أفريكا ريبورت-
اعتبر موقع "أفريكا ريبورت" أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" يعاني ضعفا في الخبرة إلى الحد الذي سمح لولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" بالتأثير على سياسة المملكة وتطويعها لإعادة تشكيل المنطقة وفق المصالح الإماراتية.
وذكر الموقع الفرنسي، في تقرير له، أن واقع الانسياق السعودي وراء الإمارات في عديد الملفات الإقليمية منذ عام 2011 لا يعني أن العلاقة بينهما بمستوى التحالف الدائم، وهو ما أظهرته الأزمة الأخيرة لتحالف منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+" بشأن الاتفاق على حصص الإنتاج النفطي بين الرياض وأبوظبي.
فبينما تطالب أبوظبي بزيادة سقف إنتاج النفط لجعلها "عادلة"، ترفض الرياض الانصياع لمطالب جارتها؛ ما اضطر "أوبك+" إلى إلغاء اجتماعه بسبب عدم وجود توافق في الآراء.
وسلط التقرير الضوء على حقيقة أن التحالف بين الرياض وأبوظبي تعزز بقوة مع صعود "بن سلمان" إلى السلطة عام 2015، وكان من نتائجه شن حرب اليمن في إطار تحالف عسكري يستهدف إسقاط انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء.
وفي 5 يونيو/حزيران 2017، قطعت كل من السعودية والإمارات العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر، وكان القرار بإيعاز من "بن زايد"، الذي يعتقد أن الدوحة كانت قريبة جدا من طهران والإخوان المسلمين.
لكن واقع ما جرى لاحقا كشف تدريجيا أن الإمارات تتبنى سياسة انفرادية، حتى إنها انسحبت من التحالف العسكري باليمن لتحقيق مصالحها الخاصة.
وأظهر ذلك أن "بن سلمان"، وإن كان يميل إلى اتباع سياسات "بن زايد"، فإن العكس لم يكن صحيحا بالضرورة؛ إذ يمثل الحوثيون تهديدا حدوديا للسعودية في اليمن، لكن الأمر مختلف بالنسبة للإمارات.
نتيجة لذلك، وفي مواجهة الفشل العسكري والغضب الدولي، انسحب الإماراتيون من التحالف في اليمن عام 2019 ليحتفظوا بوجودهم فقط في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لهم، مثل جزيرة سقطرى ومدينة عدن وأجزاء من الجنوب.
هذا الغضب الدولي صب في معظمه باتجاه السعودية، التي ظهرت كـ"قائد" للتحالف، وهو ما علق عليه الأستاذ بمعهد "ساينس بو باريس"، "ستيفان لاكروا"، بقوله: "تم إلقاء اللوم على السعوديين كثيرا في أخطاء الإمارات".
ومنذ ذلك الحين، يميل البلدان الخليجيان إلى عدم تبني سياسة مشتركة إزاء عديد القضايا الإقليمية، أو حتى التنافس عليها.
في هذا الإطار، يشير "أفريكا ريبورت" إلى قرار "بن سلمان" بإنهاء الحصار المفروض على قطر والاقتراب أكثر من تركيا، ما أثار استياء "بن زايد".
وفي 5 يناير/كانون الثاني 2021، استضاف "بن سلمان" قمة العلا الخليجية، التي أعلنت مصالحة خليجية أنهت 3 سنوات ونصف السنة من حصار قطر، وفي أبريل/نيسان بدأت السعودية مفاوضات مع إيران، بعد 5 سنوات من انهيار العلاقات بين البلدين.
وفي مايو/أيار، وبعد سنوات من التوتر، استقبل وزير الخارجية السعودي في الرياض نظيره التركي، الذي تكره أبوظبي نظامه المقرب من جماعة "الإخوان المسلمين".
وهنا يشير "لاكروا" إلى أن "بن سلمان" يتبنى سياسات مخالفة للإمارات؛ "لأنه بحاجة إلى تأكيد نفسه، حتى لو كان ذلك يعني مواجهته بن زايد".
ومن هذه السياسات، إعلان الرياض أنها ستتوقف عن التعامل مع الشركات الأجنبية التي يقع مقرها الإقليمي خارج المملكة اعتبارا من عام 2024؛ إذ تسعى العاصمة السعودية إلى جذب ما يصل إلى 500 شركة متعددة الجنسيات، في خطوة تهدف إلى نقل المركز الاقتصادي الإقليمي من دبي إلى الرياض.
ويشير الأستاذ بجامعة الكويت "بدر السيف"، في هذا الصدد، إلى أن "السعوديين يشعرون بأنهم لا يرقون إلى مستوى إمكاناتهم وأن بإمكانهم تحمل تحقيق مكانة اقتصادية أكبر بكثير (..) وبهذا المعنى، هناك رغبة متزايدة في المنافسة (مع الإمارات)".
ويرى "السيف" أن أزمة "أوبك+" كشفت أن الإماراتيين خبراء استراتيجيون جيدون، مضيفا: "حتى لو لم يحصلوا على تخفيف في حصة خفض إنتاج النفط، فإنهم يرسلون رسالة حول تنامي قوتهم".
ويعود ذلك بالأساس إلى "خبرة" ولي عهد أبوظبي، الذي أقام تحالفات قوية مع الصين وروسيا والغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، قبل تطبيع العلاقات الإماراتية مع إسرائيل، وحصل بذلك على درجة ثقة معتبرة على الساحة الدولية.
أما "بن سلمان" فهو خارج هذا الإطار، و"لا يزال يُنظر إليه على أنه يتعين عليه إثبات نفسه"، خاصة بعدما تشوهت صورته على خلفية جريمة اغتيال الكاتب الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، حسبما يرى "السيف".