهدأ.