القدس العربي-
نشر موقع «موند أفريك» الفرنسي تقريرا قال فيه إن اجتماعا سرّيا جمع بين وزير الداخلية التونسي المُقال لطفي براهم ورئيس المخابرات الإماراتي في جزيرة جربة جنوب شرق تونس في نهاية شهر أيار/مايو الماضي لبحث انقلاب أمنيّ يستولي على السلطة في تونس ويزيح حكومتها الديمقراطية المنتخبة.
وزارة الداخلية التونسية، المعنيّة بالتحقيق في هذه المزاعم الخطيرة، قالت على لسان وزيرها إنها «لا تتفاعل بتسرع مع المعلومات المتداولة في الإعلام»، ولكنّه وعد بإحالة الأمر للقضاء «إذا توفرت القرائن الجدية».
أما بعض الشخصيات القريبة سياسيا من الوزير (والقريبة من الإمارات أيضا) فقد أسرعت، كما فعل الأمين العام لحركة «مشروع تونس»، إلى اعتبار الأمر برمته «فبركة أجنبية».
ليس سرّا على أي حال أن الإمارات تحاول التدخّل في الشأن التونسي وأنها ترغب في قبر الثورة التونسية ووأد أنموذجها الذي أشعل «الربيع العربي» برمّته.
استمرار النظام السياسي التونسي القائم على تداول السلطات عبر آليات الديمقراطية ونجاحه في تجاوز العقبات السياسية والأمنية يفشل، ببساطة، آلة البروباغاندا السياسية الهائلة التي تموّلها الإمارات وتقودها ضد الثورات العربية، كما يصدّ اشتغالها، المعلن منه والخفيّ، لجرّ المجتمعات العربية إلى حروب أهلية، والعمل على تنصيب سلطات استبدادية يقودها جنرالات جائعون للسلطة أو مرتزقة سياسيون يرتبطون بها مباشرة.
وعليه فإن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض أبو ظبي لاتهامات خطيرة، والتي كان آخرها الكشف عن «شبكة تجسس» تعمل على تشكيل تكتل برلماني من خلال رشوة عدد كبير من النواب ورؤساء الأحزاب بهدف عزل حركة «النهضة» وإخراجها من المشهد السياسي، كما اتهمت بدعم احتجاجات كبيرة شهدتها تونس في بداية العام الحالي ضد قانون المالية.
تدخل الواقعتان الأخيرتان في باب اللجوء للتأثير المالي – السياسي، ولا تنحدران، بالتالي، إلى مستوى التخطيط لانقلاب عسكريّ، ويمكن أن يندرج في ذلك أيضا اتهام أبو ظبي باختراق صفحة الإذاعة الوطنية على موقع فيسبوك وإصدار بيان يدعو إلى «انقلاب عسكري» للرد على قرار تونس بتعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية، فالأمر يتعلّق باختراق صفحة على فيسبوك ولا يشكل خطرا حقيقيا على البلاد.
بغض النظر عما ستفعله السلطات الأمنية التونسية بهذا الاتهام الأخير، فإننا لسنا بحاجة لتأكيد هذه الواقعة أو نفيها لتتبع آثار وبصمات الإمارات وتدخلاتها الفظّة، ليس في تونس فحسب، بل على امتداد العالم العربي.
والأمثلة على ذلك فاقعة وكثيرة، بدءا من دورها في التحريض على المجزرة الكبرى ضد الإخوان المسلمين ومناصريهم في مصر، عبر دعم انقلاب عبد الفتاح السيسي (وهذا هو اسم الحدث الحقيقي)، مرورا بتخطيطها وتنفيذها ودعمها العسكري والأمني والمالي لحركة الجنرال خليفة حفتر في ليبيا..
وليس انتهاء بسجونها في اليمن، وقواعدها في الصومال، واعتمادها القائد الفتحاوي المعزول محمد دحلان، وتمويلها أكراد الناتو في سوريا، وكذلك بعض العشائر التي لا تني تبدّل مواقعها السياسية بين طرف وآخر.
من المؤكد و«الطبيعي» أن أبوظبي تسعى لإفشال التجربة الديمقراطية في تونس، وأن سيناريو الانقلاب العسكري موجود في خطط سياسييها وأمنييها، ولو كان ثمن ذلك دمار تونس وخرابها.